صورة لفتاة مغربية ترتدي "نصف نقاب" أسود مُثيرا، يظهر ساقيها عاريتين وتنتعل حذاءً بكعب عال، خلقت الجدل في مواقع التواصل الاجتماعي، بعدما ظهرت وسط فضاء مهرجان "البولفار" للأغنية الشبابية الذي اختتم يوم الأحد الماضي بالدار البيضاء. العديد من المعلقين على الصورة اختلفوا حول أصلها بين من شكك في أن تكون بالمغرب، ومن اعتبرها استفزازا من مراهقة للشباب المغاربة واستهزاء بالدين الإسلامي، ومن هاجم الفتاة مطالبا السلطات باعتقالها أو إقامة الحدود و"شرع اليد" عليها من طرف كل من شاهدها من المواطنين. ويتعلق الأمر بمشهد أثناء تصوير عمل موسيقي فيلمي للمخرج المغربي هشام العسري، اختار له اسم "مبارزة"، وهو في مراحله الأخيرة، وتجتمع فيه الموسيقى والتمثيل، لمدة تصل إلى 20 دقيقة، ضمن قالب يثير أبرز "الطابوهات" داخل المجتمع المغربي. تعليقات غاضبة وساخرة انهالت على الصورة المثيرة دعوات من طرف مغاربة إلى تنفيذ "حكم الرجم" في حق صاحبتها، وأيضا تدخل الشرطة لاعتقالها بتهمة أنها تسببت في "تسويق صورة مسيئة للإسلام وتشويهه"، فيما استشهد عدد منهم بآيات قرآنية وأحاديث نبوية ذات مضامين بالوعيد بالنار والعقاب لمن يخالف أوامر الله في اللباس ومن يتعدى على الإسلام. معلقة تدعى مريم عبدلاوي كتبت تعليقا موجها لصاحبة الصورة قالت فيه: "لعنة الله عليك، تستهزئي بالنقاب أصلا لو تلبسيه كامل.. باين الوسخ من الشرف الميكروبة"، على حد تعبيرها المسيء، فيما قالت ليما العمراوي: "قال تعالى: يريدون ليطفؤوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون.. خسئت وخسئ مسعاها والله لو فعلوا ما فعلوا لن يستطيعوا هدم الدين". واعتبر البعض الآخر أن الخطوة مؤامرة ضد الإسلام، مثلما كتب طاهر نعوم: "استهزاء بالنقاب لباس زوجات رسول الله ولباس المؤمنات القانتات الحافظات لفروجهن"، ليضيف آخر أن الأمر "مؤامرة ضد الدين لزرع الفتنة"، فيما قالت أخرى تدعى زهر الربى: "هذه عاهرة ماجوسية.. تريد خلق الفتنة"، قبل أن توجه لها دعاء ب"الهلاك في زلزال". فريق آخر من رواد "فيسبوك" لم يصدق أن تكون الواقفة وراء "ميني نقاب" مغربية، كما كتب ادريس أوشت: "لي يعرف يقرا لغة الجسد، من وقفتها وطريقة تصوير ديالها ونظرة العينين واستقامة الجسد رغم الحذاء العالي ورمز الانتصار في اليد.. كيبان بلي ماشي مغربية كتبان عارضة أزياء"، أما معلق آخر فكتب: "النساء جربن كل شيء في الموضة ولَم يبق لهن إلا الزّي السعودي، وهذا اللباس أصبح موضة في بعض المحلات الفاخرة في إيطاليا ويباع بثمن باهظ". تعليقات مثيرة أخرى ذهبت إلى القول بضرورة التدخل الأمني بتهمة ازدراء الأديان. وفي هذا الصدد، كتبت سهام العرايش قائلة: "خاص البوليس يتدخل الاستهزاء بالدين وازدراء الأديان"، فيما قال عبد الحق أصفر: "هادو شادين الحداثة فالعري والجنس والحرية"، ليضيف معلق آخر: "هادي مراهقة حمقاء تريد القول إن الدين في السماء والأرض للنصارى واليهود". العسري: ليست إساءة للإسلام المخرج المغربي الشاب هشام العسري، صاحب سلسلات إلكترونية أثارت الجدل، من قبيل "نو فازلين فتوى" و"الكلام حشاكوم" و"بيصارة أوفردوز"، نفى أن يكون العمل إساءة إلى الإسلام أو إلى المجتمع المغربي، وقال: "العمل فني وليس انتقادا لأنني لست سياسيا، بل فنان أوصل الرسائل لنضع المغربي أمام المرآة ليرى صورته الحقيقية". ويورد العسري، في تصريح لهسبريس، أن العمل المذكور "عبارة عن فيلم موسيقي يتكون من ثلاثة مقاطع أو كليبات، تجتمع في الأخير على شكل فيلم واحد يعالج واقع المرأة في المغرب وتمثل المجتمع المغربي لها، خاصة بعد توالي وقائع التحرش في الأماكن العمومية"، فيما رد على الانتقادات بالقول: "يجب أن نعبر عن آرائنا دون وصاية أو فاشية؛ فلا أحد يستطيع أن يفرض على الآخر طريقة معنية في التفكير والعيش". المخرج المغربي قال إن منهجية اشتغاله الفنية لا تروم الانتقاد أو مواجهة المجتمع بواقعه بشكل مباشر، "بل نحاول أن نعكس هذا الواقع في مرآة حتى يطرح المغربي الأسئلة على نفسه، ونحاول استفزاز وعيه وعقله لنصل إلى مستوى من التصرف السليم والواعي تجاه ظواهر نعيشها بعيدا عن التشنج والصراع"، مضيفا: "نريد أن نعالج ما في المجتمع بلغتنا ووسائلنا بعيدا عن التنظير وإعطاء الدروس واستيراد المبادئ من الخارج".