على هامش أشغال الدورة ال36 لمجلس حقوق الإنسان في مدينة جنيف السويسرية، سلطت منظمة "أوكسفام" العالمية، التي تعنى بمواضيع الفقر والفوارق الاجتماعية، الضوء على قضية المساعدات الغذائية لفائدة ساكنة مخيمات تندوف. وشهد اللقاء مداخلات لأعضاء فريق "أوكسفام" الدولي، تناولوا من خلالها نقص الموارد الغذائية وقسوة العيش في مخيمات تندوف، وطالبوا بضرورة رفع المساعدات لكي تصل إلى المستوى العالمي الذي تحدده المعايير الدولية، محذرين من وقوع كارثة إنسانية بسبب نقص المخزون الاحتياطي من المواد الغذائية لتلبية حاجيات المحتجزين. ورغم أن منظمة "أوكسفام" شددت على ضرورة الابتعاد عن كل ما هو سياسي والتركيز على الوضع الاقتصادي والاجتماعي في المخيمات، إلا أن بعثة الجزائر المعتمدة لدى مجلس حقوق الإنسان عمدت إلى تحويل النقاش عبر مداخلة استفزازية لممثل الجزائر، حمل فيها مسؤولية ما يقع داخل المخيمات إلى السلطات المغربية. ورداً على ذلك، قال سعيد آشمير، عن منتدى العدالة وحقوق الإنسان، في مداخلة له، إن وضعية الغذاء في مخيمات تندوف مرتبطة أساسا بإحصاء الساكنة، مشيراً إلى أن "الجزائر ترفض إحصاء المقيمين بتلك المخيمات للتلاعب في الأرقام لصالح الحصول على مساعدات أكثر". ولفت المتحدث إلى أن هذا الأمر واضح من خلال تصريح السلطات الجزائرية بأن "عدد الصحراويين فوق ترابها يفوق 165 ألف لاجئ، بينما كشفت تقرير حديث صادر عن منظمة هيومان رايتس ووتش أن العدد الإجمالي لا يتجاوز 90 ألفا". وقال الناشط الحقوقي في مداخلة أثارت حفيظة سفير الجزائربجنيف: "إن تقارير، من بينها تلك الصادرة عن برنامج الغذاء العالمي ووكالة غوث اللاجئين، كشفت أن جزءا كبيرا من المساعدات الإنسانية لا يصل إلى المعنيين الحقيقيين بسبب انتهاكات وخروقات تقوم بها الجهات، التي تتسول المجتمع الدولي من أجل الحصول على المزيد من الأموال تحت يافطة المساعدات". وشدد الناشط الصحراوي في مداخلته على أنه "لا يمكن أن نتصور أي حل لقضية معاناة مخيمات تندوف بدون إرساء معايير صارمة لإحصاء الساكنة وفتح المجال أمام المنظمات الدولية حتى نتمكن من تقديم مساعدات حقيقية للصحراويين". بدورها، أكدت عائشة ادويهي، رئيسة المرصد الصحراوي للسلم والديمقراطية وحقوق الإنسان، أن الوضع الكارثي في مخيمات تندوف راجع بالأساس إلى التلاعبات التي يقوم بها تنظيم البوليساريو برعاية الجزائر. وعادت الحقوقية للتذكير بتقرير الاتحاد الأوروبي الذي وجه اتهاما صريحا للجارة الشرقية، في سابقة من نوعها، بكونها تقوم بالاستغلال المنظم للمساعدات الموجهة لساكنة مخيمات تندوف. وأكد تقرير الاتحاد الأوروبي، بعد كشف نتائج تحقيق قاده مكتب محاربة الغش، تورط الجزائر في المتاجرة في المساعدات الإنسانية المخصصة أساسا للتخفيف من محن ساكنة الحيز الترابي الذي تتواجد عليه جبهة البوليساريو. وأكدت حينها مديرة مكتب محاربة الغش أنها تتوفر على أسماء الأشخاص الذين يتاجرون بالمساعدات الإنسانية وسط الجزائر، قائلة: "إن هؤلاء يقومون بالاستيلاء على ما يتم تقديمه من لدن الأوروبيّين بعد نقله صوب ميناء مدينة وهران..هناك يتم الاحتفاظ بجزء لبيعه، بينما جزء بسيط هو الذي يتم توجيهه إلى المخيمات". من جهته، قال عبد الوهاب الكائن، الكاتب العام لمرصد الصحراء للسلم والديمقراطية وحقوق الإنسان، في تصريحات لهسبريس، إنه من خلال الرصد الذي تقوم به جمعيته غير الحكومية، على مستوى منطقة الصحراء والساحل، لا يمكن الحديث عن الحق في التغذية في مخيمات تندوف بينما تواصل الدولة المضيفة عدم سماحها للمنظمات الحقوقية الدولية بالوقوف على الأوضاع عن كثب. وأشار عبد الوهاب إلى أنه رغم ما كشفه تقرير المكتب الأوروبي الذي فصل في كيفية تهريب المساعدات الإنسانية الدولية، إلا أنه لم تتم محاسبة المتورطين في ذلك؛ "بل إن العديد من الأسماء التي ذكرت في التقرير سواء في الجزائر أو في البوليساريو لازالت تتولى مناصب قيادية".