طالبت الفدرالية الوطنية للجمعيات الأمازيغية بفتح تحقيق برلماني، أو قضائي، لمعرفة الأسباب والدواعي التي جعلت المسؤولين المغاربة غير ملتزمين بتفعيل ما جاءت به الوثيقة الدستورية من مكتسبات للأمازيغية، التي جرى التنصيص على رسميّتها إلى جانب العربية. مطلب الفدرالية الوطنية للجمعيات الأمازيغية بفتح تحقيق مع المسؤولين الذين قالت إنهم "عصوا المستجدّات الدستورية" جاءت في رسالة مفتوحة وجّهتها إلى كل من رئيس الحكومة، ووزير التربية الوطنية، بشأن ما وصفتْه ب"الإجهاز على تدريس الأمازيغية بالمؤسسات التعليمية في التعليم الابتدائي في الموسم الدراسي الحالي". الفدرالية الأمازيغية اعتبرت، في رسالتها، أنَّ مسارات الأمازيغية في عدة قطاعات حكومية "مسّها تراجع خطير، وبالأخص في مجال التربية والتكوين، الذي يعدّ، حسب الفصل الخامس من الدستور، ضمن المجالات ذات الأولوية لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية". ومنذ سنة 2003، وُقعت اتفاقية بين وزارة التربية الوطنية والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، بموجبها تم قرار الإدماج التدريجي للغة الأمازيغية في المنظومة التعليمية. وجاء دستور 2011 ليعزز المكتسبات المحققة في هذا المجال، لكنّ الفدرالية الوطنية للجمعيات الأمازيغية تعتبر أنّ وتيرة تدريس الأمازيغية وتعميمها تعرف تراجعا ملحوظا. الهيئة ذاتها عبّرت في رسالتها إلى رئيس الحكومة ووزيره في التربية الوطنية عن رفضها التراجع عن تدريس الأمازيغية بمجموعة من المدارس الابتدائية التجريبية والنموذجية في المدن والعالم القروي، من خلال تكليف الأساتذة المتخصصين بتدريس مادّة غير مادّة تخصصهم، معتبرة أنّ ذلك يشكّل "إجهازا على حق المتعلمين في تعلم الأمازيغية، وضربا لكل المواثيق والاتفاقيات الوطنية والدولية في هذا الشأن عرض الحائط". واستعرضت الفدرالية ذاتها جملة من مظاهر تراجع تدريس الأمازيغية في المؤسسات التعليمية، من قبيل "التضييق على أساتذة الحركة الانتقالية الجهوية والوطنية المتخصصين في تدريس اللغة الأمازيغية من طرف مديري مؤسسات التعليم الابتدائي وتهديدهم بإجراءات إدارية لا تمت بصلة للتشريع التربوي، رغم توقيع أساتذة اللغة الأمازيغية الالتحاق بمؤسساتهم، وكذا حق اختيارهم تدريس اللغة الأمازيغية بسقف زمني يبلغ ثلاث ساعات في كل حصة تغطي ثمانية أقسام، وإجبار أساتذة متخصصين في تدريس الأمازيغية على تدريس موادَّ أخرى غير المادة التي تخصصوا فيها في المراكز الجهوية للتربية والتكوين". في هذا الإطار قالت الفدرالية الوطنية للجمعيات الأمازيغية إنّ وزارة التربية الوطنية أقدمت، في السنوات الأخيرة، على تحويل العديد من أساتذة اللغة الأمازيغية إلى تدريس اللغة العربية، وقدّمتْ جرْدا بالأقاليم التي جرتْ فيها هذه العملية، وأسماء المدارس التي تمّ تحويل أساتذة اللغة الأمازيغية بها إلى تدريس اللغة العربية، في كل من الناظور والدريوش وكلميم. وطالبت الفدرالية ذاتها رئيس الحكومة ووزيره في التربية الوطنية بإعمال مقترحات الحركة الجمعوية المقدمة في إطار ترافعها من أجل قانون تنظيمي فاعل ومنصف للأمازيغية، كما طالبت بفتح تحقيق برلماني أو قضائي "لمعرفة الأسباب والدواعي التي دفعت بالمسؤولين إلى عصيان مستجدات الوثيقة الدستورية، والتلاعب بقيم المواطنة والحقوق الجوهرية للمواطنين والمواطنات". وطالبت الجهة ذاتها، كذلك، بإعادة صيانة المكتسبات الدستورية والتشريعية والقانونية المتعلقة بالأمازيغية، "بما يضمن إنصافها كلغة رسمية دون تماطل أو تلكؤ؛ وذلك بتحديد خريطة طريق تنميتها ومأسستها في مختلف الأسلاك التعليمية على الصعيد الوطني، والاهتمام بتفعيلها في مخطط الرؤية الإستراتيجية 2015-2030 أسوة باللغة العربية". ومن جملة المطالب التي تضمنتها رسالة الفدرالية دعوتها البرلمان بغرفتيْه وفِرقه البرلمانية إلى تقديم ملتمس استدعاء وزير التربية الوطنية "لمساءلته في الموضوع وتقديمه للتوضيحات المطلوبة، وضمان عدم تكرار ما جرى"، و"إعادة هيكلة تشكيل وزارة التربية الوطنية على أسس مبنية على قيم ومبادئ التنوع والتعدد المكرس للانتماء المشترك ولوحدة لا مركزية للوطن".