في وقت تُبدي الحكومة عزمها على إطلاق مسار ممأسس للحوار الاجتماعي خلال الأيام المقبلة، تشكك المركزيات النقابية في ذلك، وتعتبر أن "حالة الجمود التي عاشتها الشغيلة المغربية مع الحكومة السابقة ستكرر، بالنظر إلى غياب الإرادة السياسية للحكومة الحالية". وفي الصدد ذاته، وجهت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل رسالة إلى رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، تذكره من خلالها بضرورة "فتح حوار عاجل تفاوضي لمعالجة الملفات المطلبية للطبقة العاملة"، مشيرة إلى "رفض مقاربة الدولة في منظورها المتعلق ببناء مغرب الديمقراطية والتقدم والتنمية والعدالة الاجتماعية". وحذر عبد القادر الزاير، نائب الكاتب العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، من الوضع الاجتماعي في المغرب، الذي بات على حد تعبيره "مقلقاً ولا يحتمل التجاهل الحكومي"، في ظل "تغييب الحوار الاجتماعي"، متهماً الحكومة بنهج "سياسة الهروب إلى الأمام". واعتبر القيادي النقابي، في تصريح لهسبريس، أن "الدخول الاجتماعي لهذه السنة هو الأسوأ في تاريخ الحكومات، نظراً لما خلفه بنكيران من ملفات متراكمة منذ سنة 2011"، لافتاً إلى أن "ديونا كثيرة لازالت في حوزة الحكومة، وهي مطالبة بسدادها لتحسين ظروف العمل والعيش". وشدد المسؤول في نقابة CDT على أن رئيس الحكومة "مطالب بإيلاء اهتمام بالمطالب الاجتماعية كما يفعل مع المطالب السياسية والاقتصادية"، وأكد أن نقابته تدارست جميع الخطوات النضالية المرتقبة في حالة استمرار حكومة العثماني في نهج "سياسة التماطل"، على حد تعبيره. وفي الاتجاه ذاته، تعقد الأمانة الوطنية للاتحاد المغربي للشغل، اليوم الثلاثاء، اجتماعاً مركزياً في مدينة الدارالبيضاء، لتدارس حصيلة الحكومة بخصوص الحوار الاجتماعي، وأيضاً الملفات العاجلة، وتحيين الملف المطلبي قبل الدخول في جلسات مباشرة مع رئيس الحكومة. وسبق للأمين العام للاتحاد المغربي للشغل أن أكد أن حكومة العثماني ومنذ تعيينها عقدت لقاء "واحدا ويتيما" مع النقابات، حيث تعهد رئيس الحكومة بفتح حوار اجتماعي وسن مقاربة تشاركية حول مجموعة من الملفات، مضيفا أنه على الرغم من مرور عدة أشهر على تعيين الحكومة "لم تقدم أي إشارة على عزمها الالتزام بحوار اجتماعي صادق، والاستجابة للمطالب العادلة والمشروعة للطبقة العاملة وعموم المأجورين". وذكر موخاريق أن رئيس الحكومة أعلن، حين تطرقه إلى المحور الاجتماعي خلال عرضه للبرنامج الحكومي أمام البرلمان، مراجعة مدونة الشغل، وإصدار "القانون التنظيمي المتعلق بحق الإضراب دون استشارة الفرقاء، خلافا لتوجهات السلطات العليا التي طالبت بفتح مشاورات واسعة حول القانون"، معتبرا هذا الأخير "قانونا تكبيليا لحق الإضراب" . وحذر موخاريق من المواقف التي اتخذتها الحكومة ضد الطبقة العاملة، مشيرا إلى أن الدخول الاجتماعي لهذه السنة سيكون "ساخنا واستثنائيا"، وأن النقابات "لا تريد اجتماعات بروتوكولية، بل تريد حوارا اجتماعيا يعود بالنفع وبنتائج ملموسة على الطبقة العاملة، من زيادات في الأجور وتحسين لنظام التعويضات، وتطبيق قوانين الشغل، وتجميد الإصلاحات المتعلقة بنظام التقاعد التي مررتها الحكومة السابقة دون أدنى استشارة أو موافقة".