"TGV" القنيطرة – مراكش سيربط 59 % من الساكنة الوطنية وسيخلق آلاف مناصب الشغل    الملك يقيم مأدبة عشاء على شرف المدعوين والمشاركين في الدورة ال 17 للملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب    كاتبة الدولة الدريوش تؤكد من أبيدجان إلتزام المملكة المغربية الراسخ بدعم التعاون الإفريقي في مجال الصيد البحري    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    الجزائر.. منظمة العفو الدولية تدين "تصعيد القمع" واعتقالات "تعسفية" وملاحقات "جائرة"    رفضا للإبادة في غزة.. إسبانيا تلغي صفقة تسلح مع شركة إسرائيلية    جرادة.. ضابط شرطة يطلق النار لتتوقيف ممبحوث عنه واجه الأمن بالكلاب الشرسة    إنزكان… توقيف شخص للاشتباه في تورطه في قضية تتعلق بالضرب والجرح باستعمال أداة راضة    الزلزولي يعود للتهديف ويقود بيتيس نحو دوري الأبطال    قبل 3 جولات من النهاية.. صراع محتدم بين عدة فرق لضمان البقاء وتجنب خوض مباراتي السد    عادل السايح: التأهل إلى نصف نهائي كأس أمم إفريقيا للفوتسال سيدات ليس وليد الصدفة    الصين تنفي وجود مفاوضات تجارية مع واشنطن: لا مشاورات ولا اتفاق في الأفق    انهيار.. ثلاثة عناصر من "البوليساريو" يفرّون ويسلمون أنفسهم للقوات المسلحة الملكية    هذه توقعات الأرصاد الجوية اليوم الجمعة    حين يصنع النظام الجزائري أزماته: من "هاشتاغ" عابر إلى تصفية حسابات داخلية باسم السيادة    رواد سفينة الفضاء "شنتشو-20" يدخلون محطة الفضاء الصينية    المديرة العامة لصندوق النقد الدولي: المغرب نموذج للثقة الدولية والاستقرار الاقتصادي    من قبة البرلمان الجزائر: نائب برلماني يدعو إلى إعدام المخنثين    الدليل العملي لتجويد الأبحاث الجنائية يشكل خارطة طريق عملية لفائدة قضاة النيابة العامة وضباط الشرطة القضائية    الشيخ بنكيران إلى ولاية رابعة على رأس "زاوية المصباح"    "الإيسيسكو" تقدم الدبلوماسية الحضارية كمفهوم جديد في معرض الكتاب    الوقاية المدنية تنظم دورة تكوينية في التواصل للمرشحين من السباحين المنقذين الموسميين بشواطئ إقليم العرائش    أكاديمية المملكة المغربية تسلّم شارات أربعة أعضاء جدد دوليّين    "بوكر" تتوّج رواية "صلاة القلق"    القرض الفلاحي يعزز التزامه برقمنة وتحديث المنظومة الفلاحية من خلال شراكات استراتيجية جديدة    الرباط …توقيع ديوان مدن الأحلام للشاعر بوشعيب خلدون بالمعرض الدولي النشر والكتاب    الخط فائق السرعة القنيطرة-مراكش سيجعل المغرب ضمن البلدان التي تتوفر على أطول الشبكات فائقة السرعة (الخليع)    "اللبؤات" يبلغن نصف نهائي "الكان"    الحكومة تعتزم رفع الحد الأدنى للأجور الى 4500 درهم    بعثة المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة تصل إلى القاهرة للمشاركة في كأس إفريقيا    إحباط محاولة لتهرييب المفرقعات والشهب النارية ميناء طنجة المتوسط    مهرجان "السينما والمدرسة" يعود إلى طنجة في دورته الثانية لتعزيز الإبداع والنقد لدى الشباب    امطار رعدية مرتقبة بمنطقة الريف والواجهة المتوسطية    وزير الزراعة الفلسطيني يشيد بالدعم المتواصل لوكالة بيت مال القدس الشريف للمزارعين المقدسيين    الأخضر ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    97.6 % من الأسر المغربية تصرح إن أسعار المواد الغذائية عرفت ارتفاعا!    هل يُطْوى ملفّ النزاع حول الصحراء في‮ ‬ذكراه الخمسين؟    السجن لشرطيين اتهما ب"تعذيب وقتل" شاب في مخفر الأمن    رفع قيمة تعويض الأخطار المهنية للممرضين والإداريين والتقنيين.. وإقراره لأول مرة للأساتذة الباحثين بالصحة    واتساب تطلق ميزة الخصوصية المتقدمة للدردشة    الوداد ينفصل عن موكوينا ويفسح المجال لبنهاشم حتى نهاية الموسم    جماعة بوزنيقة تؤجل جلسة كريمين    نبيل باها: الأطر المغربية تثبت الكفاءة    قادة وملوك في وداع البابا فرنسيس    كردية أشجع من دول عربية 3من3    دراسة: النوم المبكر يعزز القدرات العقلية والإدراكية للمراهقين    روبي تحيي أولى حفلاتها في المغرب ضمن مهرجان موازين 2025    الصين تنفي التفاوض مع إدارة ترامب    الدورة الخامسة للمهرجان الدولي للفيديوهات التوعوية: منصة للإبداع المجتمعي تحت شعار "مواطنة مستدامة لعالم يتنامى"    وعي بالقضية يتجدد.. إقبال على الكتاب الفلسطيني بمعرض الرباط الدولي    إصابة الحوامل بفقر الدم قد ترفع خطر إصابة الأجنة بأمراض القلب    الحل في الفاكهة الصفراء.. دراسة توصي بالموز لمواجهة ارتفاع الضغط    أمريكا تتجه لحظر شامل للملونات الغذائية الاصطناعية بحلول 2026    المغرب يعزز منظومته الصحية للحفاظ على معدلات تغطية تلقيحية عالية    لماذا يصوم الفقير وهو جائع طوال العام؟    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من تجربتي مع الإدارة العمومية
نشر في هسبريس يوم 01 - 09 - 2017


(2)
خويا الموظف/أختي الموظفة، أش خسرتي إذا تبسّمتي؟
من علامات الرقي أن يلقى الإنسان أخاه الإنسان بتحية طيبة ووجه بشوش. فردّ السلام واجب في الإسلام والبدء به طاعة وقربة وابتسامتك في وجه أخيك صدقة -كما بين النبي صلى الله عليه وسلم-. عندما يبدأك شخص بالسلام أو يتبسّم في وجهك، فإن صدرك ينشرح له لا محالة،فتطمئن له نفسك وتتقارب بينكما المسافة وتزول الكلفة. كما أن الابتسامة في وجه الإنسان وإلقاء التحية عليه من شأنه أن يدخل عليه الفرح والسرور، وهذه أيضا طاعة وقربة لله تعالى. أما الذي يبخل بالتحية ويبخل بطلاقة الوجه على الآخرين -رغم أن هذا لا يكلفه شيئا-، فلا شك سيبخل عليهم بشتى أنواع المعروف التي قد تكلّفه كبذل المال والوقت والجهد وقضاء الحوائج. هذا المفهوم يتماشى تماما مع القول المأثور: "اطلبوا الحوائج عند حسان الوجوه" أو "التمسوا الخير عند حسان الوجوه". فلو فرضنا أن لإنسان حاجة سيطلبها من أحد شخصين بشوش وعبوس، فلا شك سيطلبها من البشوش لأنه سيتوسم فيه الخير أكثر من ذي الوجه العبوس.
بعض الناس لا ينظر إلى الآخرين بوجه عبوس فقط، بل بوجه مخيف ومرعب وكأنه يريد قبض أرواحهم أو قطع أرزاقهم. هذا النوع من الناس هو الذي قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم – في حقه : "من نظر إلى مسلم نظرة يخيفه فيها بغير حق، أخافه الله يوم القيامة "(رواه الطبراني).
إذا كان خفض الجناح وإلقاء السلام وبشاشة الوجه مطلوبا من الإنسان تجاه أخيه الإنسان بشكل عام، فإن هذه الاخلاق أشد طلبا في حق مسؤولي وموظفي الإدارة العمومية تجاه المواطنين. لأن الترحيب وحسن الاستقبال يترك أثرا عميقا في نفسية المواطن ربما لا يقدره الموظف والمسؤول حق قدره، إذا قد يدخل عليك السرور بحركة أوكلمة طيبة قد لا يلقي لها بالا، وقد يغضبك ويجرح كرامتك أيضا بحركة أو كلمة سيئة ربما بقصد أو بغير قصد. وهذا ما حدث معي بالفعل من خلال تجربتين مختلفتين متناقضتين مررت بهما.
التجربة الأولى:حدثت معي في هولندا، لما قصدت القنصلية المغربية من أجل تسجيل أحد أبنائي المولود حديثا في سجل الحالة المدنية فسألت الموظفة حينها عن ما علي فعله. ولأن الإجراءات كانت معقدة بعض الشيء، اضطررت لتكرار السؤال. إلا أن الموظفة ضاقت ذرعا بسؤالي العادي والمشروع جدا، فانفجرت في وجهي قائلة: "أسيدي راه اللي كان قلتو ليك...وراني عييت بالهدرة...النهار كامل وأنا نهدر...!!!". لم أكن لأحتمل وقاحة هذه الكائنة فقلت لها: "لم أسألك شوقا إلى سماع صوتك، لقد سألتك سؤالا له علاقة بعملك ومن واجبك أن تجيبي المواطنين بأدب واحترام وإذا كنت عاجزة عن ذلك فابحثي عن عمل آخر...". ورغم أن هذه التجربة مر عليها ما يزيد عن عشرة أعوام، إلا أنها لا تزال عالقة في ذهني لأنني أحسست من خلالها بالإهانة وسوء المعاملة. وإذا كانت هذه التجربة تركت كل هذا الأثر في نفسي رغم أني ولدت ونشأت في المغرب (يعني: متوالف والحمد لله)، فما هو الأثر الذي قد تتركه مثل هذه التصرفات في نفوس أولاد الجالية المغربية الذين ولدوا في الغرب ونشأوا فيه، عندما يقارنون هذا السلوك بالطرق التي يُستقبلون بها في الإدارات التابعة لدول الإقامة؟ربما لهذا السبب يتخلى الكثير من شبابنا المزدوج الجنسية عن وثائقهم المغربية كجواز السفر وبطاقة التعريف ولا يجدّدونها بعد انتهاء صلاحيتها!
التجربة الثانية:مررت بها خلال عطلتي الأخيرة في المغرب لما قصدت المقاطعة من أجل الحصول على بعض الوثائق فقيل لي عليك أن تسأل القايد. قصدت مكتب قايد المقاطعة بالفعل فطرقت الباب ثم دخلت. كانت المسافة الفاصلة بين الباب ومكتب القايد حوالي أربعة أمتار، قطعت نصفها وتركت مسافة بيني وبين مكتب سعادته. بعد أن ألقيت عليه السلام من بعيد وقبل أن أشرع في ذكر حاجتي، فاجأني القايد بتحركه تجاهي ومدّه يده ليصافحني ويصافح ابني الذي كان بصحبتي! ارتبكت قليلا وأحسست بشيء من الخجل لأن الأدب كان يقتضي مني أن أبدأه أنا بالمصافحة، إذا أنا من قصدت مكتبه. بعد المصافحة وما صاحبها من تحية وسؤال عن الأحوال وابتسامة لم تفارق وجه القايد خلال هذا كله، أخذ مني الوثائق التي كانت معي فاطلع عليها ثم نادى المقدم وأمره أن يقف بجانبي ويساعدني فيما أريد. قبل أن أنصرف من مكتب القايد، ونظرا للانطباع الذي تركه حسن استقباله هذا في نفسي قلت له: أعتذر لسعادتك عن عدم بدئك بالمصافحة ثم قلت له: إنني لم أفعل ذلك تكبرا ولا جفاء ولو كنت دخلت على شخص آخر من غير رجال السلطة لصافحت، لكن تجاربنا وثقافتنا -مع الأسف- علمتنا أن رجال السلطة ليسوا كباقي الناس! لهذا السبب لم أجرؤ على بدئك بالمصافحة خوفا من أي ردة فعل قد تجرح كرامتي (كأن تترك يدي مبسوطة دون رد المصافحة)، لكنك فاجأتني بتواضعك وحسن خلقك. شكرا لك سعادة القايد وكم أتمنى لو كان كل مسؤولي وموظفي الإدارة العمومية بهذا المستوى من الخلق والتواضع، الله يكثر من أمثالك.
انصرفت من مكتب سعادته منشرح الصدر متسائلا بيني وبين نفسي:
-هل يتلقى موظفوا الإدارة العمومية تكوينات في مجال عملهم قبل أن تسند إليهم أي مهام؟
-إن كان هناك تكوين، فهل يتضمن هذا التكوين تدريب الموظفين على مهارات التواصل مع المواطنين وكيف يجب أن يتم استقبالهم والتعامل معهم؟
-لماذا يختلف استقبال الموظفين للمواطنين وتعاملهم معهم في القطاع الخاص عنه في القطاع العام؟ حيث يستقبلونك بالحفاوة والترحيب هناك، بينما يستخسر فيك بعضهم حتى النظرة والابتسامة هنا؟ بل إن تصرف نفس الموظف قد يختلف من مواطن لآخر فيحسن استقباله للبعض ويسوء للآخرين حسب المعرفة والقرابة والمكانة في المجتمع؟ألسنا كلنا مواطنين؟
في الأخير أقول: إنني لا أعمّم طبعا، فمن موظفي ومسؤولي الإدارة العمومية من يحسنون استقبال المواطنين ويخلصون في قضاء حوائجهم وقد ذكرت تجربتي مع القايد تنويها بهذه النماذج، لكن لا أحد ينكر أن من موظفي الإدارة العمومية ومسؤوليها أيضا من يجعلك تكره ولوج الإدارة بسوء استقبالهم وسوء معاملتهم. ورغم أنه قد تكون للموظفين أحوالهم الخاصة كعدم الرضى عن ظروف العمل أوالمعاناة نتيجة لمشاكل أسرية مثلا، إلا أن هذا كله وغيره لا يبرّر سوء استقبال المواطنين الذين لا ذنب لهم فيما قد يعانيه موظفوا الإدارة العمومية من أحوال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.