تعيش مجموعة من الأسر المصنفة ضمن الفئة متوسطة الدخل بمدينة خريبكة، خلال الأسابيع التي تسبق عيد الأضحى من كل سنة، حالة استنفار قصوى من أجل توفير قسط من المال لشراء أضحية تناسب أوضاعها المادية والاجتماعية؛ فيما تقف عائلات أخرى عاجزة كليا عن شراء أرخص ما يُمكن تقديمه قربانا لله بمناسبة "العيد الكبير". وفي الوقت الذي تتحمل الأسر المعوزة مختلف أشكال الضغوط الممارسة من لدن أطفالها، تتدخل بعض الجمعيات النشيطة في مجال التكافل الاجتماعي من أجل توفير أضاحي العيد لأكبر عدد من الأسر الفقيرة بمدينة خريبكة، بحسب ما استطاعت كل جمعية توفيره من موارد مالية، حتى تتمكن من إدخال الفرحة على المستهدفين من مبادرتها الإنسانية. جمعية هناء للأعمال الخيرية والاجتماعية من بين الجمعيات المهتمة بالتكافل الاجتماعي بمدينة خريبكة؛ فقد أكّد مراد فريد، رئيس مكتبها الإداري، أن "توزيع أضاحي العيد يدخل ضمن الأنشطة الإنسانية والخيرية للجمعية، على غرار مجموعة من الجمعيات بمدينة خريبكة التي تحاول قدر المستطاع الوقوف بجانب الأسر المعوزة، خاصة بمناسبة عيد الأضحى"، مضيفا أن "عدد الأسر المستفيدة يختلف من سنة إلى أخرى، بحسب المساهمات المادية وأسعار الأضاحي". وأوضح مراد فريد، في تصريح لهسبريس، أن "الجمعية تختار الأسر المعوزة بناء على معايير محدّدة؛ من بينها غياب الدخل القار، أو التوفر على دخل غير كافٍ لشراء أضحية العيد، كما يتم استهداف بعض الأسر المتعففة التي تضم بين أفرادها أيتاما أو مرضى في صفوف المعيلين وأولياء الأمور، حتى تكون الاستفادة مرتبطة بأسباب منطقية ومقبولة". وشدّد المتحدث ذاته على أن "التنسيق في ما بين الجمعيات يعدّ إجراء ضروريا بمناسبة عيد الأضحى، من أجل توسيع دائرة الاستفادة، من جهة، وتفاديا لاستهداف الأسرة الواحدة من لدن جمعيتين مختلفتين؛ غير أن العملية تتم في سرية تحفظ كرامة المعنيين بالأمر"، مضيفا أن "مرحلة توزيع الأضاحي تتم قبل يوم واحد من العيد، وذلك بشكل سري يحفظ ماء وجه الأسر أمام الجيران، حيث يتم في الغالب التواصل مع الأسرة من أجل الحضور لأخذ أضحيتها بنفسها". وعن الموارد المالية المخصصة لشراء أضاحي العيد، أوضح مراد فريد أن "الدعم يأتي من أشخاص ذاتيين أو معنويين ومتعاطفين مع المبادرة، كما يتم التركيز على واجبات انخراط أعضاء الجمعية، والتواصل مع الأصدقاء والأسر الميسورة لتشجيعها على الانخراط في العملية، كما يبادر أشخاص آخرون ويتصلون بالجمعية للمساهمة ماديا أو من خلال توفير الأضاحي لتكليف الجمعية بتوزيعها". أما الصعوبات التي تعترض طريق العاملين في المجال، فقد ربطها فريد ب"محاولة بعض الأسر الاستفادة أكثر من مرة، عبر التواصل مع جمعيات مختلفة، إضافة إلى الاتصالات المتعددة التي تتلقاها الفعاليات الجمعوية من أسر معوزة، في الوقت الذي تعجز فيه الجمعية عن إرضاء جميع المتصلين، والوقوف بجانب كل الحالات الإنسانية بالمدينة"، مشدّدا على أن "تزامن عيد الأضحى لهذه السنة مع العطلة الصيفية والدخول المدرسي حال دون تمكن الجمعية من الحصول على مساهمات في المستوى المطلوب". وعن موقف السلطات تجاه المبادرة المذكورة، أوضح رئيس جمعية هناء أنها "تنهج الحياد الإيجابي، حيث لا تمنع ذلك النشاط ولا ترخّص به؛ وهو ما يعطي للعاملين في المجال فرصة الاشتغال في أريحية، ولا يطالهم أي تضييق من لدن السلطات، إلا إذا ارتبط الأمر بقرار وطني يمنع الجميع من توزيع الأضاحي، خاصة إذا تزامن العيد مع الاستحقاقات الانتخابية"، مشدّدا على أنه "في كل مجال نجد الصالح والطالح، وللضمير والمواطنة دور كبير في تحديد النوايا من الانخراط في المبادرة". وبخصوص طبيعة الجمعيات المهتمة بتوزيع الأضاحي على الأسر المعوزة، أوضح مراد فريد أن "أغلب الجمعيات في المدينة تنخرط بطريقة أو بأخرى في العملية، سواء كانت جمعية حيّ سكني أو جمعية مسجد أو غيرهما"، مؤكّدا أن "المناسبة الدينية تدفع الجمعيات الجامدة ومحدودة الأنشطة إلى المشاركة والانخراط التام، في سبيل تحقيق هدف نبيل يتمثل في مساعدة المحتاجين على الاحتفال بعيد الأضحى مثل باقي الأسر المغربية".