يضم كل تنظيم نوعين من المناضلين: نوع يعطي الأولوية للعلاقات الشخصية على الأهداف الكبرى وعلى القضية وعلى الفكر، والنوع الثاني يتكون من الحكماء الذين يتميزون ببعد النظر؛ لكن المشكلة هي أن أولئك الذين يسعون إلى تصفية الحسابات الشخصية وإشباع رغبتهم في الانتقام من الفاعلين الدين يتحركون هم في الغالب الذين يسعون إلى البروز واحتلال الصدارة والمشهد دون أن يكون لهم أي مشروع واضح غير تحطيم بعضهم البعض، بينما يظل الكبار صامتين في كواليس المشهد ينظرون في صمت إلى ما يحدث دون أن يتحلوا بمسؤولية التدخل لتأطير العمل النضالي وتوجيهه الوجهة الصحيحة وإنقاذه من الإفلاس الذي يقوده إليه المغامرون من صناع الأزمات المفتعلة التي لا علاقة لها بالقضية الأمازيغية أو بمبادئ النضال الأمازيغي. وسأحاول، من خلال هذا المقال، أن أوضح قدر الإمكان أصل المشكل بيني وبين أعضاء ينتمون إلى المجلس الفيدرالي لحركة تاوادا. كما سأجيب عن التعقيبات التي وردت من بعض المناضلين بسبب انتقادي لضعف المشاركة في المسيرة التي شهدتها مدينة أنفا والتي نظمتها الحركة. ما كنت أنتظره من هذا المجلس الجامد ذهنيا وفكريا هو أن يدافع عن المسيرة بأية طريقة، وأن يعتبر المشاركة القليلة والضعيفة مسألة ظرفية مؤقتة تعيشها الحركة وتعيشها جميع الحركات الاحتجاجية على الصعيد الوطني لأسباب تختلف، قد تكون بسبب القمع البوليسي للاحتجاجات الأخيرة، أو أسباب أخرى يمكن أن نتقبلها لو تم اقناعنا بأسلوب متحضر؛ لكن ما حصل هو أن (المثلث) المتحكم في حركة تاوادا نيمازيغن، وهنا أقصد تنسيقيات طنجة والحسيمة وأنفا التي أصبحت توجه هذا التنظيم حسب مزاجها ومصالحها الشخصية، أصر على تحريك بعض الأشخاص ليسوا مؤهلين للنقاش، كونهم لم يشاركوا في اللقاءات الوطنية، ويعملون فقط على انتقادنا كما لو كنا نحن المشكل، وكما لو كان انتقاد تظاهرات الحركة خطا أحمر ومساسا بالمقدسات. الغريب هو أن بعض هؤلاء هددنا باعتراض طريقنا إن لم نسكت، والبعض نزل إلى مستوى أقل ما يقال عليه أسلوب حديث (الشمكارا). نعود إلى رهان الحركة وهو دور الحكماء الذين عليهم إعادة الاعتبار إلى هذه المبادئ، وتحسيس المناضلين بمكامن الخلل في عملهم، وبضرورة احترام بعضهم البعض لكي تتكامل جهودهم وتعطى النتائج المطلوبة. أما بقاؤهم في الموقف السلبي فهو يؤدي إلى ضياع جهودهم وجهود المناضلين الشرفاء الذين يتوفرون على الأفكار الواضحة، بالرغم من أنهم يفتقرون إلى الإمكانات وإلى المساعدة اللازمة. وعندما نتأمل النضال الأمازيغي للسنوات الماضية فسوف نلاحظ بدون صعوبة أن من أسباب التراجع إخلاء المجال لدعاة الصراعات المجانية من لدن المناضلين الحقيقيين؛ وهو ما يجعل الكثير من الطاقات تهدر وتضيع في الصراعات الشخصية، وعوض أن يأخذ الجميع العبرة مما جرى يقعون في الفخ نفسه والأخطاء أنفسها. إن المطلوب اليوم هو تجاوز لعنة التشرذم وليس تعميقيها، بسبب الخوف من الزعامة، هذا الخوف هو من يجعل المناضلين البسطاء يعتبرون كل من يتحرك ساعيا إلى الهيمنة على القيادة؛ وهو ما يجعلهم يتسابقون نحو تحطيمه وتوقيف نشاطه، في الوقت الذي قد لا يكون مهتما بتلك الأشياء التي تشغلهم. ليس الغرض من مقالي الضرب في الحركة وفي مبادئها الديمقراطية؛ ولكن أود الإشارة إلى المعطيات الواقعية وحيثيات الطرد وأسبابه الواضحة ضد شخصي حتى يكون الفاعلون الأمازيغيون على بينة من هذا الموقف. وفي هذا الإطار، كيف تقرؤون إرفاق اسم عادل أداسكو بكلمة "المسمى"، ووضع كلمة المناضل بين قوسين () في بيان أصدره هذا المجلس.. ألا يعد هذا من قبيل السلوكيات المنافية لمبادئ النضال، حيث إن عادل أداسكو يعرفه كل مناضلي الحركة الأمازيغية من خلال منجزاته الميدانية في الشارع وفي التنظيم، وكذلك مناضلي حركة تاوادا الذين فتحت لهم منزل العائلة أثناء انعقاد اللقاءات الوطنية وفي جميع المسيرات الاحتجاجية التي استقبلتها تامسناالرباط.. وإذا كان هناك خلاف شخصي معي فلا بد أن يتم توضيح أبعاده وأسبابه دون محاولة تحوير النقاش بنشر ادعاءات كاذبة وإعادة الأسطوانة نفسها القائلة إن جهات تعمل على استعمالي لصالحها. أصل هذه الدعاية أشخاص محسوبون على تنسيقية أنفا (إزرفان)، تأكد للجميع أن مشكلتهم نفسية ويحقدون على الأستاذ أحمد عصيد الذي هو بالمناسبة زوج أختي، وهذا ما يزعج هؤلاء المناضلين، مع العلم أنني كنت من المدافعين عن الأشكال والتظاهرات التي نظمتها تنسيقيتهم أنفا وأهمها المسيرة الوطنية الثانية التي دعوا إليها آنذاك، والتي لم يتفاعل معها مناضلو تامسنا خوفا من فشلها؛ وهو ما جعلني أدعو إلى لقاء استثنائي بتامسنا عرف مشاركة كبيرة وخرج ببيان يساند المسيرة ويؤكد الحضور. وهذا ما حصل بالفعل، حيث شاركنا بحافلة ممتلئة عن آخرها بالمناضلين، إضافة إلى اعتمادنا على 9 سيارات بسبب امتلاء مقاعد الحافلة عن آخرها. نعم، طالبنا في هدا اللقاء الاستثنائي بضرورة إعطاء فرصة لمناضلي أنفا في تنظيم الشكل ودافعنا عن حقهم في ذلك، بالرغم من أنه في تلك الفترة لم تكن تتوفر الحركة على أرضية فكرية ولا نظام أساس، كنا نعمل فقط ونجتهد في إطار الحركة الأمازيغية وما يمليه علينا ضميرنا اتجاه القضية، وهذا يعرفه كل المناضلين آنذاك باستثناء المناضل الذي كان مشغولا بمنصبه في التلفزة كونه لم يكن يواكب الأحداث عن قرب ليأتي اليوم متسللا لقطار تاوادا، بالرغم من أنه لم يحضر إلى أي لقاء من اللقاءات الوطنية التي عرفتها العديد من المدن ولم أشاهده إلا في المحطات النضالية يعطي التصريحات للصحافة. في نظركم، ماذا سأناقش مع هذا الإعلامي ما دام لم يشارك ولم يكن قط فاعلا في اللقاءات؟ أما عن قرار الطرد الذي أصدره أعضاء من المجلس في حقي، فأعيد طرح السؤال: لماذا أصر المجلس على مغادرتي القاعة ليصدر قرارا بطردي وفي غيابي ويعتبره نهائيا من صفوف الحركة، مع العلم أن حضورنا للقاء أنفا كان بالرغم من أن منظمي الاجتماع المذكور لم يوجهوا إلينا الدعوة، كما لو أننا غير موجودين. هذه أخطاء فادحة لا يرتكبها المناضلون الذين كان غرضهم اتخاذ مواقف في غياب هذه التنسيقية ودون أي مناقشة معها، وهذا سلوك غريب مناف من الناحية القانونية لمبادئ العمل الميداني، حيث من المعلوم في التنظيمات الديمقراطية أن الخلافات من كل نوع تناقش في إطار الجموع العامة والاجتماعات العادية أو الاستثنائية بحضور جميع الأطراف، وليس بحضور البعض وغياب البعض. معروف أن الطرد لا يتم إلا بعد الاستماع إلى المعني بالأمر بحضوره وتسجيل ردوده على الاتهامات الموجهة إليه، إن كانت هناك اتهامات معقولة تستحق الطرد. وفي هذا الإطار، نستغرب لعدم ذكر هذه الاتهامات أثناء انعقاد لقاء (المجلس) حتى يناقشها جميع الحاضرين؛ لكن أن تتحدثوا عن (ممارسات) و(تجاوزات) دون إيضاحها، فهذا تغليط للرأي العام وافتراء على المعني بالأمر. إنني فخور بأن يكون سبب إصداركم لقرار الطرد الغيابي من صفوف حركة تاوادا نيمازيغن هو عملي النضالي الواضح والديمقراطي، الذي لا يقبل المشاركة في مخططات لا تخدم القضية الأمازيغية بشيء.