يعد واد إيناون، الذي لا يبعد في جزء من مجراه بمنطقة تيسة عن مدينة فاس إلا بأقل من 30 كيلومترا، من أروع الأودية التي تخترق إقليمتاونات، حيث يتميز بصفاء مياهه التي تنغمر رقراقة من حقينة سد إدريس الأول، وبمرجه التي تغطي ضفافه صيفا، فتكسيه حلة خضراء يانعة يطيب فيها المقام. ويتحول وادي إيناون، خلال فصل الصيف، إلى مقصد لساكنة مدينة فاس ولمستعملي الطريق الوطنية رقم 8، الرابطة بين فاسوتاونات، للاستمتاع بالتخييم على ضفافه وللسباحة في مجراه الذي يرتفع منسوبه مع فتح بوابات حقينة السد، ويتراجع صبيه مع إغلاقها. سياحة نهرية بالرغم من قيام السلطات المحلية بتثبيت عدد من اللوحات على ضفاف النهر تشير إلى منع السباحة في مجراه، منبهة من خلالها إلى "خطر الغرق" في النهر؛ فإن ذلك لم يمنع الزوار، صغارا وكبارا، من "فك الحصار" وممارسة العوم في مياهه الباردة، التي تلطف الأبدان المنهكة بقيظ الحر وبأشعة الشمس الحارقة. "نحن اعتدنا، منذ سنوات، المجيء إلى هذا النهر، كل صيف.. مكان جميل يمكن للزائر أن يستمتع بالسباحة في مياهه الباردة الصافية"، يقول علي، شاب من مدينة فاس، في حديثه مع هسبريس، والذي أبرز أن سبب اختياره لوادي إيناون وجهة له يعود إلى بحثه عن الهدوء الذي تفتقده المسابح العمومية، التي قال عنها المتحدث إنها، أصلا، نادرة الوجود بمدينته. علي، الذي كان رفقة ثلاثة من أصدقائه، ذكر أن السباحة في النهر تبقى خطرة حين يكون منسوب مياهه مرتفعا، موضحا ذلك بقوله: "عندما يفتح السد، يصبح مجرى الوادي جارفا وخطيرا حتى على الأشخاص الذين يتقنون السباحة؛ أنا أختار العوم في النهر عندما يكون منسوبه ضعيفا". من جانبه ذكر كمال، رجل تعليم من مدينة فاس، أنه اكتشف بالصدفة وادي إيناون كمنطقة اصطياف؛ وذلك لدى استعماله للطريق الوطنية رقم 8، حيث لاحظ الإقبال الكبير للزوار على هذه المنطقة، واختار بدوره أن يخوض التجربة نفسها رفقة أفراد عائلته؛ مضيفا بالقول خلال حديثه مع هسبريس: "اقترحت على أفراد عائلتي اكتشاف هذا المكان، وهذه الزيارة الأولى لنا إليه.. منطقة جميلة وهادئة؛ وكما ترى يمكن للأطفال الاستمتاع بالسباحة في النهر بدون خطر.. الماء نقي وعمقه قليل". إلى ذلك، قال أحمد، بائع لبن بباحة الكرامة، المحاذية لواد إيناون، متحدثا لهسبريس، إن الناس أصبحوا، خلال السنتين الأخيرتين، يقبلون إقبالا ملحوظا على المنطقة، مشيرا إلى أن سافلة سد إدريس الأول على واد إيناون يؤمها الناس صيفا نظرا لقربها من مدينة فاس ولقربها من الطريق الرئيسية، فضلا لنقاء مياه واد إيناون عكس مياه نهر سبو الملوثة بالنفايات السائلة لمدينة فاس. الغرق.. خطر متربص لا يمر صيف دون تسجيل حالات غرق عديدة بواد إيناون، حيث انتهت كثير من رحلات الاستجمام بهذا المكان بمأساة؛ الأمر الذي أكده اللبان أحمد، الذي ذكر أن موسم الصيف الحالي، وإن لم تسجل أية حالة، فإن الكثير من الزوار فقدوا خلال السنوات المنصرمة حياتهم بمجرى الوادي، موردا مثالا على ذلك بحالة محام جاء رفقة موظفين بمحاكم فاس للسباحة بالواد، قضى نحبه غرقا بالمجرى وجرفته مياهه بعيدا، حيث لم يتم اكتشاف جثته إلا بعد بحث مضن عنها. كما أورد المتحدث حالة صاحب شاحنة لنقل البضائع أغرته مياه واد إيناون، خلال يوم صيف حار، فأوقف عربته بجانب الطريق، وبمجرد أن غاص في مياه الواد حتى أصبح أثرا على عين، مبرزا أن الغرقى غالبا ما يكونون من الزوار، نظرا لكون أهالي المنطقة، بحسبه، هم على دراية بالأماكن الخطرة بالواد ويجيدون السباحة. وحذر أحمد، الذي ذكر أن الطلب على لبنه يحظى بالإقبال من لدن الزوار، الناس الذين يختارون الاصطياف بوادي إيناون من مغبة المغامرة بالسباحة في الواد حين يكون صبيبه قويا، مضيفا بالقول: "يجب الابتعاد عن مجرى النهر لدى إطلاق مياه السد.. التيار يكون قويا والنهر يصبح عميقا وجارفا.. يستحسن السباحة عندما تكون أبواب السد موصدة، ومنسوب المياه متراجعا.. نريد أن يعود جميع الزوار إلى منازلهم سالمين". الحلم بمنتجع سياحي لم يفوت نبيل الحياني، طالب جامعي من منطقة تيسة، الفرصة في لقائه مع هسبريس للمطالبة بتحويل سافلة سد إدريس الأول إلى منتجع سياحي مهيكل تتوفر فيه شروط السلامة، مبرزا بكون هذه المبادرة من شأنها أن تخلق عددا من فرص الشغل لأبناء المنطقة وتخرجها من حالة التهميش، التي قال بأنها تتخبط فيها. وأوضح المتحدث أن سياسة منع الناس من الاستمتاع بالاستجمام بضفاف واد إيناون لن تجدي نفعا، والمطلوب، عوض ذلك، بحسبه، تهيئة مكان خاص بالمصطافين على ضفة النهر، موضحا فكرته بالقول: "من الأجدى أن يكون هناك فضاء خاص بالمصطافين، مخيم على شكل كورنيش، عوض أن يبقى الزوار يثبتون خيامهم هنا وهناك، ويسبحون في أماكن يجهلون خطورتها". وأكد نبيل الحياني أن هناك بعض الأماكن الخطيرة بواد إيناون غير صالحة للسباحة وتشكل تهديدا حقيقيا لحياة المصطافين، مضيفا بالقول: "الناس يأتون من بعيد إلى إيناون، وما يهمهم هو أن يقضوا يومهم في الاستمتاع بالسباحة؛ لكن لا يدرون أن هناك أماكن خطرة.. يجب تنظيم الفضاء تجنبا لوقوع المآسي"، يقول ابن تيسة.