بإصرار شباب وصمود المغرب "الفتاة" الحرة ، بدأت رياح الأمل في التغيير وطلائع البشر لتحول ديمقراطي مغربي تلوح في أفق ملبد بغيوم الملل من وضع سياسي مشلول بفعل فاعل وأكثر، شبه نخبة سياسية التصقت بكراسي تمت مقايضتها بآلام وطن وآمال شرفائه، الذين تراجعوا حياء لعدم تماهيهم مع صناع هذا الزمن السياسي والحزبي الرديء، حتى أضحى الملك في خطبه يطالب برحيلها. وحفاظا على مواقعها الخصبة راهنت هذه النخبة المعطوبة على اختيار تكنوقراطي كرس قاعدة اللامحاسبة والإفلات من المسائلة؛ وفق ضوابط الديمقراطية التي تقتضي إخضاع المسؤولين عن تدبير الشأن العام لعقاب الناخبين. وذلك إعمالا لمبدأ ربط اتخاذ القرار بصناديق الإقتراع. فاحترفت هذه الزمرة التضليل والتهليل والتطبيل لكل ما جادت به "السماء" ولو كانت طير الأبابيل. المهم البقاء بكل عناد والاستمرار في الفعل السياسي الفاضح، ولو كره الكارهون (الشعب المغربي). فأبت أمينة ولاحت وداد وانتفض أسامة وزئر منتصر وطرق طارق وأسرت يسرا وياسين ونادى الآخرون مطالبين بعودة الأمل لأهل الدار. فخرجت 20 فبراير من رحم شعب المغرب مطلقة الصرخات الأولى لحركة مجتمعية عفوية مستقلة بدون انتماء إيديولوجي موحد. و منادية بالنهوض و رفع الهامة لكون زمن الاستبداد قد تلاشى وزمن الرهبة قد ولى إلى غير رجعة. وبدأ قطار الحرية يمخر عباب الطريق متجها نحو بر الديمقراطية. لكن للانتصار مائة أب (...) و الهزيمة التي كانت أضحت يتيمة (...) . ودارت الأيام، فخرجت الشياطين من رجسها والثعابين من جحرها. فانطلقت المضاربات لركوب إحدى الموجات الفبرايرية مهما تنوعت منطلقاتها مدا كانت أم جزرا (...). فمن كان بالأمس يسب، أصبح يغازل، والمتراجع أضحى مندفع، والمتهم تغلف برداء البراءة، والذئب صاحب الحملان(...). فذات مسيرة تقدم المتأخرون (تقية) وشرب بعض التائهين عن التاريخ والجغرافيا حليب سباع مستورد لكنه منتهي الصلاحية منذ سقوط جدار برلين. فدب الخوف في قلوبنا على روح 20 فبراير، وعادت الغيوم لتزاحم وهج شمس الحرية، وتحولق من كان في قلبهم شيء (كيتمسكن حتى كيتمكن)، فانتزعوا البسمة من الأفواه، وبدى الاستبداد مطرقة (خف وزنها) لكن سندانه اشتد في التضييق على شباب الحركة رويدا رويدا... فمسخت زينات 20 فبراير، وتحولت مسيرة الأفراح إلى وقفات أتراح بعد تحريف مساراتها إلى الأحياء الشعبية في محاولة إنتهازية مكشوفة تهدف الركوب على الاحتياجات الاجتماعية لساكنة هذه الأحياء بهدف إستمالتهم و استعمالهم حطبا لإشعال الحرائق. وعوض تفادي ما يفرق والتركيز على ما يجمع مكونات الحركة، بتوحيد الجهود للنضال من اجل استثمار ما تم انتزاعه من مكاسب ديمقراطية. وذلك من أجل الدفع قدما إلى ترسيخ الملكية البرلمانية، كما طالبت بذلك الأحزاب الديمقراطية والقوى الحية بالبلاد، وتفعيل الجهود وتظافرها من اجل فضح لصوص المال العام والمطالبة بمحاكمتهم وكذلك المطالبة باسترجاع مقدرات الأمة المرتهنة من طرف لوبيات المأذونيات والمقالع. لكن البعض، سامحهم الله أصروا على توحيد الجهود من أجل تصفية حسابات قديمة مع النظام ومقايضة مكاسب 20 فبراير، للتفاوض من موقع قوة (هلامية) على وضع حزبي أكثر تقدم (...). لكن شباب 20 فبراير، الحقيقي والغير مستورد من المخازن التنظيمية، لن يستسلم وإن اقتضى الضرورة النضال على الواجهتين: مقاومة الاستبداد النابع من الأسفل وعدم السماح للاستبداد الآتي من فوق بإعاقة الزحف و إعادة الانتشار من جديد في تلوينات مختلفة. انكشفت اللعبة و عادت دار لقمان إلى حالها : فقرر "مستبدو و قراصنة الحركة" نهج الأسلوب الترهيبي البوليسي المنتمي لسنوات الرصاص و إتباع أساليب نهج الإقصاء المخزني العتيق على مناضلي حركة 20 فبراير المدافعين عن إستقلاليتها، بهدف الإستيلاء عليها و إهدائها في طبق من ذهب إلى الجهات التي تريد إسقاط النظام: و كل مخالف لهذا التوجه الإنقلابي من داخل الحركة، يتم وصفه بموالاة المخزن، متناسين أنهم (الشباب المؤسس للحركة) أول من تظاهر ضد النظام المخزني العتيق و أول من طالب بالإصلاحات السياسية و الدستورية بعدما كان أصابنا غارقين في مناماتهم الغيبية أو إستيهاماتهم الثورجية!!! و عند مقارعتهم فكريا و تعجيزهم عن الإتيان بوسائل إقناع منطقية، يتم التخلص من المعارضين، بإلقائهم خارج المنتدى أو التنسيقية بطريقة بشعة!!! ، على شاكلة أسلوب أوفقير الذي كان يتخلص من معارضيه بإلقائهم مكبلين في البحر. و أخيرا و ليس آخرا: أتسائل بإستغراب عن رفع بعض المغرر بهم (على قلتهم)، خلال مسيرة 20 فبراير ليوم الأحد 31 يوليوز 2011 (تاريخ مقصود من طرف البعض)، لبعض الشعارات الإنقلابية ضد النظام "يا جماهير ثوري على النظام الدكتاتوري"!!!! وهي دعوة صريحة لإسقاط النظام المغربي. و بالتالي أعيد التساؤل بإستغراب: هل مرحلة تكتيك "التقية" قد إنتهت، خصوصا بعد مسيرة مصر المطالبة بتطبيق الشريعة ؟؟ و هل تنقص الشجاعة السياسية و النزاهة الفكرية رافعي هذا الشعار؟ لأننا خلال الجمع العام الأخير للحركة بالرباط، طالبنا تحديد موقفنا من النظام بوضوح: و ما أكده جميع المتدخلين هو عدم نيتهم الدعوة لقلب النظام و ضرورة التشبث بأرضية المطالب الأصلية للحركة الداعية للملكية البرلمانية. هل أصبحت قرارات حركتنا تنزل من مجالس خارج الجموع العامة؟؟ أم أصبح المكر و الخديعة شعار المرحلة؟؟؟. و عليه فإننا ننادي ب: الوضوح+ الوضوح+ الوضوح. ومن باب الاحترام لهذا الشعب الكريم، وجب الإعلان جهارا أن زمن الاستبداد قد ولى، أحب من أحب وكره من كره. إلى الأمام يا شباب، والله المعين.