أعلن مسؤولون ووزراء عن توجه المغرب نحو إحداث سوق وطنية للكربون بغرض الحد من أثار التغيرات المناخية، كتحدّ أساسي في الإستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة، وكآلية فعالة من آليات الحد من انبعاث الغازات الدفيئة في الجو. وفي هذا الإطار، أعلنت نزهة الوفي، كاتبة الدولة لدى وزير الطاقة والمعادن والتنمية المستدامة المكلفة بالتنمية المستدامة، خلال انعقاد ندوة وطنية حول سوق الكربون بالمغرب اليوم الجمعة، عن رغبة الحكومة المغربية في إحداث لسوق الكربون مناسبة للظرفية الاقتصادية للمغرب، و"التي يمكن أن تولد أرصدة الكربون تمكن من الاندماج في نظام دولي مؤطر لتبادل الأرصدة، على الصعيد الجهوي أو العالمي"، مشددة على ضرورة إيجاد دعم سياسي مؤسس لسوق للكربون وإطلاق حوار وطني حول الآليات الملائمة لهذه السوق بالمغرب. وقالت المتحدثة إنه نظرا للوضع الاقتصادي للمغرب والوضع الدولي من سوق الكربون بما في ذلك ضعف الطلب على أرصدة الانبعاثات، فإن الحكومة المغربية بصدد إجراء دراسة حول آليات سوق الكربون في ثلاثة قطاعات رئيسية، وهي إنتاج الكهرباء وإنتاج الإسمنت وإنتاج وتعديل الفوسفاط، كفرصة واعدة لتشجيع جهود التخفيف من انبعاث ثاني أوكسيد الكربون في الهواء. عزيز الرباح، وزير الطاقة والمعادن والتنمية المستدامة، أوضح أنه فيما يتعلق بسوق الكربون بالمغرب تعد "المعادلة صعبة جدا"، إلا أن "المغرب ملتزم على الصعيد العالمي هناك ديناميكية دولية على الصعيد العالمي نظرا لرغبته في أن يكون بلدا صاعدا والرغبة في تطوير اقتصاد البلاد. وأوضح الرباح أن هناك ثلاثة قطاعات للتعامل مع سوق الكربون، الأول مرتبط ب"السياسة الطاقية الطموحة"، مفيدا بأنه إلى حدود 2030 خصصت أربعين مليار دولار للاستثمارات في قطاع الكهرباء من أجل مضاعفة الإنتاج لثلاث مرات، فيما تتجاوز الميزانية المخصصة للبنية التحتية الستمائة مليار ناهيك عن استثمار ما يفوق 200 مليار درهم في قطاع الفوسفاط خلال الفترة نفسها. الوزير أوضح كذلك أن ما مجموعه ألف ومائتي مليار درهم هي مخصصة للاستثمارات التنموية "لخلق اقتصاد جذاب ومقاومة التحديات الاقتصادية"، إلا أنه أكد أن للاستثمار آثارا على المناخ والبيئة؛ وهو ما يجعل من "المعادلة صعبة". وأكد المتحدث ذاته أنه من أجل خلق سوق مغربية للكربون لا بد من العمل على إعداد نموذج وطني، مشددا على ضرورة التزام الجميع في هذا الإطار، مؤكدا أن "القضية ليست ترفا؛ فالجميع يتأثر، والكل يجب أن ينخرط فالأمر لا يعني فئة دون أخرى بل الجميع حتى من لا يؤثرون على البيئة". من جانبه، أشار محمد بوسعيد، وزير الاقتصاد والمالية، في كلمة له بالمناسبة ذاتها، إلى ضرورة الخفض من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون من "أجل كوكب أفضل"، متحدثا عن الدور الذي يمكن أن يلعبه إنتاج سوق للكربون في هذا الإطار. وقال بوسعيد، في كلمته الافتتاحية، إن "ما نعيشه اليوم هو واقع أن هناك تغيرا للمناخ وليس أمر نظريا والدليل هو ارتفاع درجات الحرارة"، مذكرا بأن المغرب منخرط في مجال حماية البيئة ويحقق نتائج إيجابية، مضيفا: "نقوم باستخدام تكنولوجيات جديدة في إنتاج الكهرباء والطاقات المتجددة ؛ وهو ما يحقق نتائج إيجابية على مختلف الأصعدة من قبيل خلق فرص الشغل، وضمان الأمن الطاقي". وتحدث مصطفى الباكوري، رئيس الوكالة المغربية للطاقات المستدامة، عن عدم توفر الإمكانات خلال الوقت الحالي من أجل الحديث عن سوق دولية للكربون؛ لكن في الآن نفسه الحاجة ملحة إلى إعداد سوق وطنية، قائلا إنه لا بد من دراسة الميكانيزمات الخاصة بالموضوع وتحديد "من سيدفع وكم ومن سيستفيد وكيف". وشدد الباكوري، في كلمته خلال الندوة، على ضرورة البحث عن ميكانيزمات جديدة من أجل المضي قدما والحفاظ على ما تم القيام به؛ نظرا بكون "المغرب اختار بطريقة إرادية الانخراط في هذا المجال نظرا للحاجة إلى التطوير لسد الحاجيات الطاقية"، مضيفا: "نحن في حاجة لجميع العناصر لنصبح أكثر تنافسية".