في أول خروج لوزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، بسط مصطفى الرميد العديد من الملاحظات التي تهم ملف الحسمية؛ وذلك في اللقاء التواصلي بشأن حراك الريف الذي نظم مع الهيئات الحقوقية اليوم، بحضور حوالي ثلاثين جمعية. وضمن الموعد الذي احتضنته الرباط، ناشد وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان وزير العدل، محمد أوجار، إطلاق سراح سليمة الزياني، المعروفة ب"سيليا"، والتي تعد المعتقلة الوحيدة على خلفية تظاهرات بمدينة الحسيمة، بالقول: "إذا تبين فعلا أن السيدة تعاني في زنزانتها كما أخبرني أحد محاميها، فأناشد وزير العدل بأن يستجيب لطلب الإفراج عنها مؤقتا". وعلاقة بموضوع المعتقلين، وبعدما أثار المجلس الوطني لحقوق الإنسان عبر تقرير له تعرض بعضهم للتعذيب، أكد الرميد أنه "في ما يخص ادعاء تعرض بعض الموقوفين للعنف أو التعذيب، فإن الإجراءات القانونية اللازمة اتخذت بالشكل الآني بخصوص كل حالات الادعاء المذكورة"، مسجلا أنه "تم عرض كل حالات ادعاء العنف على الفحوص الطبية، والتي بلغت 66 فحصا طبيا، كما فتحت بشأنها الأبحاث الضرورية للوقوف على حقيقتها، وسيتم ترتيب الإجراءات القانونية المناسبة فور انتهاء البحث بشأنها، وكذا بشأن تقارير الخبرة الطبية المنجزة بطلب من المجلس الوطني لحقوق الإنسان المحالة أخيرا على الجهات القضائية المختصة". الرميد نبه بخصوص اتهام سلطات الدولة بقتل بائع السمك محسن فكري إلى أنه تم "الترويج بطريقة مغرضة لعبارة حركت مشاعر الناس وأثارت عواطفهم، وهي عبارة "طحن مو""، مبرزا أنها "شكلت ذريعة لإدانة السلطات العمومية وتحميلها المسؤولية عن هذه الوفاة الأليمة". وفي هذا الصدد سجل المسؤول الحكومي أن نتائج التحقيقات والمتابعات التي أجرتها السلطات المختصة لم تنل الاهتمام المطلوب، رغم أنها كشفت حقائق مؤكدة تثبت أن المرحوم محسن فكري قتل خطأ من طرف صديق له عن طريق حركة غير مقصودة، مضيفا أن "هذا ما تؤكده مراجعة تسجيلات الكاميرات المثبتة بالمكان التي اعتمدتها الأبحاث والتحقيقات والمحاكمة الجنائية في مرحلتها الابتدائية"، ليزيد: "مازال هناك من يعيد إنتاج اتهام السلطات العمومية بالضلوع في قتل المرحوم محسن فكري رغم كل معطيات البحث والمحاكمة". وتعليقا على اعتقال ناصر الزفزافي، أبرز وجوه الحراك، اعتبر الرميد أن ذلك جاء بعد مسه الذي وصفه ب"السافر" بحرمة المسجد وتعطيله ممارسة العبادة، وهو فعل مجرم بمقتضى الفصل 221 من مجموعة القانون الجنائي كما هو معلوم، موردا أنه كان بإمكان المعني بالأمر إذا وجد أن خطبة الجمعة لا تلائم قناعاته أو تمس مشاعره أن يغادر المسجد أو يمارس حقه في نقدها بعد انتهاء صلاة الجمعة بالوسائل التي دأب عليها. "أن يعمد (الزفزافي) إلى عرقلة إلقاء خطبة الجمعة فإن هذا الصنيع لا يمكن قبوله بأي وجه من الوجوه، ليس فقط من منظور ديني صرف، ولكن أيضا من المنظور القانوني والحقوقي"، يقول الرميد، وزاد: "لو سمح لكل شخص بممارسة هذا النوع من التصرفات لكان ذلك سببا في تعطيل العبادات ونشر الفوضى وانفراط عقد الأمن". من جهة أخرى شدد الوزير المكلف بحقوق الإنسان على أَن إراقة دم المغاربة، سواء كانوا يشتغلون في سلك نظامي من شرطة وغيرها، أو كانوا مواطنين محتجين، لا يمكن إلا أن يعتبر خطا أحمر، منبها إلى أن حماية السلامة الجسدية لكافة المواطنين باختلاف مواقعهم ومهامهم من الوظائف الأساسية للدولة التي لا يجوز المس بها أو التفريط فيها، وأن أي تجاوز للقانون في هذا الشأن مرفوض من أي جهة كانت، ويعرض صاحبه للمساءلة والعقاب. وضمن المعطيات التي تهم حراك الريف كشف الرميد أنه "خلال مدة خمسة أشهر تم تنظيم ما لا يقل عن 500 مظاهرة وتجمهر، ولم يسجل خلال هذه الفترة على السلطات استعمال القوة"، مبرزا أنه تم التعامل مع الاحتجاجات بنوع من الحكمة وضبط النفس والتروي، على اعتبار أن حق التظاهر مكفول دستوريا وقانونيا. وحول الانتقادات التي وجهت إلى الإحالة التي قررتها محكمة النقض على محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، سجل الرميد أنها "تأسست على مقتضيات المادة 272 المتعلقة بالإحالة من أجل الأمن العمومي وليس الإحالة من أجل التشكك المشروع"، معتبرا أن كل الادعاءات التي وردت بهذا الخصوص في أحد التقارير الحقوقية عديمة الأساس. وبخصوص ما تم تداوله في بعض التقارير بشأن "الاعتقالات العشوائية"، قال المسؤول الحكومي إن الاعتقالات المقررة ومعها المتابعات المسطرة تمت من طرف النيابات العامة وقضاة التحقيق حسب الأحوال، وفق سلطتهم التقديرية كما ينص على ذلك القانون.