بتهمة "الاشتباه في ارتكابه جريمة عرقلة وتعطيل حرية العبادات"، تم إيقاف ناصر الزفزافي، أحد قياديي حراك الريف، رفقة أشخاص آخرين، سلموا للفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء، وفق ما أعلن عنه الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالحسيمة صباح الاثنين، وهي الخطوة التي أثارت حفيظة حقوقيين مغاربة من أن تكون الشرارة التي قد تلهب المنطقة، وطالبوا بحماية الزفزافي وباقي الأشخاص المعتقلين وضمان ظروف المحاكمة العادلة لهم. محمد الزهاري، رئيس فرع التحالف الدولي للدفاع عن الحقوق والحريات الرئيس السابق للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، أكد رفضه الركون إلى استعمال المقاربة الأمنية لمعالجة المشاكل الاجتماعية بالمغرب، من قبيل حراك الريف والاحتجاجات بعين تاوجطات وتاونات وقلعة السراغنة، وأبدى تخوفه من أن يتسبب اعتقال الزفزافي ومن معه في "ردود فعل قد يؤدي الوطن ثمنها غاليا". وفي تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، قال الزهاري: "كان على المسؤولين الحكوميين، كل وفق قطاعه، التدخل عاجلا للاستجابة لمطالب ساكنة الريف التي وصلت ذروَتَها عقب مقتل محسن فكري"، وطالب ب"إطلاق سراح المعتقلين والركون إلى طاولة الحوار، والاستجابة إلى مطالب ساكنة الريف وباقي المدن المغربية". ولفت الناشط الحقوقي إلى أن مُدنا أخرى تعيش حالة من الغليان وتعاني الفقر والتهميش، داعيا إلى تغليب صوت الحكمة والتعقل وتفادي كل المبادرات التي من شأنها إدخال البلاد أنفاقا مسدودة. من جهته، تخوف عبد الإله الخضري، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، من أن تأخذ مسألة الاعتقال حمولة سياسية، لافتا إلى أن عددا من المواطِنين كانوا يعمدون إلى مقاطعة خطب الجمعة دون لجوء السلطات إلى اعتقالهم، وقال: "أشد ما نخشاه أن يتعرض الزفزافي للتعذيب ولانتزاع معطيات ومعلومات بالإكراه". وطالب الخضري، ضمن معرض كلامه لجريدة هسبريس، بتحكيم العقل، واصفا الأحداث الأخيرة بكونها "محض حراك احتجاجي شعبي، دون أي اعتبارات أخرى"، رافضا إلصاق تُهمة "التمويل الخارجي" بالحراك، موضحا أن أغلب العائلات بالحسيمة تعيش اعتمادا على عائدات أبنائها المشتغلين خارج أرض الوطن في ظل واقع هش وفقير، داعيا السلطات إلى إثبات هذا التمويل بالحجج والبراهين الدامغة، بعيدا عما أسماه "ادعاء الذرائع للانتقام من الحراك وقيادييه". وطالب الخضري بإعمال قواعد المحاكمة العادلة في حق جميع المعتقلين، فضلا عن الإفراج عن الذين لم يثبت في حقهم اعتداء على الممتلكات أو ما شابه، لافتا إلى أن المركز المغربي لحقوق الإنسان "سيتابع عن كثب مجريات المحاكمة ويعمل على تقديم تقرير مفصل حول القضية باستقلالية وحياد وموضوعية"، على حد قوله. جدير بالذكر أن الوكيل العام للملك قال، ضمن بلاغ معمم، إنه "تم إيقاف زفزافي بمعية أشخاص آخرين، للبحث مع الأول بشأن الفعل المشار إليه أعلاه، وللبحث معهم جميعا في ما يشتبه ارتكابه من طرفهم من أفعال تتمثل في المس بالسلامة الداخلية للدولة، وأفعال أخرى تشكل جرائم بمقتضى القانون، تحت إشراف هذه النيابة العامة التي تسهر على مجريات هذا البحث، وتحرص على احترام جميع الشكليات والضمانات المقررة لهم قانونا".