تميز الأسبوع الماضي بمجموعة من الأحداث السياسية والثقافية التي شغلت الرأي العام في موريتانيا، لعل أهمها تصاعد الأزمة بين النظام وبين مجلس الشيوخ بسبب التعديلات الدستورية التي يصر عليها الرئيس محمد ولد عبد العزيز ويرفضها الشيوخ لأنها تتضمن إلغاء مجلس الشيوخ. ومنذ رفض الشيوخ الموافقة على تعديل الدستور وتفعيل الرئيس للمادة ال38 من الدستور وإعلانه أن الشيوخ لن يقفوا في وجه هذه التعديلات، بدأت الأزمة تتصاعد بين الطرفين لتصل ذروتها حين قامت لجنة الأزمة المشكلة من أعضاء مجلس الشيوخ الموريتاني بإرسال رسالة إلى رئيس البرلمان الإفريقي روجر اندونغو دانغ؛ وذلك بهدف إطلاعه "على القلق والانشغال الكبيرين" اللذين تشعر بههما غرفتهم، كما يشعر به بشكل عام معظم البرلمانيين والديمقراطيين، وذلك إزاء ما وصفوه ب"مخاطر انعدام الاستقرار السياسي والمؤسسي، الذي قد ينجم عن إصرار الرئيس على المساس على نحو مكشوف وفاضح بالتوازن بين المؤسسات وبسلامة وحصانة دستورنا الذي يفترض أن يكون هو ضامنه الأول". وأكدت الرسال، التي بعثت نسخ منها إلى كل من اتحاد البرلمانات والبرلمان العربي والجمعية البرلمانية الفرانكفونية والبرلمان الأوروبي، أن "الديمقراطية التعددية (في موريتانيا) تواجه اليوم خطرا حقيقيا، يهدد سلم وأمن الجميع"، مؤكدة حرص الشيوخ على "منع اقتراف جريمة الخيانة والإخلال بالوظيفة من قبل المدافعين عن التأويل التعسفي للمادة: 38". استعرضت الوثيقة رؤية أعضاء مجلس الشيوخ للأزمة مع الحكومة، ومساعي النظام لتعديل الدستور، بالرغم من رفض البرلمان لذلك، معتبرة أن ما تشهده موريتانيا إخلال بالتوازن ما بين السلطات. كما أعلن أعضاء من مجلس الشيوخ عن رفضهم تدخل السلطات التنفيذية في سير عمل السلطات القضائية، وإخضاعها لوصايتها خلافا لصريح نص الدستور. واعتبر الأعضاء أن بيان نادي القضاة، الذي قدم تشخيصا مقلقا لواقع استقلالية القضاء ووقائع من التدخل الفج للسلطات التنفيذية في عمل السلطة القضائية، يؤكد أن القضاء أصبح يدار بواسطة تعميمات تحمل الكثير من إهانة القضاء والإساءة إلى القضاة. وطالب الشيوخ السلطة التنفيذية باحترام السلط الأخرى، ومنحها كامل الحقوق التي يمنحها لها القانون، دون لف ولا دوران ولا محاولات تطويع، كما دعوا القضاة إلى التحرك الجاد من أجل فرض استقلالية سلطتهم القضائية والخروج على هيمنة السلطة التنفيذية ورفض تدخلاتها التي أفسدت القضاء وأضعفته. وتأتي هذه البيانات لتؤكد استمرار الأزمة بين النظام وبين مجلس الشيوخ، ويعتبر مراقبون أن الشيوخ أصبحوا يتحينون الفرصة لانتقاد النظام أكثر من المعارضة. وعلى صعيد آخر، تضاربت مواقف المسؤولين الموريتانيين بخصوص أسباب قطع العلاقات مع قطر؛ فبينما أكدت الخارجية الموريتانية أن قطع العلاقات مع قطر يعود إلى إصرار الدوحة على تقويض مبادئ العمل العربي المشترك ودعم التنظيمات الإرهابية وترويج الأفكار المتطرفة ونشر الفوضى والقلاقل في البلدان العربية، كشف محمد الأمين ولد الشيخ، وزير الثقافة الناطق الرسمي باسم الحكومة، إن موريتانيا من الطبيعي أن تقف مع أي جهد يحارب من يقوم بتقويض العمل العربي المشترك، وربط عودة العلاقات مع قطر بتوافق الدول على ذلك، وهو ما اعتبره المراقبون تأكيدا على أن قطع العلاقات مع الدوحة جاء بتأثير من الدول الخليجية. وبعد الجدل الذي شغل الموريتانيين بخصوص موقف بلادهم من أزمة قطر، خرج وزير الخارجية بتصريح يؤكد أن سببا واحدا فقط هو الذي دفع إلى قطع العلاقات مع قطر وهو تمويل الدوحة منظمات تهدد أمن موريتانيا، وأن لا علاقة مطلقا للقرار بقرار دولة أخرى. وعلى الصعيد الثقافي، أعلن في موريتانيا عن انطلاق أنشطة مجلس اللسان العربي بموريتانيا، الذي يتولى رئاسته الشاعر والكاتب الخليل النحوي؛ فوسط حضور كبير من رجال اللغة والأدب والثقافة في موريتانيا، قال النحوي، في كلمة افتتاح أنشطة المجلس، إن الأخير تأسس بجهود عدد من رجال العربية في موريتانيا يبلغ إنتاجهم العلمي حول هذه اللغة وأدبها حدود 200 كتاب وبحث.