عاشت موريتانيا مجموعة من الأحداث السياسية خلال الأسبوع الماضي، لعل أبرزها حملات التعبئة للتسجيل في اللوائح الانتخابية تمهيدا للاستفتاء الدستوري المقرر منتصف يوليوز المقبل، وما صاحبها من تداعيات بخصوص موقف المعارضة منها واعتراض بعض رموز الأغلبية على هذه الحملات، مما أدى إلى إبعادها عن الساحة السياسية في الوقت الحالي. ويربط المراقبون بين التعديل الوزاري الذي أطاح الأسبوع الماضي بوزير الدولة مولاي ولد محمد لغظف، وبين موقف الرجل من الحملة الدعائية لصالح التعديلات الدستورية. وبينما يرى بعض أقطاب الأغلبية أن الحملة ضرورية لحث الناخبين على التسجيل في اللوائح والتصويت بكثافة على التعديل الدستوري، يرى آخرون، ومن بينهم ولد محمد لعظف، أنه لا داع لذلك؛ لأن الغالبية ستصوت لصالح الدستور. وعقدت الهيئات والمكاتب السياسية لأحزاب المعارضة الموريتانية دورة طارئة لمناقشة موقفها من الاستفتاء على الدستور، بعد أن طلب المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة من مختلف الأقطاب والأحزاب السياسية والنقابات وهيئات المجتمع المدني المنضوية تحت لوائه، تحديد مواقفها والتقدم بالمقترحات بخصوص الوقوف في وجه التعديلات الدستورية. ومن المنتظر أن تعقد اللجنة التنفيذية للمنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة اجتماعاً بعد التوصل بمواقف جميع تشكيلاته للإعلان عن خطة لإفشال هذه التعديلات الدستورية ذات البعد السياسي والشعبي والإعلامي. وعلاقة بالاستفتاء على الدستوري الذي يتضمن من بين فقراته إلغاء مجلس الشيوخ وإنشاء مجالس جهوية، لايزال مجلس الشيوخ الموريتاني يرفض الاعتراف بحق الرئيس محمد ولد عبد العزيز في تفعيل المادة 38 من الدستور والدعوة إلى الاستفتاء، عقب إسقاط المجلس للمشروع المعدِّل للدستور برفض أغلبية أعضائه له؛ حيث أجّل المجلس، للمرة الثانية على التوالي، نقاشه لمشروع قانون الميزانية المعدل لعام 2017 المقدم من الحكومة الموريتانية، والذي سبق لمجلس النواب أن أجازته الشهر الماضي. وقرّر مجلس الشيوخ نقاش مشروع الميزانية المعدلة في 26 من الشهر الجاري، وتم تعديل ميزانية 2017 لترتفع ب5 مليارات أوقية (1.22%) من أجل تنظيم الاستفتاء على الدستور. يذكر أن الاستفتاء المزمع يأتي بعد تفعيل الرئيس الموريتاني للمادة الثامنة والثلاثين من الدستور عقب إسقاط مجلس الشيوخ المشروع المعدِّل للدستور برفض أغلبية أعضائه له، كما تأتي التعبئة في ظل تصريحات كبار المسؤولين الموريتانيين بأن النظام الحالي باق إلى ما بعد انتهاء مأمورية الرئيس ولد عبد العزيز. كما انتقد مجلس الشيوخ استدعاء هيئة الناخبين من طرف الحكومة، واعتبره "انقلاباً على المؤسسة التشريعية"، في إشارة إلى أن التعديلات الدستورية التي ستعرض في الاستفتاء سبق أن رفضها مجلس الشيوخ. وقال الشيوخ في بيان أصدروه إن القرار الذي أصدرته الحكومة باستدعاء هيئة الناخبين "سيزيد من الاحتقان في الساحة السياسية"، معتبرين أن ذلك "يشكل خطراً على الأمن والسلم الأهليين". وخلص المجلس، في بيانه، إلى المطالبة بالتراجع عن قرار الاستفتاء "غير التوافقي"، داعياً إلى "الترتيب لمسار توافقي يخرج البلد من هذه الأزمة المستحكمة".