تشكل الجمعيات قيمة موثوقة لمغاربة العالم الذين يرون فيها فضاء مهما للقاء مواطنيهم، ودعما مستمرا طوال السنة، لاسيما خلال شهر رمضان المبارك. وتساهم هذه الجمعيات، التي تضم عددا من المغاربة في جميع أنحاء العالم، ليس فقط في التخفيف من الشعور بالغربة والحنين إلى الوطن الأم بين الوافدين، ولكنها تلعبدورا مهما، أيضا، في تأطيرهم. ويعرف شهر رمضان نشاطا مكثفا لهذه الجمعيات، التي تزيد من مبادراتها تجاه أفراد الجالية، وذلك عبر تنظيم إفطارات جماعية، وتوزيع مواد غذائية، وتنظيم ندوات ودروس دينية أو مسابقات في حفظ القرآن الكريم. ولا تشذ "جمعية الجالية المغربية" في البرتغال عن هذه القاعدة، إذ أكد رئيسها محمد شيشاح أن الإفطار الجماعي خلال شهر رمضان الكريم يشكل إحدى الأنشطة الرئيسية المحددة في برنامجها السنوي. وقال إن هذه اللقاءات تستقطب المزيد من المغاربة المقيمين بلشبونة وضواحيها، وتتيح التواصل وتوثيق العلاقات بين المغاربة، مضيفا أنها تساعد، أيضا، على تخفيف الشعور بالحنين إلى أجواء رمضان بالمغرب التي لا تعوض. وأطلقت أمينة، المقيمة ببلاد "كامويس" منذ نحو عقدين من الزمن، تنهيدة حنين وهي تتذكر حميمية ونكهات شهر رمضان بالمغرب، قائلة: "لقد حافظت على نفس عادات وتقاليد الصوم في هذا الشهر الفضيل". وتابعت هذه المترجمة بالمفوضية السامية للهجرة: "أحرص على تواجد جميع أفراد عائلتي الصغيرة حول مائدة الإفطار"، مشيرة إلى أن "لا شيء يضاهي الأجواء الاحتفالية خلال هذا الشهر الفضيل بالوطن الأم". وأضافت أمينة، على هامش إفطار جماعي نظمته "جمعية الجالية المغربية" في البرتغال، "لكن على الأقل نجد في الجمعية أنفسنا بين المغاربة ونحاول أن نتذكر هذه الأجواء الرمضانية". وعلى الجانب الآخر من مائدة الإفطار جلست سكينة، ربة بيت وأم لطفلين، وبالنسبة لها فإن الجمعية سنحت بإقامة صداقات مع عدد من المغاربة، وكذا مع برتغاليين. وأشارت إلى أنه في بلد كالبرتغال، حيث عدد المغاربة قليل مقارنة ببلدان أوروبية أخرى، يتيح هذا الفضاء فرصة للتعارف وتقاسم الانشغالات، ويساهم بالتالي في إدماج المغاربة بالمجتمع البرتغالي، آملة أن تتعد مثل هذه اللقاءات مستقبلا. وفي بورتو، ثاني أكبر مدن البرتغال، وحيث تقيم جالية مغربية كبيرة نسبيا، تعرف "جمعية السلام للمهاجرين المغاربة والصداقة البرتغالية العربية" إقبالا كبيرا خلال شهر الصيام. وقال حمو أمغون، رئيس الجمعية إن مقر هذه الاخيرة ممتلئ دائما خلال هذا الشهر الفضيل، مضيفا: "في هذه الفترة من السنة يزداد الشعور بالغربة، مما يفسر رغبة مواطنينا في التجمع واللقاء، ولذا تحرص الجمعية سنويا على تنظيم أنشطة مختلفة، لاسيما إفطارات جماعية وتقديم مساعدات غذائية للأسر المعوزة". وأضاف الناشط المدني نفسه أن الجمعية تعمل، أيضا، على الانصات لمشاكل المواطنين الذين وصلوا إلى هذا البلد الإيبيري في الآونة الأخيرة، مشيرا إلى أنه في بعض الأحيان تقوم الجمعية بدور الوسيط مع السلطات البرتغالية. جدير بالذكر أن البرتغال تعرف تواجد نحو 50 ألف مسلم، وفق إحصاء تقديري غير رسمي، بينهم زهاء 4000 مغربي يتمركزون، أساسا، في جهة لشبونة الكبرى، وأيضا بمدينة بورتو. * و.م.ع