يستمر المئات من ساكنة مدينة عين تاوجطات في الاحتجاج على تردي الوضع الصحي المأساوي الذي نتجت عنه وفاة الطفل منير أمام الأبواب المغلقة للمركز الصحي الوحيد للمدينة التي تعاني التهميش والإقصاء في جميع الميادين، بحيث أعلن المحتجون ليل أمس السبت عن استمرارهم في الخروج إلى الشارع حتى تتحقق جميع مطالبهم. وعن وفاة ومعاناة الطفل الذي توفي أمام أبواب المركز الصحي والذي عاش رفقة جده وجدته وحرم من حنان الأب والأم طوال حياته، تحكي والدته لجريدة هسبريس قائلة: "لم أمنح ابني الحياة التي كان يحلم بها؛ فعندما أنجبته كنت قاصرا تزوجت من ابن خالتي، وعشت معه حياة صعبة لم أستطع تحملها، فقررت الانفصال". بتأثر كبير، تسترسل الأم حديثها للجريدة: "تطلقت من زوجي الذي تجمعني به القرابة، ورجعت إلى حضن عائلتي رفقة فلذة كبدي، وقررت أن أستثمر جهدي وأكرس حياتي لتربية ابني.. ومرت السنون، وتقدم رجل لخطبتي، فتزوجت به وتركت منير لوالدتي لشدة تعلقها به، وسافرت إلى مدينة طنجة للعيش في بيتي الجديد". تدخل بهيجة لخضر، والدة منير، في هستيريا بكاء وتضيف للجريدة: "لم أتوقع يوما أن نهاية ابني ستكون أمام أبواب المركز الصحي للمدينة التي ترعرع بها". تتوقف أم الضحية دقائق وعيناها تذرف الدموع حزنا على نجلها ثم تقول: "نزل علي خبر وفاة ابني كالصاعقة، ولم أتوقع يوما أن تكون نهاية ابني بهذا الشكل المأساوي.. كنت أحلم باليوم الذي يكمل فيه دراسته ويتخرج ويحصل على وظيفة، وكنت أتمنى أن حمل أطفاله بين ذراعي؛ غير أن أحلامي تبخرت يوم ترك ابني يحتضر أمام أعين الطبيب الذي رفض إسعافه، بدعوى أن المركز لا يتوفر على المعدات الطبية الضرورية". واستطردت أم الراحل: "كانت وفاة ابني بمثابة الشعلة التي أوقدت فتيل الاحتجاجات، إذ حمل المحتجون ليلتها جثة ابني بعدما فارق الحياة، من أمام أبواب المركز الصحي بوسط المدينة باتجاه بيت عائلتي بحي الأكراد، منددين بتردي الوضع الصحي الذي راح ضحيته ابني البالغ من العمر 14 سنة والعديد من الأرواح". واختتمت الأم حديثها وهي تذرف دموع الأسى والحرقة على طفلها الذي لم تمهله الموت ليحقق أحلامه البسيطة قائلة: "صحيح أن طفلي أصيب بصعقة كهرباء؛ لكنه لم يفارق الحياة بسببها.. لقد توفي بسبب الإهمال، ولن أسامح كل من عجل بوفاته، ولم يعط قيمة لحياته". تجدر الإشارة إلى أن الاحتجاجات بمدينة عين تاوجطات بإقليم الحاجب تحولت من التنديد بوفاة الطفل، إلى المطالبة بإنشاء مستشفى يتوفر على مستعجلات تفتح أبوابها 24 ساعة أمام ساكنة المدينة، التي تضطر إلى نقل مرضاها إلى مستشفى محمد الخامس بمدينة مكناس. وقامت الساكنة بمسيرة احتجاجية ليل أمس السبت، رافعة شعارات منددة بالتهميش والإقصاء الذي طالها؛ مثل "عاش عاش المغاربة ماشي أوباش"، و"هي كلمة صريحة والفساد عطى الريحة"، و"يا وزير يا مسؤول هادشي ما شي معقول"، مطالبين الوزارة المعنية بإيجاد حل عاجل وتشييد مستشفى تتوفر فيه التجهيزات الضرورية.