بتقنية طي الأوراق، تَحمل زينة رمضان هذا العام بصمة يابانية يرسم خطوطها فن "الأوريغامي"، ليضفي شكلا جديدا على تلك الصناعة الموسمية التي تميز الأحياء والمقاهي والمنازل طوال شهر الصوم بمصر، وفق مصمم فني. و"الأوريغامي" هو فن طي الأوراق الذي يرتبط بالثقافة اليابانية القديمة، إذ يعتمد على تحويل ورقة مسطحة إلى شكل مُجسم من خلال تقنيات الطي يدويا دون استخدام آلات أو معدات. ويقول أحمد بخيت، مصمم لفن الأوريغامي بمصر، إنه "ليس مجرد صناعة يدوية لمنتج ورقي..بل أسلوب حياة"، لقدرته على تنمية المهارات الذهنية، وتعديل سلوك الأطفال، وتحسين أداء وظائف المخ من خلال خلق تصميمات تساهم في تنمية المجتمع وتحسين الحياة. ورغم أن بدايات هذا الفن الياباني تعود إلى القرن السابع عشر الميلادي، غير أنه لازال حديث العهد بمصر، بسبب معوقات إنتاج نوعية الورق المستخدم في الأوريغامي بالبلاد، وعدم اتساع نطاق المعرفة بهذا الفن، وضعف رغبة قطاعات واسعة في اقتناء الأعمال الفنية، وفق المصدر ذاته. وتوسعت بعض مراكز تعليم الأوريغامي بمصر في إنتاج زينة شهر رمضان لهذا العام، إذ انتشرت مجموعات على منصات التواصل الاجتماعي لتسويق منتجات ورقية ملونة للفوانيس والخيامية بأحجام مختلفة وأسعار متفاوتة. أوريغامي رمضاني تحت شعار "One paper, No cut, No glue" (ورقة واحدة. لا قطع. لا لصق) يسوق عدد من الشباب على الإنترنت للفن الياباني حديث الانتشار بمصر.. يقولون على صفحتهم بموقع فيسبوك إنه "تحد لإنتاج أشكال مُجسمة من الورق دون استخدام لصق أو مقص". ووفق تصريح صحافي لأحمد بخيت، وشهرته "بيخو"، مؤسس "Origami World Academy"، فإنه نظم ورش لتعليم الكبار والأطفال صناعة فوانيس وزينة رمضان الأوريغامي بأشكال مبتكرة وبسيطة على مدى سنوات. وتصميمات فوانيس رمضان هي الأكثر رواجا في مبيعات الأوريغامي لهذا العام، خاصة أن أسعاره تنافس نظيراتها صينية الصنع (المعدن أو البلاستيك)، والتي تتراوح أثمانها في السوق المصري بين 50 جنيها (3 دولارات) و100 جنيه (5.5 دولار). ويتراوح سعر الفانوس الأوريغامي متوسط الحجم، مضافة إليه الإضاءة والموسيقى، بين 50 جنيها (حوالي 3 دولارات) و65 جنيها (3.5 دولارات) ويستغرق إنجازه حوالي ساعتي عمل، وفق المصمم الفني. وكانت مصر تستورد فوانيس رمضان من بعض الدول، تأتي الصين على رأسها، بقيمة 10 ملايين دولار سنويا، وفق تصريحات سابقة لمسؤولين مصريين. لكن الحكومة المصرية وضعت قيودا على استيراد السلع الاستهلاكية عام 2015، ما أدى إلى ضعف المعروض من الفوانيس الصينية خلال العامين الماضيين. وأوضح بخيت أن منتجات الأوريغامي تتميز عن نظيراتها الأخرى بطول عمرها الافتراضي، وصداقتها للبيئة، وتميز تصميمها وتنوع ألوانها، وتناسب أسعارها للشرائح الاجتماعية المتوسطة بمصر. فن وعلاج وأشار بيخو –وفق شهرته- إلى تأثير فن الأوريغامي في الدعم النفسي والسلوكي لذوي الاحتياجات الخاصة والأزمات النفسية المعقدة، لقدرته على تحسين المهارات، وترشيد السلوك، وتطوير أداء وظائف المخ من خلال التصميم والابتكار؛ كما يساعد على استخدام العقل واليدين من خلال تنمية مهارات الابتكار والطي، ما يجعله مفيدا للصم والبكم والمكفوفين ومرضى التوحد، كما أنه يساعد على تفريغ الطاقة السلبية لمن يعانون مشاكل نفسية. وتابع بيخو بأن تعلم فن الأوريغامي ذو قيمة اقتصادية، نظرا لاستخدامه في إعادة تدوير الورق المستعمل وتحويله إلى أعمال فنية، ومنها ديكورات الأفراح، وتصنيع وحدات إضاءة، وخلق أفكار مبتكرة للتسويق والدعاية. ونظم مركز "Origami World Academy" عشرات الورش والدورات الفنية للأطفال لتعليم الأوريغامي خلال السنوات الماضية، بهدف تطوير التعليم الذاتي، وتنمية المهارات الذهنية والنفسية، واكتشاف المواهب. وقال مؤسس المركز إن "ربط الأوريغامي بفكرة التطوير والابتكار وخلق أشياء ذات قيمة من إمكانيات بسيطة كان ولازال الهدف التنموي من تعلم هذا الفن"، وتابع: "قمنا بتوظيف منهج مبتكر من خلال الأوريغامي لشرح المواد الدراسية للأطفال والشباب، وبدأنا بمادة الهندسة المستوية (فرع من الرياضيات يهتم بدراسة الأشكال الهندسية)". حرفة وصناعة وينظم مركز "Origami World Academy" ورش تعليم أوريغامي للمرأة المعيلة بهدف التمكين الاقتصادي لها، من خلال تعلم صناعة التحف والديكورات والإكسسوارات، وغيرها. ويوفر المركز الخامات والتسويق لمنتجات الأوريغامي الخاصة بمشروع دعم المرأة المعيلة في العديد من المعارض الفنية ومؤسسات المجتمع المدني (غير حكومية)؛ كما يسعى إلى التوسع تسويقيا وافتتاح مشغل إنتاجي لخلق فرص عمل لفئات أكثر احتياجا من خلال الأوريغامي، إلى جانب تصميم منهج تعليمي منظم ومبتكر على الإنترنت لتعليم الأوريغامي في مصر والعالم العربي. ووفق المصمم الفني، لازال انتشار فن الأوريغامي بمصر محدودا ومقتصرا على المناطق الحضرية، كما لازال أسيرا لمرحلة الفن التقليدي ولم يخرج بعد إلى مرحلة التقدم التكنولوجي في الاستخدامات. *وكالة أنباء الأناضول