توضيحا للقارئ الكريم، أود أن أوضح ما يلي في مقال الدكتور خريج دار الحديث الحسنية والباحث في علم الفلك السيد العيساوي: المسألة الأولى: قوله أن المغاربة سيصومون ثلاثين يوما..إذ سيولد هلال شهر شوال يوم السبت 24 يونيو...وتتعذر رؤية الهلال بعد مغرب اليوم نفسه 29 (شعبان) بخلاف المملكة العربية السعودية التي ستصوم 29 يوما فقط ويحل عيد الفطر بها يوم الأحد 25 يونيو- هذا يعني أن الشرق سيسبق الغرب. من أين ستأتي السعودية بالهلال! إذا رأته لماذا لا نراه ونحن غربا سيدي! هذه المغالطة أشد خطورة لما فيها من تغيير الحقائق الحسابية العلمية القطعية، وهي معلومة لدى كل متتبع وبالأحرى الباحثين الحاسبين. وهذه الحقيقة -وهي عدم إمكانية أن تسبق الرؤية الشرقية الرؤية الغربية- تحدث عنها العلماء قديما وأكدها العلم الحديث بالحسابات الفلكية التي أصبحت أحد العلوم المعاصرة التي وصلت إلى دقة عالية، وخصوصا حركة القمر والأرض ومعرفة مواضعها بالنسبة للقبة، وحساب مواضعها بالنسبة لبعضها البعض بصورة قطعية لا تقبل الشك. وهو علم مشترك لا فرق فيه بين ما ينتجه المسلم وغير المسلم، وهو عندنا ما يسمى بعلم الازياج، ويدرس في المدارس العتيقة لدى الفلكيين الماهرين، وهم يعدون على رؤوس الأصابع. وقد ناضل على هذه الحقيقة العلامة سيدي محمد بن عبد الرازق المراكشي، وشيخنا سيدي محمد البوجرفاوي رحمة الله عليهما. فكيف يبرهن السيد العيساوي أن السعودية -وهي شرقنا- سترى هلال شهر شوال، فيما ستكون الرؤية ممتنعة علينا ونحن غربا ومغيب النيرين يتأخر عندنا!! قال شيخنا سيدي ابن عبد الرازق المؤقت المراكشي رحمه الله، في ملتمسه إلى الملك الراحل الحسن الثاني حول ما يقع من تقدم ثبوب رؤية الهلال عند بعض الدول الشرقية على المملكة المغربية، إن التقاويم الأجنبية التي فيها مقومات الكواكب وميلها، وعرضها ومطالعها، وتوسطها وطلوعها وغروبها، ووقت الاجتماعات والاستقبالات والكسوفات والخسوفات، كل في غاية التحقيق والتدقيق. وهذا الخبط الكثير في أوائل الشهور ناشىء عن البناء على رؤية غير محققة، بسبب عدم التثبت فيها؛ فينبغي للحكومات الإسلامية أن تهيئ أفرادا نبلاء يعرفون الحسابات بالطرق القطعية وبالأرصاد الجديدة المدققة، ويحسبون رؤية كل شهر لتكون كل دولة إسلامية على بصيرة من كون الهلال قطعي الرؤية يوم التاسع والعشرين أو ممتنعة، أو راجحة، أو مرجوحة. فنرجو أن تنهج الدول الشرقية هذا المنهج القويم وما تقتضيه الحدود الشرعية والقواعد الفلكية. ولو وحد المسلون خطتهم في إثبات أوائل الشهور القمرية، بأن تعتمد على الرؤية البصرية المحققة التي لا شك فيها، ولا ريب ولا وهم ولا خيال، لكان الغالب عليها الاتفاق في أوائل الشهور، وحتى إذا وقع اختلاف لأجل اختلاف المطالع فلا يتجاوز يوما، ويكون المتقدم بذلك اليوم من كان غربا لا من كان شرقا لما هو معلوم بالضرورة، انتهى كلامه رحمه الله. وعليه فإن رؤية الهلال مساء يوم السبت 29 رمضان 1438. 24 يونيو 2017 عسيرة قريبة من الامتناع لعدم توفر أهم مطالب وحدود الرؤية. هذا في الدول الغربية فما بالك بالدول الشرقية التي لا يمكن بحال من الأحوال أن تتقدم على الدول الغربية؛ فكيف يمكن للسعودية أن تتقدم وهي في الوسط ونحن غربها وكثير من الدول شرقها توافقنا في صيامها وفطرها. قال ابن تيمية: كتاب الصيام ج: 25 ص: 104 فإنه متى رؤي فى المشرق وجب أن يرى فى المغرب ولا ينعكس...فإذا كان قد رؤي بالمشرق ازداد بالمغرب نورا وبعدا عن الشمس وشعاعها وقت غروبها فيكون أحق بالرؤية، وليس كذلك إذا رؤي بالمغرب لأنه قد يكون سبب الرؤية تأخر غروب الشمس عندهم، فازداد بعدا وضوءا، ولما غربت بالمشرق كان قريبا منها؛ ثم إنه لما رؤي بالمغرب كان قد غرب عن أهل المشرق، فهذا أمر محسوس في غروب الشمس والهلال وسائر الكواكب وفي المسألة كلام كثير فليراجع في محله. وقد وقع ويقع هذا كثيرا في الدول الشرقية. والأمثلة على ذلك كثيرة، وقد ألفت في ذلك بحوث منها: السنوات التي رؤي فيها الهلال في البلاد الشرقية ولم ير في البلاد الغربية- لشيخنا سيدي محمد البوجرفاوي رحمه الله. ونظم رحمه الله ردا على زحل الحاحي، القائل إن المغرب أخطأ في رمضان وشوال 1403 هجرية، وإن السعودية أولى بالرؤية منا.. وأنشد رحمه الله: سمعت قولا بأذني منك يا زحل وكله خطأ والوهم والزلل فيما تعلق بالصوم الذي ارتبطت به القواعد والأحكام والسبل قد قلت إن المغاربة يرتكبو ن الذنب في صومهم والفطر يا رجل إلى أن قال: اما علمت بأن الصوم يبنى على ال رؤية والجهل داء كله علل وهذا نظير ما سيقع أواخر رمضان: فالرؤية عسيرة قريبة من الامتناع-انظر تعديلنا كاملا وهذا لمدينة أوسرد جنوب المغرب ذات العرض 22.درجة و33 دقيقة؛ فكيف سيرى بالسعودية سيدي العيساوى!!! من يعرف أصول التعديل ومناهجه سيعلم هذا جيدا... المسألة الثانية: قول العيساوي: مقولة باش نصوموا باش نعيدو هي في الأصل حديث ضعيف. الأصح سيدي أن هذا ليس حديثا أصلا، بل هو من كلام الناس ولن تجد له أصلا في دواوين السنة من صحاح وسنن ومسانيد ومعاجم وغيرها. وإليك أقوال بعض المحدثين: قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: لا أصل له، وعنه أيضا هو ما يدور في الأسواق بلا أصل. وقال ابن تيمية رحمه الله تعالى: ومنهم من يروي عن النبي صلى الله عليه وسلّم حديثاً لا يعرف في شيء من كتب الإسلام، ولا رواه عالم قط أنه قال: «يوم صومكم يوم نحركم». وقال السيوطي في تدريب الراوي: باطل لا أصل له. من هذا يتبين أن المقولة ليست حديثا أصلا وهي قاعدة حسابية قد وضحناها في مقالاتنا، فلتراجع في محلها. هذا ما أردت تبيينه وتوضيحه تنبيها، والله الموفق للصواب، وشكرا لتفهمكم. وما أريد إلا الإصلاح ما استطعت؛ فاللهم أهل علينا شهر رمضان بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام، ووفقنا فيه لطاعتك وتقبل منا. *مجاز في علم التوقيت والتعديل وباحث في علم الفلك