اعتنى القرآن الكريم ببعض حالات الإرث وقضاياه، وخصص لها عددا من الآي، بعضها ورد مورد القطع، فلا مَعْدل لأحد عنه، وهو لا يحتاج إلى جهد في التأويل. وبعضها ورد مورد الظن القابل للتأويل، والفهم المختلف بين أولي الألباب أثناء التنزيل، لذا كان لا بد من إخضاعها إلى الاجتهاد، وعدم القبول بأقوال من سبق كأنها وحي من رب العباد، لكن طائفة من أهل العلم، خصوصا من المتأخرين زمنا وعقلا، أوصدوا باب الاجتهاد في الفرائض، وكأنها من القطعيات التي لا دخل للاجتهاد فيها، وهذا لعمري افتئات على الدين، وتقول على رب العالمين. آيات المواريث بين القطع والظن : وآيات المواريث نوعان، قطعي وظني، فمن القطعي : "يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين، فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك، وإن كانت واحدة فلها النصف وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ ۚ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ ...ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد، فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها أو دين، ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد، فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين، وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث" وقوله جل وعز : "يستفتونك، قل الله يفتيكم في الكلالة، إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك، وهو يرثها إن لم يكن لها ولد، فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك، وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين"، هذه الآيات تفيد معاني قطعية، لا تحتمل معنى ثانيا، فلكل حالة فرضها ونصيبها. وفي الآيات القرآنية، ما لم يصل إلى درجة القطع، حيث كانت بعض الآيات ظنية الدلالة، تحتاج إلى فهم وفقه، وأثناء عملية الفهم والاستنباط، قد يقع الخلاف بين العلماء، وهذا من الخلاف المباح، وقد يستقر العمل على فهم معين في عصر ما، ثم يتبين تجاوزه في عصر لاحق، فينتقل العلماء إلى الفهم الثاني، ولا تثريب عليهم في ذلك، ما دام أن الأمر خارج دائرة القطع، مثاله قوله تعالى : "يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين، فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك"، فالآية قطعية في حالات البنت الواحدة، والبنات الأكثر من الاثنتين، والمفاضلة بين الذكور والإناث، لكنها ظنية في حالة البنتين، فمن العلماء من ألحقهما بالثلاث وأعطاهما الثلثين، ومنهم من ألحقهما بالواحدة وأعطاهما النصف، وهذا دليل على ظنية الآيات وعدم قطعيتها، ودليل على جواز الاجتهاد في فهمها وتنزيلها، ونظرا لإشكال الحالة، عبّر عنها القاضي ابن العربي بأنها "معضلة عظيمة" ، وروي عن ابن عباس أنه أعطى للبنتين النصف فقط. والسبب في إبهام الحالة وعدم وضوحها مثل نظيراتها في الآية، أن الله تعالى "ساق الأمر مساق الإشكال، لتتبين درجة العالِمين، وترتفع منزلة المجتهدين في أي المرتبتين في إلحاق البنتين أحَقّ ؟" . وقد اجتهد الجمهور في شأنهما، استنادا إلى تعليل القاضي إسماعيل، ومنحوهما الثلثين. وهو توجيه وجيه، انتصر له ابن العربي بستة أوجه في أحكامه. ومن الظني في الآيات، قوله تعالى : "فإن كان له إخوة فلأمه السدس"، وقد اختلف الصحابة في معنى "الإخوة" فذهب ابن عباس إلى أنهم الثلاثة فما فوق، وقال الجمهور بحجب الأم بأخوين فقط، ومن العلماء من قال بعدم حجبها بالأخوات، لأن "الإخوة" جمع مذكر، واختلفوا فيمن يأخذ السدس، هل يأخذه الإخوة أو الأب، فقال بالأول ابن عباس، ورجحه أبو الوليد ابن رشد، والعلامة ابن عاشور. وقال الجمهور بالثاني. من خلال هذين المثالين، يتبين أن نصوص القرآن المتعلقة بالإرث ليست قطعية كلها، وأنها تخضع لاجتهاد العلماء والمفتين منذ عصر الصحابة رضي الله عنهم، أما حالات غير المنصوص عليهم في سورة النساء، فمجال الاجتهاد في حالاتهم أرحب وأوسع، لذا قال العلامة القاضي أبو بكر ابن العربي المعافري عن عامة مسائل الفرائض أنها مبنية على القياس وإلحاق النظير بالنظير، لأن "النصوص لم تُستَوف فيها، ولا أحاطت بنوازلها" . وقال في موضع آخر : "وأراد الباري بذلك أن يبين لنا دخول القياس في الأحكام" . التعامل مع القطعيات : بالتأمل في نصوص المواريث، نجد الآية الأولى من سورة النساء مصَدٍّرةً بقوله تعالى : "يوصيكم الله"، وختمها بقوله سبحانه : "وصيةً من الله"، لذا كانت القطعيات مما أوصى به الله تعالى عباده، وغانٍ عن البيان، أن الإنسان مطالب بالالتزام بوصية الموصي، وتطبيق شروطها، وإذا كان هذا مقررا في الموصي الآدمي، ففي وصية الله تعالى آكد. وفي وسط الآية، قال الله تعالى : "فريضة من الله"، فتقرر أن القطعيات في الآية هن من فرائض الله تعالى التي لا محيد عنها. وختم الله تعالى الآية بقوله : "تلك حدود الله"، مما يدل على أن تلك القطعيات من حدود الله تعالى التي لا يحق لأحد أن يحيد عنها، ولا أن يلتفت إلى سواها، ولنستوعب خطورة تغيير قطعيات الفرائض، نتأمل عبارة "حدود الله" الواردة في القرآن في سياقات متعددة : فالقطعيات مقترنة بالإيمان، "ذلك لتومنوا بالله ورسوله، وتلك حدود الله" ؛ والقطعيات من حدود الله تعالى الواضحة التي لا تحتاج إلى بيان، "وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون"، ونهى الله تعالى عن انتهاك حرمة القطعيات، "تلك حدود، فلا تقربوها"، "تلك حدود الله، فلا تعتدوها" ؛ وتوعد منتهكي حرمة القطعيات، "ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه"، "ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون". أما مسألة الكلالة، فصدٍّرَها الله تعالى بقوله : "قل الله يفتيكم"، وختمها بقوله : "يبين الله لكم أن تضلوا". وبما أن قطعيات المواريث "فريضة من الله"، و"وصية من الله"، وحدٌّ من حدود الله، وفتوى من الله، وبيان من الله، فيجب الالتزام بمنطوقها الجلي البيّن، دون اللجوء إلى اجتهاد، قصد تغييرها، وتحويل أنصبتها، كقول البعض بالتسوية بين الذكور والإناث في حالتي البنوة والأخوة. وإذا استحضرنا تعبيرات الفيلسوف المغربي الدكتور طه عبد الرحمن، فإن العلماء اختلفوا في قضايا الإرث بين "الفقه الائتماري" و"الفقه الائتماني". من الفقهاء من تعامل مع قضايا الإرث ونصوصه، كأنها أوامر فقهية قانونية جافة، وإذا لم توافق مشربهم، لجأوا إلى تعديلها وتغييرها ولو كانت من القطعيات، ولو بناءً على أسباب غير وجيهة، مثل تعاملهم مع الغراوين والحمارية، وغيرهما. ومن الفقهاء من تعامل مع النصوص الفرائضية باعتبارها أمانة أودعنا الله إياها، لأنها وصية الله، وحد من حدود الله، وفتوى من الله، ومن أشهرهم أعلم الصحابة علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وحبر الأمة عبد الله بن عباس رضي الله عنهما. واستعمال عبارة الأمانة في هذا السياق، له بعد روحي وأخلاقي عميق، لأن البعد الائتماري القانوني الصرف، يسهل تجاوزه والتحايل عليه، وإيجاد توجيهات له وتخريجات، أما البعد الائتماني، فيعسر معه ذلك، لذا، فإن المرأة المسلمة حين تأخذ نصف أخيها في حالتي الأخوة والبنوة، فهي ليست مطبقة لرأي قضائي، تلتزم به وهي غضبى، تود لو أن لها درجة أخرى في التقاضي لتستأنف الحكم وتذهب به إلى أقصى درجات النقض، بل تأخذ –إذا استحضرت البعد الائتماني - نصيبها، وهي راضية بوصية الله، مطمئنة لفتوى الله، مُلتزمة بحدود الله، فرحة بفريضة الله. ونظرا لخطورة الفهم "الائتماني" للنص الفرائضي، فإن تغيير قطعياته وتحريفها عن منطوقها، توقع المرء لا محالة في خانة "الفقه الاختياني" لا قدر الله، وإن كنا نحسن الظن بفقهائنا، لعدم تعمدهم تجاوز حدود الله. المفاضلة بين الجنسين في الإرث : منح الله تعالى الفرع الوارث المؤنث، والأخوات الشقيقات، والأخوات لأب، والزوجات، نصف نظرائهم، فطفق الفقهاء يبحثون عن التعليلات والحِكم التي من أجلها فاضل الله بين الجنسين، فاجتهدوا في غير محل الاجتهاد، وقالوا في ذلك أقوالا، أشهرها أن الرجل مجبر على دفع المهر حين تأسيس الأسرة، والأنثى آخذة. وأن الرجل مطالب بالنفقة على الأسرة، والمرأة ليست كذلك ... وهذه تعلات لا أساس لها من الشرع، يتجلى بطلانها من خلال الآتي : - لو كانت العلة سليمة لَفاضَلَ الله تعالى بسببها بين الأخ لأم والأخت لأم، لأن الأخ لأم مطالب بالمهر والنفقة أيضا. ولو كانت صحيحة أيضا، لَفاضَلَ الله تعالى بين الأب والأم في حالة وجود الفرع الوارث المذكر، ولما أعطاهما السدس مماثلة. - لو تنبه فقهاؤنا للآية نفسها، لعلموا أن الأمر بعيد عن التعليل، قال الله تعالى : "آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا"، وهي إشارة قوية إلى أننا لا نعرف الأقرب منا ليحصل على أوفر الحظوظ، وهي أمارة على عدم علمنا بالأقرب من الذكور والإناث أيضا، وأن ذلك من علم الله تعالى، لذلك قال الله تعالى مباشرة : "إن الله كان عليما حكيما". وبعد التسوية بين الإخوة لأم، قال الله تعالى : "والله عليم حليم"، وختم أحوال الإخوة الأشقاء والإخوة لأب بقوله سبحانه : "والله بكل شيء عليم". فتكرار اسم "العليم" لم يكن اعتباطا، بقدر ما كان لنا إشارة قوية لقصور إدراكنا عن كنه القسمة الإلهية. - لو التفت فقهاؤنا رحمهم الله تعالى إلى المعنى الائتماني المشار إليه، لتمسكوا بالنص القطعي، على اعتبار أنه أمانة الله، يجب حملها على الوجه الأتم الأكمل، ولما قالوا بضرورة تعديل الفريضة حتى تأخذ الأم أقل من الأب. التلبيس بعد الصدمة : بعد الانفتاح على الغرب، وانتشار الثقافة الحقوقية في المجتمعات الإسلامية، وترويج مقولة مفادها أن الشريعة ظالمة للمرأة في قضايا عديدة، منها الإرث. حاول بعض الفقهاء ترويج ما يضاد هذه الدعوى وينقضها، فقالوا بأن العكس هو الصحيح، وأن المرأة أوفر حظا في الإرث من الرجل، وهذا لعمري من التلبيس وغير الوضوح، الذي انتهجه فقهاؤنا ومفكرونا المعاصرون، والصواب الذي لا محيد عنه، أن المرأة في الغالب أقل حظا، وأدنى نصيبا في الإرث، وهذا ما قرره فقهاء ما قبل الصدمة الحضارية، قال ابن العربي المعافري أثناء المفاضلة بين الرجل والمرأة : "فضّل الله تعالى الذكر على الأنثى من ستة أوجه : ....، الخامس : أنه نقص حظها من الإرث" . ومن تلبيس مفكري ما بعد الصدمة، أنهم يقارنون بين أخذ البنت للنصف مثلا، وبين نيل الزوج للربع، ويطيرون بهذا المثال وما يشبهه فرحا، بدعوى أن المرأة أخذت نصيبا أكبر من نصيب الرجل. والمنطق يقتضي أن نقارن بين البنت والابن، وبين الزوج والزوجة، وإذا خالفنا بين النظيرين، كانت المقارنة غير سليمة، بل لعلها مقارنة إيديولوجية تعبوية، ليس لها من العلمية نصيب. ويمكن نقض الدعوى بالفريضة الآتية : زوج 1/2 أم 1/3 أخت شقيقة1/2 جد 1/6 في هذه الفريضة ينال الجد أضعف نصيب وأقلّه، وفق وصية الله وفريضته وحدوده، ويتدخل الفقهاء بغير منطق الفقه الائتماني، لأنهم لم يستسيغوا رؤية الأخت/الأنثى وهي تأخذ نصيبا أوفر من نصيب الجد/الذكر، فجمعوا سدس الجد ونصف الأخت، وقسموا بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين، "لأن الجد يقول : أنا اشارك أخاكِ وأفضُلُه، فكيف تفضليني وهو أفضل منك ؟"، ولم يملك ابن العربي في هذه ا لنازلة إلا أن يقول : "وهذا ترجيح في ترجيح، ولا جواب عليه" . مواضع الاجتهاد : تحدث في الإرث نوازل، حري بعلمائنا أن يدققوا فيها، ويقلبوا النظر في حيثياتها، وألا يبقوا حبيسي النظرة الفقهية التقليدية، وأورد في هذا المقام، فتوى لأحد العلماء المعاصرين، خالف فيها المشهور الرائج في الأوساط الفقهية. سئل الإمام عبد الله بن الصديق الغماري قدس الله روحه عن رجل مات، وترك زوجا حاملا، وبنتا، وأخا شقيقا، وأخا لأب، ثم توفي الشقيق، وترك ابنا له، ثم ولدت المرأة أنثى. فأجاب رحمه الله تعالى : "لا شيء للأخ الشقيق، والإرث الذي فضل عن أصحاب الفروض، وهما الزوجة والبنتان، يأخذه الأخ لأب، لأن الأخ الشقيق كان مشكوكا في إرثه، إن ولدت ذكرا فلا شيء له، وإن ولدت أنثى فله الإرث" . غني عن البيان، أن منظومتنا الفقهية تورث في هذه النازلة الأخ الشقيق، وتعطي نصيبه لورثته، لأنها تعتبره وارثا في لحظة وفاة شقيقه. أما الشك، فلا يكاد يُذكر في الفرائض إلا في مسألة الأسبقية في الوفاة بين الوارث والموروث، ويكون مانعا من موانع الإرث. أما الإمام ابن الصديق، فنحا منحى اجتهاديا آخر، وعمّم مانع الشك على الأخ الشقيق، وهي وجهة نظر حرية بالدراسة والاهتمام. الوصية الواجبة : يحق للمرء كامل الأهلية أن يوصي بجزء من ممتلكاته، وهذا منطوق النصوص الشرعية والقانونية بلا خلاف، إلا أن القانون تميز على الشرع بفرض الوصية الواجبة، وهي وصية أوجبها القانون في عدد من الدول الإسلامية، يمنح بموجبها لأولاد الأبناء نصيب أبيهم المتوفى ما لم يتجاوز الثلث، واجتهد أعضاء لجنة مدونة الأسرة المغربية، وعمموا الوصية الواجبة لأولاد البنات أيضا. والمرتكز الذي بنيت عليه هذه الوصية القانونية، هي جريان العمل والاستقراء. حيث قيل : جرى العمل، أن الأجداد يوصون لأحفادهم غير الوارثين، وبعضهم يتأخر في الوصية، فتباغته الموت، لذا تدخّل المشرع وفرض الوصية ضمانا لحقوق أولئك الأطفال. ولرفض هذه الوصية، أركز على الأسس الآتية : 1 – الأحفاد ليسوا دائما صغارا، فأحيانا نجدهم كبارا مشتغلين ميسورين، ويتدخل القانون، فيحرم الورثة الحقيقيين من نصيبهم الكامل، ويعطي للمحجوبين نصيبا بالوصية الواجبة. 2 – عرّف المشرع الإرث بقوله : "انتقال حق بموت مالكه بعد تصفية التركة، لمن استحقه شرعا، بلا تبرع ولا معاوضة". انطلاقا من هذا التعريف، نرى أنه قبل وفاة الموروث، لا حق لأحد في ممتلكاته وأمواله، وبمجرد وفاته، تنتقل جميع حقوقه المالية إلى الورثة الشرعيين، [= لمن استحقه شرعا]، وفي حالة وجود الأبناء مع أبناء البنات أو أبناء الأبناء، فإن الأبناء وارثون شرعا، والأحفاد محجوبون، وإعطاؤهم نصيبا قلّ أو كثر، هو تعدّ على حقوق الورثة، وتعريض أنصبتهم للنقص بسبب المزاحمة غير الشرعية. قد يقول قائل، إن الدولة (ولي الأمر – البرلمان - الحكومة ...) لها الحق في التدخل في مالية الأفراد، مثل تدخلها في أخذ الضرائب مثلا. وهذا تشبيه لا يستقيم، لأن الدولة، بناء على المصلحة العامة، تتدخل في مالية أفراد المجتمع عامة، وتأخذ منها جزءا لتضعه في ميزانية الدولة، ويعود على المجتمع كله بالنفع. أما في حالة الوصية الواجبة، فإنها تأخذ نصيبا من أفراد مخصوصين، وترجعه إلى أفراد مخصوصين، وهذا انتقاص لجزء من أموال الورثة بدون موجب شرعي، حبذا لو توجه إليه علماء المسلمين بالنقض والإلغاء، حتى يرجعوا الفرائض إلى صيغتها الأولى، صيغة القرآن والسنة، وألا يتدخلوا فيها إلا بالمنطق الائتماني، وبالفقه الائتماني. والله أعلم هوامش: 1- ابن العربي، أحكام القرآن : 1/436. 2- الإحالة السابقة. 3- ابن العربي، احكام القرآن : 1/430. 4- ابن العربي، أحكام القرآن : 1/442. 5- ابن العربي، أحكام القرآن : 1/335. وعموم المفاضلة بين الرجل والمرأة أتحفظ عليه وإن كان موجودا في تراثنا الإسلامي، وهو ترف محض، وكم من امرأة هي أفضل من ملايين الرجال، خذ مثالا على ذلك فاطمة بين رسول الله عليهما الصلاة والسلام، ومريم بنت عمران، وآسية امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد رضي الله عنها، وعائشة بنت أبي بكر رضي الله عنها ... 6- ابن العربي، المسالك : 6/560. 7- موسوعة الأعمال الكاملة للعلامة عبد الله بن الصديق : 16/395. [email protected]