يبدو أن موقف حزب الأصالة والمعاصرة بشأن دعم عدد من الحركات الاحتجاجية، وعلى رأسها حراك الريف بعد مقتل محسن فكري، بائع السمك بمدينة الحسيمة، بدأ يخلق له متاعب متعددة مع مسؤولين سياسيين بارزين، في ظل صمت رسمي لمؤسسات "البام" التقريرية، وبالموازاة مع الرسائل المشفرة التي يبعث بها أمينه العام إلياس العماري، على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، والتي هدد في واحدة منها بكشف "المسؤولين الذين صدوا أبوابهم في وجه مطالب سكان الريف". مصطفى المريزق، عضو المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة، كسر الصمت الرسمي للحزب بكشفه أن "قيادات البام تتعرض لهجوم غير مسبوق من طرف جهات سياسية مخزنية"، معلنا عن أطوار مواجهة صامتة تدور بين العماري وجهات سياسية لم يسمها. "يتعرض حزب الأصالة والمعاصرة إلى هجوم إعلامي وسياسي تقوده جهات مختلفة. أؤكد أن السياسة هي أولا وقبل كل شيء مبادئ وأخلاق. ومهما يكن سنظل أوفياء لأخلاقنا ومبادئنا والتزامنا ولمواقفنا السياسية مهما كان الثمن"، يقول القيادي ب"البام" في بلاغ له، وأضاف: "هناك متغيرات جديدة وحراك شعبي وطني في كل ربوع الوطن. هناك سياسات لا وطنية ولاديمقراطية ولا شعبية قد تأتي على الأخضر واليابس. يجب إعادة النظر في العديد من الأمور التي كنا نعتقد أنها محسومة، لكن لن يملي علينا أحد أهواءه النكوصية ولا الإصلاحية أو المخزنية". وزاد المصدر ذاته أن "من يلعب بالنار، متوهما أن مغرب اليوم هو مغرب الأمس، فنقول له: أنت واهم؛ لأننا لا نملك ما نخسره، وقد نضحي بالغالي والنفيس من أجل مواقفنا مهما كانت". ولتوضيح تفاصيل هذا الصراع، أبرز المريزق، في تصريح لهسبريس، أن "عددا من المواقف التي اتخذها الحزب في الآونة الأخيرة أثارت حفيظة جهات سياسية؛ بحيث قطعت هذه المستجدات مع الصورة التي ظلت ملتصقة بالبام لدى كثيرين بكونه حزبا مقربا من السلطة وحزب التعليمات والتوجيهات، وبدأت تظهر معالم صورة أخرى دالة على أن الحزب يشاكس أو يهيئ نفسه لهذا الأمر". واستنادا إلى طرح المتحدث ذاته، فإن "بداية هذا الصراع تعود إلى الموقف الذي عبّر عنه البام بشأن تركيبة الحكومة الجديدة"، مبرزا في هذا السياق أن "الحزب يرى أنه بعد المسلسل الطويل الذي قطعه المغرب بعد الاستقلال مرورا بسنوات الجمر والرصاص، تشكَّل حكومة غير متجانسة سياسيا لا لون ولا طعم لها". وأردف المريزق أن "هناك خطا يساريا تقدميا داخل الحزب يزعج جهات داخل الدولة بخصوص عدد من المواقف، وعلى رأسها دعم الحركات الاحتجاجية بالشارع"، معلنا "تشبثنا بهذه المواقف وعدم نيتنا التوقف عن المطالبة بالنزول عند كل الحركات الاجتماعية وتبني مطالبها". واعتبر أن "تجديد الدماء داخل الأحزاب السياسية يقتضي ظهور فاعلين جدد من صلب هذه الحركات الاحتجاجية، كبديل حقيقي لما فشلت فيه الأحزاب التقليدية".