بنسعيد: المسرح قلب الثقافة النابض وأداة دبلوماسية لتصدير الثقافة المغربية    موتسيبي: كأس أمم إفريقيا للسيدات المغرب 2024 ستكون الأفضل والأنجح على الإطلاق    الصويرة تستضيف اليوم الوطني السادس لفائدة النزيلات    ضمنهم موظفين.. اعتقال 22 شخصاً متورطين في شبكة تزوير وثائق تعشير سيارات مسروقة    موكوينا: سيطرنا على "مباراة الديربي"    مهرجان "أجيال" بالدوحة يقرب الجمهور من أجواء أفلام "صنع في المغرب"    طقس حار من السبت إلى الاثنين وهبات رياح قوية مع تطاير الغبار الأحد بعدد من مناطق المغرب    صادرات الصناعة التقليدية تتجاوز 922 مليون درهم وأمريكا تزيح أوروبا من الصدارة    الرئيس الصيني يضع المغرب على قائمة الشركاء الاستراتيجيين    افتتاح أول مصنع لمجموعة MP Industry في طنجة المتوسط        خبراء: التعاون الأمني المغربي الإسباني يصد التهديد الإرهابي بضفتي المتوسط    الإكوادور تغلق "ممثلية البوليساريو".. وتطالب الانفصاليين بمغادرة البلاد    وهبي: أزماتُ المحاماة تقوّي المهنة    حكيمي لن يغادر حديقة الأمراء    المغرب التطواني يُخصص منحة مالية للاعبيه للفوز على اتحاد طنجة    ابن يحيى تشارك في افتتاح أشغال المنتدى البرلماني السنوي الأول للمساواة والمناصفة    المحكمة توزع 12 سنة سجنا على المتهمين في قضية التحرش بفتاة في طنجة    من العاصمة .. إخفاقات الحكومة وخطاياها    بوريطة: المقاربة الملكية لحقوق الإنسان أطرت الأوراش الإصلاحية والمبادرات الرائدة التي باشرها المغرب في هذا المجال        مجلس المنافسة يفرض غرامة ثقيلة على شركة الأدوية الأميركية العملاقة "فياتريس"    لتعزيز الخدمات الصحية للقرب لفائدة ساكنة المناطق المعرضة لآثار موجات البرد: انطلاق عملية 'رعاية 2024-2025'    هذا ما قررته المحكمة في قضية رئيس جهة الشرق بعيوي    مندوبية التخطيط :انخفاض الاسعار بالحسيمة خلال شهر اكتوبر الماضي    "أطاك": اعتقال مناهضي التطبيع يجسد خنقا لحرية التعبير وتضييقا للأصوات المعارضة    مجلس الحكومة يصادق على تعيين إطار ينحدر من الجديدة مديرا للمكتب الوطني المغربي للسياحة    المحكمة الجنائية الدولية تنتصر للفلسطينيين وتصدر أوامر اعتقال ضد نتنياهو ووزير حربه السابق    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    قانون حماية التراث الثقافي المغربي يواجه محاولات الاستيلاء وتشويه المعالم    توقعات أحوال الطقس غدا السبت    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    ما صفات المترجِم الناجح؟    خليل حاوي : انتحار بِطَعْمِ الشعر    الغربة والتغريب..    كينونة البشر ووجود الأشياء    الخطوط الملكية المغربية وشركة الطيران "GOL Linhas Aéreas" تبرمان اتفاقية لتقاسم الرموز    المجر "تتحدى" مذكرة توقيف نتانياهو    رابطة السلة تحدد موعد انطلاق الدوري الأفريقي بالرباط    بنما تقرر تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع "الجمهورية الصحراوية" الوهمية    مفتش شرطة بمكناس يستخدم سلاحه بشكل احترازي لتوقيف جانح    القانون المالي لا يحل جميع المشاكل المطروحة بالمغرب    "سيمو بلدي" يطرح عمله الجديد "جايا ندمانة" -فيديو-    بتعليمات ملكية.. ولي العهد يستقبل رئيس الصين بالدار البيضاء    العربي القطري يستهدف ضم حكيم زياش في الانتقالات الشتوية    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تجدد الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات للسكان بالإخلاء        تفكيك خلية إرهابية لتنظيم "داعش" بالساحل في عملية مشتركة بين المغرب وإسبانيا    الولايات المتحدة.. ترامب يعين بام بوندي وزيرة للعدل بعد انسحاب مات غيتز    وفاة شخصين وأضرار مادية جسيمة إثر مرور عاصفة شمال غرب الولايات المتحدة    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شقير: إعفاء إبراهيم واليوسفي وبنكيران .. الملك يسود ويحكم
نشر في هسبريس يوم 02 - 05 - 2017

إن إعفاء رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران بواسطة بلاغ ملكي، بعد أكثر من خمسة أشهر من محاولة تشكيل حكومته الثانية، لا يرتبط بظرفية سياسية تميزت بالأساس بنتائج انتخابية خاصة، كما يبدو لأول وهلة، بل هو رهين منطق سياسي يقوم على مركزية سياسية للحكم لا تقبل بأي تبلور لأي مؤسسة سياسية منافسة، سواء كانت حزبية أو تشريعية أو حكومية.
وقد تجسد هذا المنطق منذ استقلال البلاد من خلال الانقلاب على مولاي عبد الله ابراهيم كرئيس للحكومة في ظرفية سياسية اتسمت بمحاولة اقتسام السلطة بين الملكية وحزب الاستقلال، وإبعاد عبد الرحمان اليوسفي في ظرفية سياسية اتسمت بمحاولة التداول على السلطة، أو ما سمي بالتناوب، وانتهت بإعفاء بنكيران في ظرفية سياسية تميزت بحراك سياسي شعبي تزعمته حركة 20 فبراير في إطار تداعيات ربيع شمل كل المنطقة العربية.
رئاسة الحكومة وإضعاف حزب الاستقلال
في أجواء عدم الاستقرار التي أعقبت الإعلان عن استقلال المغرب، حاولت المؤسسة الملكية أن تستعيد مختلف صلاحياتها التي تم الحجر عليها من طرف سلطات الحماية، من خلال تعيين أحد القواد الموالين للعرش؛ حيث عين امبارك البكاي الهبيل على رأس أول حكومة في التاريخ السياسي للدولة العصرية الناشئة.
لكن مطالبة حزب الاستقلال، الذي كان يمثل القوة الحزبية الأولى، بحكومة منسجمة، وبوزارات وازنة داخل هذه الحكومة، اضطرت الملك محمدا الخامس إلى تعيين الأمين العام للحزب أحمد بلافريج رئيسا جديدا للحكومة، وفي الوقت نفسه العمل على تأجيج الخلافات التي برزت داخل صفوف هذا الحزب وكانت تهدد وحدته وتماسكه الداخلي.
-رئاسة الحكومة وتأجيج الصراعات الداخلية
إن التعيين الملكي لحكومة عبد الله ابراهيم كان ينطلق من حسابات سياسية عدة تبقى في آخر المطاف لصالح القصر بمفرده؛ ذلك أن المناداة على عبد الله ابراهيم لرئاسة الحكومة كان سيزيد من إشعال الخصومات وإثارة الاحقاد بين جناحي حزب الاستقلال. فتسلم الجناح اليساري للسلطة قد جعله يحس بقوة دفعت به حتما إلى عدم البحث على أية تسوية سياسية مع الجناح اليميني. بالإضافة إلى أن ذلك منحه فرصة الانتقام من الجناح اليميني الذي أقيل من السلطة في شخص بلافريج. ولعل هذا ما يفسر سبب فشل علال الفاسي في رأب الصدع بين تياري حزب الاستقلال.
كما أن استشعار الجناح اليساري لقوته نظرا لتواجده في الحكومة، أفضى بزعمائه إلى الإسراع بإنشاء تنظيم سياسي مستقل عن حزب الاستقلال اتخذ اسم الاتحاد الوطني للقوات الشعبية. وقد حظي هذا الحزب الجديد بتعاطف كبير خصوصا في الجنوب، وفي المدن الكبرى التي كانت من المناطق التي كان يتمركز فيها الاتحاد المغربي للشغل الذي كان يعتبر بمثابة رأس حربة في يد هذا الحزب نظرا لقوته العددية وانتشاره الجغرافي المتمثل في عدد الفيدراليات التابعة له الذي ارتفع من 14 إلى 24 في ظل حكومة عبد الله ابراهيم الذي كان في تناغم تام مع قيادة هذه النقابة التي كانت تسيطر بشكل شبه منفرد على المجال النقابي.
-رئاسة الحكومة والتحكم في آليات السلطة
على الرغم من أن التشكيلة الحكومية التي ترأسها مولاي عبد الله ابراهيم كانت تتمتع بتعاطف سياسي وشعبي، فإن ذلك قد عرضها بشكل مكشوف أمام الرأي العام الذي كان يرقب تحركها وكيفية تعاملها مع القضايا العامة وطريقتها في حل المشاكل التي كانت تعرفها البلاد. وبالتالي، فقد كانت مصداقيتها السياسية ومصداقية جناح سياسي بأكمله موضوعة في الميزان.
وهذا ما كان يعي به القصر؛ ذلك أنه تبين أن مناداة القصر على مولاي عبد الله ابراهيم لرئاسة الحكومة كانت لا تعني أنه كان يتبنى وجهات النظر نفسها التي كانت تتبناها حكومة عبد الله ابراهيم، بل كان يبطن خلفية سياسية تطمح إلى إضعاف الجناح الراديكالي لحزب الاستقلال وضرب مصداقيته السياسية بعد ما أضعف جناحه اليميني وأفقده مصداقيته.
وهكذا أقحمت حكومة عبد الله إبراهيم في سلسلة من الإجراءات اللاشعبية، من أهمها: قمع الانتفاضة الريفية لسنة 1959، وحظر الحزب الشيوعي المغربي، بالإضافة إلى ملاحقة بقايا جيش التحرير بالجنوب. وبالإضافة إلى هذه الإجراءات التي لم يكن للحكومة فيها أية سلطة لا على الجيش ولا على الأجهزة الأمنية، فقد تمت عرقلة كل الإجراءات الاقتصادية التي باشرتها هذه الحكومة، خاصة التصميم الخماسي الذي تم التخطيط له، ليتم بعد ذلك إقالة هذه الحكومة التي لم توفر لها لا الإمكانيات ولا الاستقلالية في اتخاذ القرار، ولا حتى الوقت الكافي لتطبيق سياستها.
رئاسة الحكومة وإقبار المنهجية الديمقراطية
منذ إقالة حكومة عبد الله ابراهيم، وترأس الملك محمد الخامس للتشكيلة الوزارية التي عوضتها، وأصبح ولي العهد آنذاك نائبا لرئيسها، أي الملك، بقي النظام الحكومي منذ ذلك العهد متسما بثلاث سمات رئيسية: حيادية الوزير الأول، وهيمنة وزارة الداخلية، وغلبة الطابع التكنوقراطي.
-التبعية السياسية للوزير الأول
إن كل الحكومات التي شكلت منذ بداية الستينات إلى منتصف التسعينات من القرن الماضي لم يثبت قط أن أسندت رئاستها إلى وزير أول ينتمي إلى حزب معين. فكل الوزراء الأولين الذين تعاقبوا على رئاستها، (كمحمد بنهيمة، وكريم العمراني، وعز الدين العراقي، والمعطي بوعبيد، وأحمد عصمان، وعبد اللطيف الفيلالي) كانوا يشتركون في خاصية واحدة هي عدم الانتماء الحزبي.
ولعل هذا ما أشار إليه الباحث أشركي في أطروحته حول وظيفة الوزير الأول بالمغرب؛ حيث كتب ما يلي: "إن إحدى صيغ الحكم في المغرب … حكومة ائتلافية تتناوب عليها الأحزاب الممثلة بالبرلمان بمشاركة عدد من الوزراء المستقلين تحت رئاسة وزير أول محايد".
وهكذا كان كل الوزراء الأولون الذين أسندت إليهم هذه المهمة شخصيات مستقلة عن الأحزاب. وحتى تلك التي كانت منتمية حزبيا، فإنها قد عينت بعدما فكت ارتباطها بالأحزاب التي كانت تنتمي إليها، كعز الدين العراقي بعد استقالته من حزب الاستقلال والمعطي بوعبيد بعد ابتعاده عن الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، أو لم تنتم إلى حزب معين إلا بعد إعفائها من مهامها، كأحمد عصمان الذي أسس حزب التجمع الوطني للأحرار والمعطي بوعبيد الذي أسس الاتحاد الدستوري.
فبعد تحزب هاتين الشخصيتين لم تسند إليهما في ما بعد رئاسة الحكومة، في حين أسندت إلى شخصيات بقيت مستقلة، كمحمد كريم العمراني الذي حطم الرقم القياسي في توليه لهذا المنصب بأكثر من ثلاث مرات، في حين تقلد عبد اللطيف الفيلالي هذا المنصب أكثر من مرتين.
وبالتالي، فإن ضعف أو غياب العامل الحزبي في اختيار شخص الوزير جعل طبيعة العلاقة السياسية التي تربط بين الملك كرئيس الدولة ووزيره الأول تبقى علاقة شخصية لا تتدخل فيها أية اعتبارات أخرى ولا تتوسطها أية تأثيرات لقوى سياسية أو حزبية معينة. فهي علاقة تابع لمتبوع تكرس تلك العلاقة التي كانت تجمع بين السلطان وخديمه الصدر الأعظم.
-الانتماء الحزبي للوزير الأول
بتعيين حكومة اليوسفي، بدا أن معالم البنية الحكومية قد اتخذت أبعادا سياسية أخرى، تمثلت خاصة من خلال الانتماء الحزبي للوزير الأول. وهكذا شكلت حكومة التناوب قطيعة مع العهد السابق بتعيين الملك الراحل الحسن الثاني في 14 مارس 1998 السيد عبد الرحمان اليوسفي وزيرا أولا؛ حيث اكتسى هذا التعيين دلالة سياسية تمثلت بالأساس في اختيار المؤسسة الملكية لأول مرة في التاريخ السياسي المغربي المعاصر شخصية سياسية قيادية من المعارضة؛ حيث لم يسبق لها حتى في فترة هيمنة حزب الاستقلال أن تم اختيار أحد أقطاب المعارضة، كعلال الفاسي أو المهدي بنبركة أو عبد الرحيم بوعبيد، وزيرا أولا.
ولعل هذا التعيين قد سمح لليوسفي، كوزير أول، بممارسة بعض صلاحياته كما حددتها مقتضيات الدستور، خاصة في ما يتعلق باقتراح واختيار أعضاء الحكومة. وقد تجلى ذلك من خلال الدور الكبير الذي لعبه السيد عبد الرحمان اليوسفي في اقتراح لائحة المستوزرين من حزبه؛ حيث تفرد مع بعض مقربيه في تحديد الأعضاء الاتحاديين الذين رشحوا لبعض المناصب الوزارية.
كما قام باتصالات عدة مع زعماء مكونات الكتلة لتحديد مستوزريهم واقتراح الشخصيات التي تم ترشيحها لتقلد الحقائب الوزارية، وكذا التفاوض بشأن عدد الحقائب الوزارية التي ستخصص للتشكيلات الحزبية التي ستتألف منها الحكومة. كما قام أيضا بدور أساسي في تحديد اللائحة النهائية لأعضاء الحكومة التي سيتم تشكيلها من خلال عرضها على الملك الراحل والحصول على موافقته بشأنها.
الدور نفسه قام به أيضا بعد تزكيته كوزير أول من طرف الملك محمد السادس الذي خلف والده؛ حيث أسهم في تقليص عدد أعضاء حكومته باختيار الأعضاء الذين سيتم استبدالهم والأعضاء الآخرين الذين سيتم الاحتفاظ بهم، مع تحديد الحقائب التي ستسند إلى كل واحد منهم بعد التشاور والتفاوض مع زعماء الأحزاب الحليفة.
بالإضافة إلى ذلك، فقد تجلى الحضور السياسي للوزير الأول من خلال مظاهر عدة تمثلت خاصة من خلال ترؤسه اجتماعا للولاة والعمال رغم المقاومة الشديدة التي أبداها وزير الداخلية السابق إدريس البصري، الشيء الذي يعد سابقة سياسية في تاريخ الحكومات المغربية. كما كرس ترؤسه ومشاركته الفعلية في ملتقيات عدة ومنتديات دولية ووطنية.
بالإضافة إلى مساهمته في الأداء الدبلوماسي للمغرب من خلال مختلف الزيارات التي قام بها إلى عدة دول إفريقية ومغاربية وعربية وآسيوية وأمريكو–لاتينية، الشيء الذي نجم عنه تراجع بعض هذه الدول عن الاعتراف ب"الدولة العربية الصحراوية".
زد على ذلك تحمله كامل المسؤولية في اتخاذ بعض القرارات، كتوقيف جريدتي الصحيفة ولوجورنال بعد نشرهما لرسالة الفقيه محمد البصري، مع ما أثاره ذلك من انتقادات من طرف الأوساط الحقوقية الدولية والوطنية. كما شارك في تدبير بعض الملفات الاجتماعية، كإدارته لمفاوضات الحوار الاجتماعي والتحكيم الذي مارسه في ما يخص بعض مطالب شغيلة التعليم.
- التواصل الشعبي للحكومة
تميزت حكومة اليوسفي بالأساس بغلبة الطابع الحزبي على وزرائها. فباستثناء بعض وزارات السيادة (كالداخلية، والأوقاف، والأمانة العامة للحكومة، والوزارة المكلفة بإدارة الدفاع الوطني)، أسندت جل الحقائب الوزارية لفعاليات حزبية بما في ذلك وزارة المالية التي كانت عادة ما تسند إلى شخصيات تكنوقراطية في الحكومات السابقة.
ولعل هذه السمة هي التي جعلت هؤلاء الوزراء يهتمون، بخلاف وزراء الحكومات السابقة، بالدفاع عن أدائهم القطاعي أو الحكومي؛ إذ سجل تدخل الكثير منهم من خلال بعض البرامج التلفزية أو الاستجوابات الصحافية، أو المشاركة في الندوات والملتقيات الوطنية، للتحدث عن القطاعات التي يديرونها والملفات التي يدبرونها، مشيرين إلى مختلف العوائق والصعوبات التي يواجهونها.
وقد ارتفعت وتيرة هذه التدخلات مع اقتراب موعد الاستحقاقات الانتخابية لسنة 2002؛ حيث استضافت القناتان الأولى والثانية بعض وزراء هذه الحكومة ليدافعوا عن حصيلتها، كوزير التشغيل السيد عباس الفاسي، والتهامي الخياري وزير الصحة، وعبد الله ساعف وزير التربية الوطنية، وإسماعيل العلوي وزير الفلاحة. كما حرص الوزير الأول عبد الرحمان اليوسفي على تقديم الحصيلة الحكومية، سواء أمام البرلمان أو أمام الرأي العام.
وبهذا الصدد ألقى الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية عرضا باسم المكتب السياسي خلال اجتماع الدورة الثالثة للجنته الإدارية عبر فيه عن هذا الانشغال من خلال ما يلي: "(…) إن الحصيلة كما يتوجب بسطها وتدقيقها هي التي ينتظرها منا شعبنا، فهو الحكم النهائي الذي تعود له الكلمة الفصل، هو صاحب حق المحاسبة، وإليه تعود الأمور. إن الإطار الملائم لتقديم هذه الحصيلة هو البرلمان، لذلك طلبت من رئيسي البرلمان التوجه إلى نواب الأمة، وعرض حصيلة السياسة الحكومية عليهم ليناقشوها ويعرضوها لكل أنواع الدرس والتقييم، وذلك بغية تدشين حوار صريح، نقدي حول ما أنجز وكيف أنجز، وما لم ينجز ولماذا لم ينجز (…) لقد تقدمنا إلى البرلمان عند تكوين الحكومة ببرنامج مفصل طالبين ثقته عبر التصويت، واليوم نتقدم إليه من جديد لإعطاء الحساب، ولو لم نكن على مسافة أسابيع قليلة من نهاية هذه الولاية لطلبنا التصويت لتجديد الثقة. ولذلك فإن تجديد الثقة هو ما سنطلبه من المغاربة، ليس عبر تصويت برلمان يعيش اللحظات الختامية لولايته، بل عبر صناديق الاقتراع (…)".
- عدم احترام المنهجية الديمقراطية
يبدو أنه في الوقت الذي كانت فيه الأحزاب، خاصة الكبرى، غارقة في حساباتها واستقطاباتها، بعيد الانتخابات التشريعية لشتنبر 2002، كان القصر يتابع عن كثب مجريات هذه التحالفات ويقرأها وفق حساباته الخاصة. وهكذا قام الملك بتشكيل لجنة ثلاثية تتكون من فاضل يعيش، مكلف بمهمة بالديوان الملكي، ومن مستشاريه مزيان بالفقيه ومحمد معتصم، للتفاوض مع مختلف الأحزاب السياسية بشأن تشكيل الأغلبية الحكومية المقبلة.
وقد طرحت هذه اللجنة الملكية على هذه الأحزاب ثلاث صيغ لتعيين الوزير الأول: إما من الاتحاد الاشتراكي أو من حزب الاستقلال أو أن يكون تكنوقراطيا. وفي السياق نفسه أيضا، استقبل العاهل المغربي رؤساء الأحزاب الكبرى بقصره بمراكش؛ حيث استقبل تباعا كلا من عبد الرحمان اليوسفي، الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والسيد أحمد عصمان، رئيس التجمع الوطني للأحرار، والسيدين العنصر وأحرضان، الأمينين العامين لكل من الحركتين الشعبية والوطنية، ونائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية السيد سعد الدين العثماني، ثم السيد عباس الفاسي، الأمين العام لحزب الاستقلال.
ومن خلال هذه المفاوضات والمشاورات، بدا للقصر التنافس الكبير بين كل من حزبي الاستقلال والاتحاد الاشتراكي على الوزارة الأولى؛ فالاتحاد الاشتراكي مازال يعتبر نفسه القوة السياسية الأولى في البلاد ومن حقه الحصول على هذه الوزارة. أما حزب الاستقلال، فإن طموح أمينه العام واعتقاد حزبه بضرورة التناوب على هذا المنصب جعلا الاستقلاليين يتشبثون بأحقيتهم في تولي الوزارة الأولى، خاصة وأنهم يعتقدون بأنه ليس بين الحزبين فارق كبير في المقاعد مقارنة بنتائج انتخابات 1997 التي سهلت على اليوسفي القفز على الشروط التي وضعها الأمين العام لحزب الاستقلال السابق السيد محمد بوستة، والتي تركزت على ضرورة إقالة وزير الداخلية السابق قبل تشكيل حكومة ائتلافية.
بالإضافة إلى ذلك، فحزب الاستقلال بدا غير مستعد للتنازل لزعيم اتحادي عن هذا المنصب حتى لا يستغله من جديد للظفر بأهم الحقائب الوزارية وأثقلها، خاصة وأنه يلمس في نفسه القدرة على تشكيل أغلبية حكومية أكثر انسجاما وفاعلية يمكن تشكيلها من التجمع والعدالة والحركتين الشعبيتين.
ومن خلال رصد هذه المعطيات التي تجسدت بالخصوص من خلال إعلان كل من الحزبين رسميا عن تشكيل تكتله السياسي الخاص به، مال الملك إلى ضرورة تعيين وزير أول تكنوقراطي يحسم الخلاف ويجنب الحكومة المقبلة كل التداعيات التي عرفتها حكومة اليوسفي الائتلافية بصراعاتها الحادة نتيجة للتنافس بين كل من حزب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي، الشيء الذي أثر بشكل كبير على وتيرة العمل الحكومي.
وعلى هذا الأساس قام الملك بترؤس مجلس للوزراء خصص للمصادقة على مشروع قانون ميزانية لسنة 2003؛ حيث ألقى فيه كلمة تنويه بجهود الحكومة وحثها على مواصلة العمل إلى حين تعيين الحكومة المقبلة، الشيء الذي فهم منه أن اختيار الوزير الأول قد تم الحسم فيه. وبالتالي فقبل الإعلان رسميا عبر قنوات التلفزة والإذاعة عن تعيين السيد إدريس جطو وزير الداخلية في حكومة اليوسفي وزير أولا للحكومة المقبلة، كان خبر هذا التعيين قد تناقلته الألسن من مراكش إلى العاصمة ومن ثمة إلى كل أرجاء المملكة.
رئاسة الحكومة وتقزيم الخلفية الشعبية
دفع الحراك السياسي الذي عرفه المغرب في إطار تداعيات الربيع العربي بتهاوي بعض الأنظمة السياسية، سواء في مصر أو اليمن أو ليبيا، إلى التعيين الملكي للأمين العام لحزب العدالة والتنمية الذي تصدر الانتخابات التشريعية لنونبر 2011 كأول رئيس للحكومة في إطار أول دستور في عهد الملك محمد السادس.
- محاصرة صلاحيات رئيس الحكومة
بالموازاة مع توسيع بعض صلاحيات رئيس الحكومة كما ينص عليها هذا الدستور، حوصرت شخصية رئيس الحكومة التي تميزت بخصال تواصلية عدة أكسبته شعبية سياسية تنامت مع مرور الوقت، بمجموعة من الفرامل والنوابض السياسية تمثلت على الخصوص في تتبع عثرات رئيس الحكومة، وتقليص قنوات الاتصال مع الملك، وإبعاده عن الملفات الحساسة، إلى جانب التشويش على سير حكومته بعد وصول شباط إلى الأمانة العامة لقيادة أعرق حزب بالمغرب، من خلال توظيف هذا الأخير في مناوشة بنكيران ومنافسته سياسيا والضغط من أجل انسحاب الوزراء الاستقلاليين من حكومته، مما اضطر رئيس الحكومة إلى الرضوخ لشروط رئيس التجمع الوطني للأحرار للحفاظ على تماسك واستمرارية حكومته لتنهي ولايتها التشريعية بشكل عادي.
- رئيس الحكومة واستقلالية التفاوض
يبدو أن بنكيران قد استند، منذ تعيينه من طرف الملك كرئيس للحكومة للمرة الثانية، إلى مرجعية سياسية تقوم بالأساس على تصدر حزب العدالة والتنمية لنتائج الانتخابات التشريعية ل7 أكتوبر 2016. ففي خروجه الأول أمام الصحافيين يوم الاثنين 10 أكتوبر 2016 بمقر حزبه بالرباط، صرح رئيس الحكومة بأن "هناك توجها يحكم هذه المشاورات التي جاءت بعد الانتخابات التشريعية للسابع من أكتوبر الجاري"، مشددا على أن "المشاورات يجب أن تؤسس على أساس احترام الإرادة الشعبية".
وهكذا دشن رئيس الحكومة المعين من طرف الملك محمد السادس مشاوراته لتشكيل الحكومة الجديدة بلقاء قيادة حزب الحركة الشعبية بالمقر المركزي لحزب العدالة والتنمية بالرباط، الذي حضره إلى جانب عبد الإله بنكيران، رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية سعد الدين العثماني، وعن حزب الحركة الشعبية كل من أمينه العام امحند العنصر وسعيد أمسكان.
وبهذا الصدد، بدا رئيس الحكومة أنه لم ينتبه في أولى هذه اللقاءات التشاورية بخصوص الحكومة المقبلة إلى معطى ربط امحند العنصر، الأمين العام ل"حزب الحركة الشعبية"، في أول تصريح صحافي له حول المشاورات بأن لحزبه مجموعة من الشروط التي لا بد أن تتوفر في الأغلبية المقبلة حتى يشارك في الحكومة الثانية التي سيقودها عبد الإله بنكيران، دون أن يوضح طبيعتها.
لكن إلى جانب ذلك، كان هناك خطاب داكار الذي رسم بشكل أساسي مقاربة تختلف جذريا عن الخلفية السياسية التي رسمها بنكيران لمعالم حكومته. ففي هذا الخطاب، الذي يعتبر أول خطاب ملكي يلقى من خارج المملكة ومن بلد إفريقي، تطرق الملك إلى السياسة المستقبلية المفترضة للحكومة القادمة تجاه إفريقيا، وأشار بأسلوب لافت يحمل في طياته أكثر من دلالة سياسية إلى "أن المغرب يحتاج إلى حكومة جادة ومسؤولة"، وبلغة صارمة أكد أن "الحكومة المقبلة لا ينبغي أن تكون مسألة حسابية تتعلق بإرضاء رغبات أحزاب سياسية، وتكوين أغلبية عددية، وكأن الأمر يتعلق بتقسيم غنيمة انتخابية".
- رئيس الحكومة والبلوكاج السياسي
على الرغم من مضامين خطاب داكار الذي حدد معالم تصور سياسي مغاير لتشكيل حكومة بنكيران الثانية، فقد بدا أن رئيس الحكومة قد فضل مواصلة تبنّي تصوره المستند إلى الإرادة الشعبية المتمثلة في نتائج صناديق الاقتراع. ففي تصريح صحافي بمناسبة هذا الخطاب، أكد بخصوص تشكيل الحكومة المقبلة، أن "الخطاب الملكي تحدث عن مجموعة من القيم الإيجابية التي يجب أن تحكم بالأساس تشكيل الحكومة"، مشددا على "الحرص على الالتزام بقوة بهذه القيم في مسار تشكيل الحكومة، وعلى الدور الأساسي للملك محمد السادس في هذا الشأن، لأنه هو من يعين الوزراء باقتراح من رئيس الحكومة".
وهكذا تابع بنكيران مشاوراته طبقا للمنهجية التي حددتها الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية بلقاء أحزاب الأغلبية السابقة بداية، قبل الانفتاح على الأحزاب الأخرى المنتمية إلى صفوف المعارضة، بالتوجه نحو أحزاب المعارضة، وفي مقدمتها حزب الاستقلال، الذي أبدى موافقة مبدئية للانضمام إلى الحكومة الثانية التي سيقودها بنكيران.
كما عبّر الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، خلال استقباله من طرف رئيس الحكومة بمقر حزبه، عن موافقته للانضمام إلى الائتلاف الحكومي، وانتظار تزكية هذه الموافقة من طرف الأجهزة القيادية لحزبه، خاصة أعضاء المكتب السياسي للحزب الذين حسموا، بالأغلبية، موقفهم من المشاركة في حكومة عبد الإله بنكيران.
وبالتالي، بدا بأن مشاورات بنكيران كانت تتجه إلى تشكيل حكومة من مكونات الأحزاب الوطنية بالأساس. لكن يبدو أن هذا التوجه السياسي الذي تبناه بنكيران لم يرق لأطراف سياسية أخرى. فبالموازاة مع تشبث رئيس الحكومة بالبحث عن تحالف موسع يضمن أغلبية برلمانية تجمع بين التجمع الوطني للأحرار وحزب الاستقلال، طالب الرئيس الجديد للأحرار بإقصاء حزب الاستقلال من تشكيلة الحكومة، الشيء الذي باعد بين تصورات مختلف المكونات الراغبة في المشاركة في الحكومة، ودخولها في رهان قوة جمد المفاوضات، وشل الفرقاء في انتظارية قاتلة وتعثر كانت له انعكاسات سلبية على الرأي العام ومختلف الفاعلين الاقتصاديين والإداريين.
وعلى الرغم من بعض التنازلات التي قدمها رئيس الحكومة المعين بفك تحالفه مع حزب الاستقلال بعد تصريحات أمينه العام التي أغضبت القيادة الموريتانية، والرضوخ لتنصيب أحد قياديي الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية رئيسا لمجلس النواب، فقد بقيت المشاورات تراوح مكانها، خاصة بعدما تشبث رئيس الحكومة بضرورة عدم إدخال الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ضمن تشكيلة الحكومة المقبلة مشخصنا خلافه مع الكاتب الأول لهذا الحزب الذي كان يتهمه بتورطه في مؤامرة الانقلاب عليه؛ حيث رهن عدم مشاركة هذا الأخير في تشكيلة الحكومة ببقائه رئيسا لها.
وبالتالي، دخلت المشاورات من جديد في الباب المسدود في انتظار عودة الملك من زيارته الإفريقية الطويلة؛ حيث كان رئيس الحكومة يأمل في استقباله من طرف العاهل المغربي ليعرض عليه تقريرا بشأن ماراتون مشاوراته. لكن بدل ذلك، صدر، بمجرد عودة الملك إلى البلاد، بلاغ من الديوان الملكي ينهي مهمة بنكيران، ويكلف الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية الدكتور سعد الدين العثماني بتشكيل الحكومة في أقرب وقت.
وقد اتخذ هذا التعيين طابعا سياديا تمثل من خلال الانتقاء الملكي لسعد الدين العثماني قبيل اجتماع الأجهزة القيادية للحزب المتصدر للانتخابات التي لم تجد مناصا من تزكية هذا التعيين الملكي، الشيء الذي قلص من هامش حرية الحزب، وكرس ضمنيا بأن مسؤولية البلوكاج السياسي في تشكيل الحكومة يتحملها الأمين العام للحزب بصفة شخصية في الوقت الذي لعب فيه هذا الأخير دورا حاسما في الفوز السياسي لحزبه في الانتخابات التشريعية ل 7 أكتوبر 2017.
وبالتالي، اعتبر هذا الموقف ضربة سياسية قاسية وجهت لشخصية بنكيران من طرف قيادة حزبه، بعد أن تلقى ضربة سياسية سابقة من طرف القصر تمثلت في عدم استقباله من طرف الملك لإعفائه، على غرار مراسيم الاستقبال الملكي الذي حظي به عند تكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة ورئيس حكومة تصريف الأعمال.
وعموما، فمن خلال مختلف هذه الملابسات التي رافقت تعيين رئيس الحكومة، سواء كان عبد الله ابراهيم في نهاية خمسينات القرن الماضي، أو بنكيران في نصف العقد الثاني من القرن 21، مرورا بشخصية الوزير الأول لأول حكومة للتناوب في تاريخ المغرب، يتبين أنه من الصعب جدا، إن لم يكن من المستحيل، أن تتبلور رئاسة الحكومة كمؤسسة مستقلة في نظام سياسي شبه مطلق، يمركز الملك كل السلطات بيده، فهو يسود ويحكم، ويتدخل في كل المجالات.
ولعل مما يعكس هذا الوضع السياسي بقاء مقر رئاسة الحكومة ضمن المجال المخزني كبنيقة من بنيقاته؛ حيث لم يتم طيلة هذه العقود التفكير في إقامة مقر عصري يليق برئيس الحكومة يكون مستقلا عن مرافق المدينة المخزنية تواركة.
كما ظهر أيضا أنه رغم مختلف محاولات التطبيع والتقرب والتفاني التي قامت بها مختلف هذه الشخصيات السياسية، سواء من خلال تدعيم سيادة البلاد (حيث قامت حكومة عبد الله ابراهيم بإرساء مختلف المؤسسات الوطنية كفك ارتباط العملة الوطنية عن العملة الفرنسية، وتأسيس بنك المغرب على سبيل المثال لا الحصر)، وسهر الوزير الأول عبد الرحمان اليوسفي على تذليل الانتقال السلس للحكم، والمساهمة في التخفيف من (السكتة القلبية) التي ألمت بالمغرب في نهاية فترة حكم الملك الراحل الحسن الثاني، وحرص رئيس الحكومة بنكيران على التخفيف من تداعيات الحراك السياسي الذي رفع شعاري محاربة الفساد والاستبداد، وغامر بشعبيته السياسية لاتخاذ إجراءات عدة غير شعبية (كالشروع في إصلاح صندوقي التقاعد والمقاصة)، فمنظومة الحكم بالمغرب عادة ما تتخلص من هذه الشخصيات السياسية بمجرد هدوء عواصف المطالبة بالتغيير السياسي، مما يحمل هذه الشخصيات، وعلى الرغم من حسن نواياها الوطنية، مسؤولية التورط في الحفاظ على الوضع القائم، وتبذير تراكمات الوعي بضرورة التغيير الجذري للمنظومة المخزنية بحمولتها العقدية، والسياسية، ومخزونها العميق في تدجين الخاصة قبل قمع العامة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.