نظمت جمعية أستاذات وأساتذة الاجتماعيات بمدينة سيدي سليمان ندوة عملية حول كتاب "الذاكرة والتاريخ –المغرب في عهد الاستعمار من 1912 إلى 1956"، الفائز مؤخرا بجائزة المغرب للكتاب في صنف العلوم الانسانية. وفي هذا الصدد أكد الدكتور جامع بيضا، مدير أرشيف المغرب، أن الذاكرة والتاريخ "مصطلحان يرتبطان ارتباطا وثيقا تم استهلاكهما إعلاميا بشكل واسع لكن هذا الاستعمال شابه خلط كبير، الأمر الذي استدعى العمل على توضيح هذا اللبس والتمييز بين خصائص كل منهما". من جهته، أكد محمد حبيدة، أستاذ التاريخ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة ابن طفيل، في مداخلته، "على أهمية الموضوع الذي اقتحمه الأستاذ عبد العزيز الطاهري، لكونه لم يحظ باهتمام المؤرخين فحسب، بل كان موضوعا للبحث الفلسفي والسوسيولوجي والأدبي"، مركزا على تقديم مجموعة من الدراسات التي اهتمت بموضوع الذاكرة. المداخلة الثالثة لمحمد هيمة، أستاذ مادة الاجتماعيات بالثانوي التأهيلي، قدم من خلالها قراءة في الكتاب من وجهة نظر ديداكتيكية من خلال مقارنة الأفكار التي جاء بها الكتاب بواقع حضور الذاكرة والتاريخ في المعرفة المدرسية؛ حيث اعتبر فيها أن "قضايا الذاكرة في التاريخ المدرسي تجسد نموذجا واضحا للانفصال بين المعرفة الأكاديمية والمعرفة المدرسية"، مضيفا أن هناك إجماعا بين أساتذة المادة على أن الإشكال "يكمن في ندرة البحث الأكاديمي الديداكتيكي حول قضايا الذاكرة والهوية"، وقام في مداخلته بتقديم إضاءة نظرية ومنهجية ودراسة تفكيكية للذاكرة في مرآة التاريخ المدرسي. من جانبه، أكد الدكتور عبد العزيز الطاهري، مؤلف الكتاب، أن الهدف من بحثه كان دراسة ذاكرة الفترة الاستعمارية بالمغرب بين 1912-1956، عن طريق مقاربتين نظرية ونقدية تاريخية لشهادات كتبها فاعلون تاريخيون، مشيرا إلى أنه خصص الباب الأول لتقديم مقاربة نظرية للذاكرة من أجل الإحاطة الجيدة بجدلية الذاكرة والتاريخ وتحديد أوجه الاختلاف والتشابه بينهما في تمثل كتابة الماضي، من خلال مساءلة إشكالات الذاكرة، والعناصر المؤثرة في الانتقال من الذاكرة إلى الكتابة من أجل معرفة مدى تقيد الشاهد/كاتب المذكرات بواجب الذاكرة وحمايته للماضي من النسيان، أو بعبارة أخرى معرفة مدى الالتزام بميثاق الحقيقة في كتابة المذكرات. وقد ساعد التمييز بين كل من الذاكرة، والسيرة الذاتية، والسيرة، المؤلف "على تصنيف الكتابات التي حاولت التأريخ للمرحلة التي يشملها موضوع البحث خلال الفترة بين 1912 و1956".