كشف عبد الحق الخيام، مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، أن هناك قرابة 100 انفصالي يعيشون في تندوف فوق التراب الجزائري ممن ثبت تورطهم في ارتباطهم والتحاقهم بتنظيم "الدولة الإسلامية"، محملا في الوقت نفسه الجزائر مغبة عدم تنسيقها مع المغرب في المجال الاستخباراتي لمحاربة الإرهاب. وأوضح الخيام أن الحصيلة المحينة لتدخلات المكتب المركز منذ تأسيسها قبل أربع سنوات بلغت تفكيك 43 خلية إرهابية، معتمدا في ذلك على سياسة أمنية تتميز بضربات استباقية، "عبر تفكيك خلايا إرهابية قبل أن تمر إلى مرحلة التنفيذ"، مضيفا أن مجموع المغاربة الذين التحقوا بتنظيمات إرهابية في بؤر التوتر، أبرزها "داعش"، بلغ حاليا 1623 مغربيا، "قتل منهم قرابة 400"؛ أما من عاد منهم إلى المغرب، فوصل العدد إلى رقم 78 مغربيا. وأوضح الخيام أن مصالح المكتب المركزي تخضع المعنيين فور اعتقالهم بعد بلوغ التراب المغربي لاستجوابات، ثم تحيلهم على النيابة العامة؛ على أن الإجراءات تتم من منطلق قانون مكافحة الإرهاب الذي وضعته السلطة التشريعية، "والذي يجرم كل من التحق أو من له نية الالتحاق بالجماعات المتطرفة والإرهابية"، حسب تعبيره في لقاء تلفزي مع قناة "فرانس 24". المغرب أعطى معلومات أكيدة حول مكان تواجد الجهادي من أصل مغربي عبد الحميد أباعود، المتهم بكونه العقل المدبر لتفجيرات باريس في 13 نونبر 2015، وعمليات بروكسل الإرهابية في 22 مارس 2016، يشدد الخيام، وتابع: "المصالح الاستخباراتية المغربية تمكنت من تحديد موقع أباعود بعد تمكننا من التوفر على معلومات تفيد بأنه في منطقة سان دوني الفرنسية، وبأنه كان يحضر لعملية إرهابية أكبر من تلك التي وقعت في الجمعة الأسود بباريس". تلك المنطقة الحساسة جدا، والتي تضم مصارف مالية كبيرة وفنادق فخمة، هي منطقة "لاديفانس"؛ يكشف مدير BCIJ، الذي أورد أن منح السلطات الفرنسية والبلجيكية لهذه المعلومات يندرج ضمن "التعاون المغربي على المستوى الأمني والاستخباراتي مع حلفائه في أوروبا". ولم يخف الخيام أن المغرب حذر بلجيكا أمنيا قبل عمليات بروكسيل الإرهابية في مارس من العام الماضي من تواجد أخطار إرهابية على بلدها، وزاد مستدركا: "لكن لم يأخذوا التحذيرات بجدية حتى وقع ما وقع"، مردفا بأن تلك التحذيرات تنطلق من كون حي مولمبيك في بروكسيل، الذي ينحدر منه أباعود، ينحدر منه أيضا زعيم "خلية بليرج"، التي تم تفكيكها عام 2006، وزاد: "تبين من خلال أبحاثنا أن عبد القادر بليرج اقترف عدة أفعال إجرامية في بلجيكا ويخطط لتنفيذ عمليات إرهابية في المغرب، وقام بتهريب عدة أسلحة.. وقلنا لبلجيكا إن هؤلاء الأشخاص متورطون". وحول ملف مكافحة الإرهاب الحدودي، وبعد انتقاده لسوء التنسيق الاستخباراتي مع الجزائر، كشف الخيام أن التعاون الأمني مع الجارة الجنوبية موريتانيا "كان دوما مثمرا أمنيا وليست هناك أي عرقلة في تبادل المعلومات الاستخباراتية"، مشيرا إلى أن "التنظيمات الإرهابية وجدت موطئ قدم لها في ليبيا والساحل الإفريقي"، وزاد: "خلق مناطق للتوتر في المنطقة سيسهل تواجد تلك التنظيمات". وفي ملف التعاطي الحقوقي الرسمي مع معتقلي الإرهاب في المغرب، يتحدث عبد الحق الخيام عن كون المصالح الأمنية المغربية تستند إلى قوانين مكافحة الإرهاب "مع احترام تام لحقوق الإنسان"، موضحا أن "التدخلات الأمنية لتفكيك الخلايا الإرهابية تتم في نطاق قانوني، إذ يتم تصويرها بالفيديو وفي الساعات القانونية وتحت إشراف النيابة العامة، وتملى جميع حقوق الموقوفين قبل الحراسة النظرية من حيث حق الصمت ولقاء المحامي...". عملية المراقبة على فضاءات الإنترنت والأجهزة الإلكترونية تتم بشكل حازم، حسب الخيام، الذي أورد أن "منصات التواصل الاجتماعي تبقى نقطة قوة التنظيمات الإرهابية التي تمرر عبرها الأفكار المتطرفة، ويتم عبرها غسل أدمغة الشباب في المغرب وفي العالم"، حسب تعبيره، مشددا على هذا الواقع يشكل تحديا للمصالح الأمنية المغربية كما الدولية، وزاد: "لنا أشخاص مؤهلون للقيام بمهمة مراقبة كل ما من شأنه أن يشكل تهديدا".