قبل موعد انطلاق الرحلة رقم AT0200 المتوجهة إلى نيويورك.. وبعد دقائق من المرور على نقط التسجيل وشحن الأمتعة ومراقبة الجوازات بمطار محمد الخامس بالدارالبيضاء، نصل إلى القاعة المخصصة للإركاب نحو الولاياتالمتحدةالأمريكية.. المكان هنا غير اعتيادي مقارنة مع باقي القاعات، فقد جرى نصب حزام أمني يتوسطه رجال ونساء شرطة.. في هذا التقرير، سننقل القارئ إلى أجواء التعزيزات الأمنية التي فرضتها واشنطن على مطارات العالم. إجراءات صارمة مسة أفراد من الشرطة يقومون بتفتيش المسافرين على غير العادة بواسطة آلة إلكترونية، مع تفتيش الأمتعة التي يصطحبها كل مسافر إلى الطائرة المتوجهة إلى مطار جون كيندي الدولي بنيويورك، حيث تنتصب لافتة صغيرة تظهر قرار الولاياتالمتحدةالأمريكية منع المسافرين القادمين من 10 مطارات عالمية، ومن بينها المغرب، من حمل أجهزة إلكترونية بمقصورات الطائرات، حيث سبق لسفارة واشنطن بالرباط أن بررت القرار بتخوفها من اعتداءات إرهابية. بعد إجراءات التفتيش، يتأكد رجال الشرطة بالسؤال الشفهي ما إن كانت أمتعتك تضم حاسوبا أو لوحة إلكترونية.. لتنطلق الرحلة المباشرة على متن طائرة البوينج 787 التابعة للخطوط الملكية الجوية، مستغرقة قرابة 8 ساعات فوق مياه المحيط الأطلسي، قبل أن تحط فوق مطار جون كندي الدولي بمدينة نيويورك على الساعة السادسة مساء بالتوقيت الأمريكي المحلي، الذي يتخلف عن التوقيت المغربي الصيفي بخمس ساعات. داخل القاعة المخصصة للتأشير الجمركي على جوازات السفر لغير الأمريكيين، يقف صف طويل من المسافرين ينتظر دوره للمرور داخل جناح المطار الذي يعد من أكبر مطارات العالم.. بعد ساعة من الانتظار، نضطر للاستعانة بأحد رجال الأمن لتسهيل عملية مرورنا السريع لاعتبار الموعد المرتقب قريبا للطائرة التي ستقلنا صوب مدينة أورلاندو التابعة لولاية فلوريدا.. نجتاز الصفوف الطويلة لنصل إلى المقدمة بعد تفهم سلس لوضعيتنا من لدن رجال الشرطة. هنا في مطار جون كندي الدولي، جل العاملين فيه من موظفي الجمارك ورجال ونساء شرطة وحراس الأمن وموظفي المطار من الأمريكان ذوي البشرة السوداء، وهو الحال نفسه في محلات تقديم الوجبات السريعة.. واقع لم نجد له مبررا من بعض من سألناهم من المواطنين الأمريكان، سوى أن من يقدمون على تلك المهن، يعتبرونها متعبة في عرف مواطني بلاد العم سام ويتحملون أعباءها. تفتيش آلي وصلنا إلى مركز خطوط الطيران الداخلي عبر قطار سريع داخل المطار الضخم، بعد عملية تسجيل سريعة يأتي موعد المرور على نقطة التفتيش الجمركي، التي أظهرت حجم الاستنفار الأمني لدى الشرطة الأمريكية؛ حيث يجتاز المسافر مخدعا للتفتيش الآلي، ليقع الاختيار على مواطن مغربي اضطرت معه سيدة شرطة لطلب تفتيشه بشكل استثنائي بطريقة يدوية وإخضاع حقيبته الصغيرة لتفتيش أكثر حزما بإخراج جميع اللوازم، وذلك بعدما أخذت الإذن مسبقا وأخبرته بأنه هناك شيئا غريبا داخل الحقيبة. مقابل ذلك، يأتي شرطي آخر ليخضع المواطن المغربي لتفتيش جديد على مستوى جميع أنحاء الجسم، بعد إخباره بأن آلة التفتيش الآلي ضبطت شيئا غريبا لديه.. حين أخذ الإذن مرة أخرى ويتم تخيير المعني بين أن تتم العملية في الفضاء العام أو الذهاب إلى مخدع خاص.. بعد أخذ ورد، يمرر الشرطي الأمريكي يديه على جميع أعضاء جسم المسافر بطريقة احترافية وفي مختلف الاتجاهات؛ ليتبين بعد دقائق أن الأمر يتعلق بقطعة ورقة علكة صغيرة بقيت في جيب المواطن المغربي وشريطا من الثوب ملتصق بقميصه هو سبب هذا الاستنفار. تنطلق الرحلة الداخلية رقم 883 صوب مطار أورلاندو وتستمر لساعات ثلاث، حيث نزل المسافرون في ظروف عادية، في أجواء خففت خلالها الإجراءات الأمنية، وتمت فيها عملية تسلم الحقائب في زمن قياسي ودون أية إجراءات إضافية عن سابقتها في مطار جون كندي الدولي بنيويورك. حظر أمريكي تأتي هذه الإجراءات الأمريكية الصارمة أياما بعدما أصدرت واشنطن تعليمات بإلزام الركاب بوضع أجهزة الحاسب الآلي المحمولة والأجهزة اللوحية مع الأمتعة المصاحبة لهم أسفل الطائرة ومنع اصطحابها داخل مقصورة الطائرات المسافرة إلى الولاياتالمتحدة مباشرة من 10 مطارات دولية، بما في ذلك مطار محمد الخامس في الدارالبيضاء، ابتداء من مطلع أبريل الجاري. وبررت سلطات إدارة النقل في الولاياتالمتحدةالأمريكية القرار باستمرار "تهديدات المنظمات الإرهابية" و"الحفاظ على سلامة سفر العامة"، على أن هذا الإجراء المدروس اتخذته وزارة الأمن الداخلي وإدارة أمن النقل. ويشكل بالتفصيل الحواسب المحمولة، والأجهزة اللوحية، والكاميرات، وأجهزة القراءة الإلكترونية، وأجهزة تشغيل أسطوانات "دي. في. دي" المحمولة، وأجهزة الألعاب الإلكترونية، والطابعات وأجهزة المسح الضوئي. ويسري الحظر الأمريكي على الرحلات الجوية المتجهة إلى الولاياتالمتحدة دون توقف، وسيشمل الطائرات القادمة من مطارات لعشر وجهات جلها عربية، هي مطارات الدارالبيضاء والقاهرة والكويت والدوحة وعمان والرياض وجدة وإسطنبول وأبوظبي ودبي.