في آخر حلقاته لهذه السنة، تم النقاش، من خلال برنامج مباشرة معكم، حول فترة ما بعد الاستفتاء حول الدستور الجديد حيث بدت، من خلال كلمات المتدخلين، بروز ملامح صعوبة التسريع في الاستجابة لمطالب الشارع المغربي. ولقد كان هذا متوقعا بالنظر لخصوصيات المشهد السياسي المغربي وخصوصا مكونات الحكومة المغربية الحالية إذا صرح الناطق الرسمي باسمها أن موضوع موعد إجراء الانتخابات لم يتداوله مجلس الحكومة في اجتماعه ليوم الاثنين 4 من شهر يوليو الجاري لأنه مرتبط، حسب قوله، بمجموعة من "التوافقات السياسية الأساسية"؛ أو ما استنتج من خلافات بين هؤلاء الفعاليات أثناء لقاءهم بالسيد وزير الداخلية بخصوص، أعتقد ذلك، كيفية تكييف آليات تفعيل الاستحقاقات الانتخابية المرتقبة في بداية شهر أكتوبر المقبل ومتطلبات المرحلة. مما يثير الجدل لدى المواطن هو عدم توضيح مضمون ما ستتوافق بشأنه "الأحزاب" لتبقى تأويلات مفهوم التوافق مبهمة وقابلة لعدة تفسيرات قد تكون إيجابية وقد تكون عكس ذلك. فالمواطن المغربي قد أصبح، تبعا لمقتضيات الدستور الجديد وما يضمنه له من حق الإطلاع والحصول على المعلومات، لا بد له من معرفة ما المقصود بمضمون التوافقات السياسية والجدل القائم بخصوصها، إذ لا يمكنها أن تبقى حبيسة الكواليس الادارية - الحزبية بل لا بد من تمريرها عبر نقاشات عمومية ليتضح للمواطن طبيعة ومضمون الخلاف اللذان قد يؤجلا تنظيم الانتخابات عن موعدها المعلن. هذا مع العلم أن التأجيل يعني مزيد من الانتظار وما ينجم عنه من سلبيات قد تتم ترجمتها واستغلالها في كل الاتجاهات وغالبا ما يكون في الاتجاه السلبي. لكن، هل من الضروري أن يكون هناك توافق "بين" أحزاب معينة ؟ أليس هناك قانون يتعلق بمضمون هذه التوافقات الذي وجب بموجبه على الكل الامتثال له؟ أم أن الأمر لا علاقة له بقانون حاسم وبالتالي قد يفهم لذا المواطن بأن المقصود من التوافقات هي مجرد تراضي وإرضاء بين أطياف سياسية فاعلة في الحكومة الحالية ؟ هذا مع العلم أن الحكومة الحالية ليست بحكومة سياسية وهذا ما يطمح المغاربة لتجاوزه من خلال تصويتهم إيجابيا على مقتضيات دستور الفاتح من يوليو 2011. فمن خلال التدخلات يتضح أنه لا احد من المتدخلين كانت له الجرأة في الإشارة إلى عمق الموضوع حيث افتتح الأمين العام للمجلس الاقتصادي والاجتماعي، السيد ادريس الكراوي، تدخله حول متطلبات المرحلة من خلال سرده لثلاث إشكاليات تعنى بتأهيل العنصر البشري وبتأهيل الاقتصادي الوطني من أجل خلق الثروات وبإشكالية التأهيل الثقافي. هذا مع العلم أن الاشكاليات الثلاثية الأبعاد أولا هي بعيدة كل البعد عن انشغالات وانتظارات المواطن المغربي. ثانيا، لم تم إقصاء تأهيل المشهد السياسي وهذه هي الحلقة المحيرة في المغرب. ثالثا، تعتبر هذه الاشكاليات عنوانين كبرى وجب تفصيلها لعدة محاور وبالتالي فهي تبقى مجالات للنقاش والعمل مستقبليا لكون المجلس الاقتصادي والاجتماعي لا يمكنه أحاديا "فك لغز" هذه الاشكاليات اعتمادا على مؤهلاته البشرية فقط لكونها وبكل بساطة تتطلب إشراك كل الفعاليات سواء منها الحكومية أو غيرها من قطاع خاص ومن مجتمع مدني في إطار نقاش جهوي يرقى بالجهة إلى فاعل حقيقي ذو وزن دستوري لبلورة وإثراء عمل المجلس. ما هو مؤكد أن إيجاد حلول لهذه الاشكاليات لن يكون على المدى الذي ينتظره المواطن المغربي بل أكثر من ذلك فهي مقاربة أكاديمية لمشاكل الواقع المعاش مع اقتراحات يصعب تفعيلها لفقدانها الدقة ( le ciblage de l'objectif) إذ تبقى، في نظرنا المتواضع، عناوين لبرامج عمل مستقبلية بالرغم من كونها لم تكن لتكون كذلك لكون إشكالية تأهيل العنصر البشري هي تراكمات معرفية ووظيفية لم تعمل على توفيرها الفعاليات المعنية بها منذ سنين. وكذلك الشأن بخصوص المجال الاقتصادي والمجال الثقافي. إذ كيف ونحن في صلب العولمة وتحدياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لا زلنا نطرح مثل هذه الاشكاليات التي أعتبرها: أولا، اعترافا جليا بفشل السياسات العمومية المتبعة في المجالات المشار إليها؛ وثانيا، تناقضا إزاء ما تم إنجازه منذ تولي ضامن وحدة البلاد من مشاريع اقتصادية ومبادرات اجتماعية شهدت لها أغلب الدول المتقدمة بأهميتها. لا مجال، في الظروف الراهنة، للرؤيا الأكاديمية والنظرية الذي تطول نتائجها بفعل تشابك الأيديولوجيات حول كيفية تحويل وتبسيط هذه المحاور- الإشكاليات إلى برامج واضحة وواقعية أي قابلة للتنفيذ وذات نتائج ملموسة من طرف الشارع المغربي. وهذا ما أكد عليه، السيد الكتاني، رئيس جمعية "بدائل" بقوله أنه لا مجال للتريث أمام التطلعات جد الملحة ل 98,5 في المائة من مجموع المؤيدين للدستور الجديد، إذ كان ينبغي ليس العمل ابتداء من "اليوم" بل كان واجبا التنبأ بهذا الوضع منذ "البارحة". فهذا يعني، من جهة، عجز الفكر السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي المغربي على بلورة استراتيجيات مستقبلية قادرة على إعداد أسس موضوعية وعلمية لرؤى مستقبلية تنبؤية لطبيعة التحديات المستقبلية التي يمكن أن تواجهها البلد. ومن جهة أخرى، يمكن فهم كلام رئيس جمعية "بدائل" بكون الواقع الحالي كان حدوثه منتظرا نتيجة غياب التنسيق والاستمرارية بين مختلف السياسات العمومية بصفة عامة منذ زمن نتيجة خلخلة المشهد السياسي المغربي وبالتالي أداء الحكومات الناجمة عن هذه الخلخلة. إذ ترتب عنها تراكم ملفات المفسدين، عرقلة عمل المجلس الأعلى للحسابات من طرف الأحزاب وما يترتب عنه من حزازات بين مكونات المجتمع المغربي، التدبير غير العقلاني للعديد من القطاعات العمومية، الغياب شبه التام ل"وطنية" القطاع الخاص وغيرها من التراكمات التي نأمل أن تشهد نهاية بتفعيل مقتضيات دستور الفاتح من يوليوز 2011. لا أعتقد، عكس ما صرح به رئيس جمعية "بدائل"، أن صياغة ميثاق شرف لخلق الثقة بين مكونات المشهد السياسي وبين هذا الأخير والمجتمع المغربي سيكون ذا فعالية لكون المسألة لا تتطلب ميثاق، إذ سرعان ما يتم نبذه من طرف هذا الجانب أو ذاك، بل وجب سن قانون كما ورد في مقتضيات الدستور الجديد بخصوص إلغاء ظاهرة الترحال السياسي. فالثقة لن تتأتى إلا من خلال الجهوية المتقدمة التي سترغم الأحزاب على إدماج ضمن أطرها المؤهلات الكفأة من الشباب وهذا إذا ما رضيت هذه الكفاءات بالانضمام إلى احزاب احتقرتها وهمشتها وتجاهلتها وجعلت منها شبابا يعيش على "فتاة" ما ستجود به الحملات الانتخابية. لا يجب أن تعتقد الأحزاب المغربية بأن الحال مازال على حاله وخير ذليل على ذلك طبيعة الاستقبال، لا أدري المصطلح المواتي لوصفها به، لبعض زعماء الأحزاب الذين استغلوا التعبئة لشرح مضامين الدستور قصد جس "نبض" أو ردة فعل أهل ما كانت توصفها بمعاقلها، أي خزائن أصواتها، بخصوص مصداقيتها. وهذا المنحى يتأكد من خلال الربط بين ما تقدم به رئيس جمعية بدائل وعضو المكتب التنفيذي للحركة الشعبية، السيد لحسن حداد، حين أكد عن استحالة تواجد نخب سياسية مؤهلة في الوقت الحاضر وبالتالي يبدي تخوفه من "أن يتمخض عن حراك الشارع المغربي ولادة توأم البرلمان الحالي". وما أشار إليه كذلك، كون الأحزاب غير مؤهلة داخليا لا من حيث الدمقرطة ومن حيث التشبيب. ما تقدم به عضو المكتب التنفيذي للحركة الشعبية معروف ومألوف وكتب بصدده الكثير من جراء انطواء جل النخب السياسية على نفسها واعتبار زعيم الحزب "كمالك لمقهى يفتح بابها حينما يشاء ليسمح بالدخول لمن يشاء ويغلقها حينما يشاء". إذا كانت هناك استحالة أو بالأصح عدم الرغبة في إيجاد نخب جديدة شابة في الوقت الراهن فهذا الأمر مجانب للصواب وغير ذي موضوعية. وهو في واقع الأمر اعتراف علني بعجز بعض الأحزاب السياسة عن استقطاب الشباب ؛ اللهم إذا كانت نوعية الشباب التي يشير إليها عضو المكتب التنفيذي للحركة الشعبية من نوعية "خاصة". وكما قال رئيس جمعية بدائل، وجب البحث والاستقطاب منذ البارحة وليس ابتداء من اليوم. ولتبرير أن جاهزية المشهد السياسي للتأقلم مع متطلبات المرحلة الجديدة، أي تفعيل مقتضيات الدستور، ما زالت لم تنضج بعد وأن هذا التأقلم يستلزم بعض الوقت معللا قوله أنه ثمة من الأحزاب من استوعب تحديات المرحلة وهناك من يعتقد أن الحراك الشبابي إنما هو سحابة عابرة "لنصبر" حتى تزول أو تنجلي لنعود إلى الممارسات السالفة. هنا لا أدري هل اضع نقطة استفهام أم نقطة تعجب، إذ أتساءل كيف لعضو مكتب حزبي أن يعبر علانية عن وضعية باقي الأحزاب. أعتقد أن ما هو موضوعي هو أن عضو المكتب التنفيذي للحركة الشعبية تجاوز حدود اللباقة السياسية وكان عليه الاكتفاء بالحديث عن حال حزبه. حينها سيكون قوله مفيدا وموضوعيا. أما إذا كانت بعض الأحزاب أو جلها تفكر على نحو ما ادعاه، كون الحراك الشبابي إنما هو سحابة عابرة "فلنصبر" حتى تزول أو تنجلي هذه السحابة لنعود إلى الممارسات السالفة (وهذا بالضبط هو المعتقد السائد لدى الشارع المغربي للأسف لكونه مليء بالدلالات السلبية اتجاه واقع ومستقبل المشهد السياسي في المغرب)، فهذا أمر جد خطير سياسيا واقتصاديا واجتماعيا من حيث عقباته. ما هو إيجابي في قوله هو ضرورة احترام موعد الانتخابات المرتقبة في أوائل شهر أكتوبر 2011. إلا أنه، من وجهة نظري، ما كان على السيد لحسن حداد التصريح بكونه (أي حزبه) لا مانع له، مرحليا، في غياب توافر نخب سياسية جديدة، أن نقبل ببرلمان "لا بأس أن يكون مشكلا من ثلة من الصالحين وثلة من الطالحين المفسدين". لا أدعي الحيرة لكوني مقتنع بأن الخطاب السياسي غير قار ولا يمكن أخذه بجدية في حينه لأنك اليوم إذا كنت تستعجل بتنظيم الانتخابات في موعدها أي في أكتوبر، فما المقصود من المقال الذي كتبته خلال أسابيع خلت تحت عنوان: "الانتخابات في 11 أكتوبر... لم الاستعجال ؟ أليس هناك تناقض صريح بين ما كتبته البارحة وما تدافع عنه اليوم ؟ أعتقد أنه وجب على عضو المكتب التنفيذي لحزب الحركة الشعبية التزام الصمت عوض البوح بهذا المقترح لأنه لا محالة سيفقده هو وحزبه شعبيتهم في وقت يؤكد فيه ضامن وحدة البلاد، استجابة لملتمسات الشارع المغربي، على ضرورة أن تشكل الانتخابات المقبلة قطيعة تامة وجدرية مع ما ألفت بعض الفعاليات السياسة القيام به منذ زمن. ما أثار استغرابي هي الصيغة غير الموضوعية التي أثيرت بها مسألة إعادة توزيع الثروة في البلاد علاوة على الاقرار علنا بأن المغرب بلد فقير؟ حيث تم اختزال مسألة إعادة توزيع الثروة في إعادة صياغة القانون الضريبي، الأمر الذي عجزت عن تحقيقه الدول الأكثر تقدما. ما لم يرق لي شخصيا هو ما صرح به عضو المكتب التنفيذي للحركة الشعبية حين قال :" هل إعادة توزيع الثروة تكمن في نزع ما للغني وإعطاءه لغيره؟ "... بقولك هذا، فإنك لا تعرف عزة المغاربة حقا، فهم لا يقبلون الصدقة بل يطالبون بإعطاء كل حق حقه بما تعنيه الكلمة من معنى. لا تقتصر عدالة توزيع الثروة على تعديل القانون الضريبي وحده، وأنت تعلم ذلك جيدا، أي le rôle redidistributif de l'Etat))، بل في إعادة النظر في منظومة الأجور من منظور التقليص من الفرق الشاسع وغير المبرر بين الأجور العليا والأجور الدنيا، عدم التملص من أداء الضرائب، عقلنة مصاريف الدولة ومداخيلها، عقلنة تدبير صندوق المقاصة، الحد من اقتصاد الامتيازات والريع، الحد من المكافآت الخيالية والتعويضات علاوة على الفضائح المالية التي أشار إليها المجلس الأعلى للحسابات والمفتشية العامة للداخلية والتي أنتم، كأحزاب، وقفتم ضد المتابعات والمحاسبات حسب ما صرحت به بعض الجرائد استنادا إلى الهيأتين المذكورتين. أليس كلما ذكر كفيل، ليس فقط بإنهاك الاقتصاد الوطني، بل بمحوه للآثار الإيجابية ل le rôle redistributif de l'Etat ؟ أما القول بأن المغرب بلد ذو اقتصاد فقير من خلال الرقم الهزيل الذي قدمه السيد الكتاني، رئيس جمعية بدائل، والذي شبهه بأرباح شركة واحدة من شركة الدول المتقدمة، فهذا القول إنما هو استهزاء بالمتتبع للبرنامج. أولا، مما لا شك فيه أن الرئيس المذكور لم يطلع على آخر دراسة أجنبية التي أقرت بأن المغرب قد نجح في تجاوز التحديات الاقتصادية أي أن هناك تقدم اقتصادي إلا، وهذا ما يجب الانتباه إليه، أن هذا التقدم الاقتصادي لم يتمكن من تحسين الأوضاع الاجتماعية وهذا يعني عند الاقتصاديين croissance sans développement et sans bien être du citoyen car la croissance c'est produire plus et le développement c'est vivre mieux)). وفي هذا دلالة جد جلية لمفهوم توزيع الثروة. أما المسألة الثانية بخصوص الدخل الهزيل الذي أراد رئيس جمعية بدائل من خلاله توضيح فقر الاقتصاد المغربي، فاسمح لي ان أذكرك بأن الاقتصاديات في العالم التي تتميز بما يصطلح عليه ب"الاقتصاديات الحدودية" économie frontalière)) يصعب تحديد مداخيل الدولة بصفة دقيقة بالنظر لانتشار التهريب من خلال الحدود وتنامي القطاع غير المهيكل والذي لا يندرج في حساب الناتج الداخلي الخام في حين أنه يعرف رواج رساميل جد مهمة وتعيش بفضل مزاولته نسبة مهمة من المواطنين. أما الشاب الناشط الجمعوي والحقوقي فاكتفى بالأساس باستعارة مصطلح الذكاء الجماعي الذي اعتبره أمين المجلس الاقتصادي والاجتماعي مكسبا أفرزه الحراك الشبابي والكيفية السلمية التي تعاملت وأنصتت من خلالها السلطات العمومية المغربية لهذا الحراك، ليطالب، أي الشاب الجمعوي، بضرورة العمل على تأهيل الضمير الجماعي. لا اعتقد أن المنحى الذي اتخذه هذا الشاب كان صائبا إذ كان عليه عدم الانسياق لما قاله الآخرون بل كان عليه فرض حوار يعكس منظور شباب الألفية الثالثة ومتطلباتها. علاوة على هذا، لم يكن ليقتبس مصطلحا لا يفهم مضمونه إلا من صرح به أي مصطلح l'intelligence collective. لعلمه، أنه لم يعد هناك مواطن مغربي يمكن لأي كان أن يخاطبه بمصطلح الضمير الجماعي لأن مصطلح الضمير واستغلاله في الظروف الحالية تبقى مجرد مزايدات كلامية لا محل لها من الاعراب. كما أن الحديث عن مسألة الضمير ونضجه يتطلب أن تكون أرضيته أو ربيعه ثورة ثقافية مسبقة. الأهم أن المواطن المغربي الآن يتوفر على دستور متضمن لحقوق وواجبات وجب على فعاليات المشهد السياسي تفعيلها. أما المخرج السينمائي، فأعتقد أنه لم يستوعب سؤال مدى إمكانية المبدع بالتنبؤ بالحراك السياسي الذي شهدته جل الدول العربية ومنها المغرب، إذ اكتفى بالقول أنه ثمة قطيعة مع مرحلة عايشها في السبعينات، وربما هي التي أدت إلى هجرته إلى الخارج والتخلي عن المجال السياسي مفضلا اعتناق الرومانسية والدراما (...) متجاهلا أن الفنان وجب أن يكون "الحس السياسي النابض للمجتمع" بمعالجته، من خلال أفلامه، لقضايا شعب وطنه وانشغالاته وطموحاته وغيرها مما يبرهن عن توافق وتناغم ومواكبة أفكاره وأعماله مع الواقع المعيشي لإخوته أي أبناء وطنه. فالدليل على أنه ثمة تغيير في المغرب، تبعا لما صرح به، لا يكمن، في تصوره، إلا من خلال تواجده في ضيافة 2م من خلال برنامج مباشرة معكم. كما تجدر بنا الإشارة إلى أن هذه التصريحات التي تضمنها برنامج مباشرة معكم وأعتقد أنه اختتم بها موسمه التلفزي، تأتي متزامنة مع تصريحات أو تهديدات من طرف حزبين يتضح أنهما "يتسابقان أو "يتصارعان" للظفر برئاسة أول حكومة في ظل دستور الفاتح من يوليو 2011. وأعني بهذا، تصريح كل من الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، السيد بنعبد الله، والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، الأخ عبد الإله بنكيران. إذ صرح الأول بعدم مشاركة حزبه في انتخابات أكتوبر 2011 إلا في ظل تغيير الإدارة الترابية الحالية (والفاهم يفهم)؛ أما الأمين العام لحزب العدالة والتنمية فيطالب بإرجاء موعد الانتخابات إلى موعد بعد شهر أكتوبر كما أن هناك من بدا يتحدث عن تنظيم الانتخابات في شهر مارس عوض شهر أكتوبر... والباقيات، السلبيات، تأتي. في غياب إطلاع المواطن المغربي على مضمون ما يجري في الكواليس والاكتفاء بإيفاده ببيانات "سطحية" ، أعتقد أن هذا الفعل مناف لروح مقتضيات الدستور التي تضمن للمواطن الحق في الإطلاع على المعلومة خاصة وأنه مدعو للمساهمة بنسبة جد مهمة في سلسلة الانتخابات سواء التشريعية أو الجماعية أو الجهوية. فحتى الأحزاب لم تعقد أي مؤتمر استثنائي أو إخباري بهدف إطلاع مناضليها، وربما استقطاب مؤهلات شابة جديدة، على مضمون ما يجري من مشاورات بين الجهاز الإداري والأمناء العامين للأحزاب أو مكاتبها السياسية أو تلك التنفيذية لتشاع، على إثر هذا الوضع، سلسلة من التساؤلات ولا أعتقد أن الوضع الحالي سيسمح بالانتظارية أو اللامبالاة... فكلما طال صمت الحكومة وغابت مبادراتها لتحسيس المواطن بأن الشروع في التغيير قد بات حقيقة ملموسة أي أن بعض الإجراءات القابلة للتنفيذ ضمن الدستور الجديد هي قيد الانجاز على المدى الآني، إلا وسيجد اليأس والاحباط سبيلهما لمخيلة المواطن المغربي والذي قد يسلك سبيلا سلبيا اتجاه المشهد السياسي برمته وبالتالي سيغيب التنبؤ بل السيطرة على تطورات الأحداث. وأعتقد، على ضوء كل ما سبق ذكره، أن سبيل تجاوز هذا المنحى قد يكمن في ما صرح به السيد ادريس الكراوي، الأمين العام للمجلس الاقتصادي والاجتماعي، إذا كنت قد فهمت قصده، بخصوص ضرورة أن يأخذ ضامن وحدة البلاد والإدارة التي أبانت عن حنكة عالية في تدبيرها لمرحلة إعداد الدستور الجديد من خلال تنصيب آلية الأستاذ المانوني تحت إشراف السيد المعتصم مستشار ملك البلاد وضامن وحدتها، إلى أخذ المبادرة في تدبير المرحلة الانتقالية بين مرحلة التصويت الايجابي على دستور الفاتح من يوليو 2011 ومرحلة الانتخابات المقرر تنظيمها ابتداء من إطلالة شهر أكتوبر. هل يمكننا استنتاج أن هذا التصريح هو بمثابة اقتراح تأكيدي من المجلس الاقتصادي والاجتماعي، على لسان أمينه العام، إلى تعيين حكومة تقنوقراطية مرحلية يعهد إليها تدبير خصوصيات ومستلزمات هذه المرحلة الانتقالية حتى يتمكن المشهد السياسي من إيجاد توافق بشأن ما يختلف فيه؛ ومن ناحية أخرى، تمكين أعضاء الحكومة من التفرغ إلى تعبئة قواعدهم أو مناضلي أحزابهم استعدادا للاستحقاقات القادمة ؟ باحث في العلوم الاقتصادية والاجتماعية [email protected]