بعد خمسة أشهر وبضعة أيام من الشدّ والجذب بينه وبينه قادة الأحزاب التي كان مفترضا أن يشكّل معها حكومته الثانية، انتهى مشوار رئيس الحكومة المكلّف، والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، مساءالأربعاء، ببلاغ صادر عن الديوان الملكي، جاء فيه أنّ القرار اتُّخذ بناء على الاختيارات المتاحة التي يمنحها الدستور للملك. إعفاء بنكيران من مهمّة تشكيل الحكومة أعاد إلى الأذهان قرارَ إبعاد حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية من قيادة الحكومة عقبَ قيادته لأوّل ولاية حكومية له في إطار التناوُب التوافقي، وتصدُّره للانتخابات التشريعية سنة 2002، وإنْ كانَ بلاغ الديوان الملكي أكّد أنَّ الملك سيعيّن شخصية سياسية أخرى من حزب العدالة والتنمية لتشكيل الحكومة. فهلْ سيُفضي إبعاد عبد الإله بنكيران وتعيين قيادي آخرَ من "حزب المصباح" إلى وضع حدٍّ لحالة "البلوكاج" الحكومي التي عمّرت أزيد من خمسة أشهر؟ أمْ أنّ العملية ليْست سوى تمهيد للتخلص من بنكيران "المزعج"، كمَا جرى "التخلص" من عبد الرحمان اليوسفي سنة 2002، فاعتزل السياسة، فيما شارك "حزب الوردة" في حكومة جطو رغم تنديده ب"الخروج عن المنهجية الديمقراطية"؟. رشيد لزرق، الباحث في العلوم السياسية، يرى أنَّ من الصعب التكهّن بمستقبل حزب العدالة والتنمية قبل إعلان "بروفايل" الشخصية التي ستقود مشاورات تشكيل الحكومة، قبل تعيينه بصفة رسمية من طرف العاهل المغربي، وما إن كان سيكون محَطّ إجماع أم سيكون موضعَ خلاف. واستبعد لزرق أن يكون مآل حزب العدالة والتنمية على النحو الذي آل إليه حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي فقد كثيرا من شعبيته بعد إبعاد زعيمه الأسبق عبد الرحمان اليوسفي من تشكيل حكومة 2002، موضحا أنّ الفرق بين حزبي "الوردة" و"المصباح" هو أنّ الأوّل قائم على التباين والتنوع والصراع بين الأجنحة، فيما الثاني "حزب له رؤية أبوية يحدّد إطارَها شيوخ حركة التوحيد والإصلاح". ورغم أنّ قادة الجناح الدعوي ل"حزب المصباح" يؤكدون على التمايز بين المجال السياسي والدعوي، فإنّ لزرق يرى أنّهم يلعبون دورَ المُرشد وهم من يُحددون توجهات الحزب، وتحظى قراراتهم بالانضباط، مضيفا أنّ حزب العدالة والتنمية "هو تنظيمٌ ديني الجوهر، حتى لو أظهر أنه حزب ديمقراطي". وفيما تنصب الأنظار حول الشخصية السياسية التي يُرجّحُ أنْ يعيّنها الملك من حزب العدالة والتنمية لتشكيل الحكومة، بعد فشل عبد الإله بنكيران في هذه المهمة، توقّع لزرق أن ينتهي "البلوكاج" الحكومي بتفاهمات بين أخنوش ورئيس الحكومة المكلّف الجديد، "ليُثبت أن المشكل في بنكيران وفي طريقة تدبيره لمفاوضات تشكيل الحكومة". غير أنّ التفاهم بين الطرفين، حسب لزرق، سيؤدّي حزب العدالة والتنمية مقابلا له، مُرجّحا أن يتنازل الأخير عن حقائب وزارية وازنة، وعلى رأسها الاقتصاد، "لعدم توفره على مشروع اقتصادي أو كفاءات كبرى في هذا المجال"، ومضيفا أنّ الرهان الأكبر، حاليا، بالنسبة لحزب العدالة والتنمية هو "ألا يقع شرخ في حركة التوحيد والإصلاح، وليس الأمانة العامة للحزب، لأن الحركة هي النواة الصلبة لتنظيم العدالة والتنمية".