في الوقت الذي يحاول فيه المغرب كسب الرهان في قطاع المقاولات المبتكِرة في المجال التكنولوجي، تبقى المرتبة التي يحتلها في هذا المجال متأخرة بالمقارنة مع عدد من الدول الإفريقية، وخاصة الناطقة منها بالإنجليزية. واحتل المغرب، بحسب التقرير السنوي الثالث الصادر عن مؤسسة "Partech Ventures"، المرتبة العاشرة إفريقيا بحجم استثمار يقدر ب980 ألف دولار سنة 2016، متقدما على تونس وأوغندا، ومتأخرا عن كل من نيجيريا التي احتلت المرتبة الأولى بحوالي 110 ملايين دولار، وجنوب إفريقيا بما يقارب 97 مليون دولار، وكينيا ب39 مليون دولار. وجاءت رواندا في المرتبة الرابعة بحجم استثمارات أقل بكثير؛ بحيث لم يتجاوز 16 مليون دولار، فكوت ديفوار ب13 مليون دولار، وتنزانيا ب12.90 مليون دولار، فيما حلت مصر في المرتبة الأولى عربيا، السابعة إفريقيا، ب9.15 مليون دولار، فغانا ب8.67 مليون دولار، ثم السنغال ب6.50 مليون دولار. واستند التقرير إلى نتائج 77 مقاولة إفريقية ب12 دولة، بحجم استثمار إجمالي يناهز 367 مليون دولار، وهو الرقم الذي عرف تطورا بنسبة 33 في المائة مقارنة مع سنة 2015، التي سجلت فيها المقاولات المذكورة ما مجموعه 276.5 مليون دولار. وفي تعليقه على نتائج هذا التقرير، قال مروان هرماش، متخصص في الاقتصاد الرقمي، إن "خلاصات الدراسة تدمي القلب؛ لأنها تبين المكانة الحقيقية التي تتخبط فيها المقاولات المغربية الصغرى المشتغلة في هذا المجال". وأشار إلى أن الأرقام المعلن عنها تعتبر بمثابة إعلان فشل سياسات الدولة الرامية إلى تأهيل هذا القطاع. ولفهم أسباب تفوق دول إفريقية في هذا القطاع، تحتل مكانة متأخرة في مجال التنمية مقارنة بالمغرب، أوضح هرماش أنه "لا يمكن تحليل نتائج المقاولات الصغرى المشتغلة في المجال التكنولوجي إلا إذا ربطنا ذلك بمدى انخراط القطاع البنكي في السياسة العامة للاستثمار". وفي هذا السياق، أبرز الخبير ذاته أن حجم استثمار المؤسسات البنكية في المقاولات الصغرى "يبقى جد محدود"، على اعتبار أن "المقاولات المخول لها الحصول على التمويل حاليا هي المجموعات الكبرى، وعدد كبير منها يمتلك أسهما مهمة داخلها؛ أي إنها تقوم بتمويل نفسها، إلى جانب المقاولات الكبرى التي باستطاعتها منح ضمانات مريحة للبنوك". ولتجاوز المشكل، في نظر المتخصص، من الضروري محاربة ما أسماه "عقلية الريع" المسيطرة على عدد من المؤسسات التي تفضل منح التمويلات لمقاولات تشتغل في مجالات حدة المخاطرة فيها أقل، كمجال التعمير، فيما تبقى نسبة المخاطرة أكثر ارتفاعا في قطاع المقاولات الناشئة. من جهة ثانية، تبقى الحكومة، بحسب المصدر نفسه، طرفا مهما في المساهمة في إنجاح المقاولات الناشئة وتوفير الإطار الأمثل لها لتحقيق الأرباح الكافية للاستمرار والتطور؛ وذلك من خلال حث المؤسسات العمومية التابعة لها على تقديم الدعم المناسب للمقاولات الناشئة. وشدد هرماش على أن الحكومة "فشلت فشلا ذريعا في تطوير هذا النوع من المقاولات، التي لها أهمية شديدة، خاصة في ما يتعلق بجلب العملة الصعبة، وتوفير عدد كبير من فرص الشغل للشباب"، وفق تعبيره.