أكرهها...وأكره الخوف الذي يسكنها...والجبن الذي يتربص بها...أكرهها...أكره الذل الذي أراه في عينها...والجمال الذي يبدو نقمة عليها...كما أكره انتمائي لجنسها...أكرهها...وأكره الدهاء الذي لا يفارقها...والخطيئة التي تجعل منها تاجا على رأسها...أكره الخداع الذي تمارسه عليه وعلى نفسها...أكره اختزال عقلها في الألوان والأشكال وفي التفاصيل الدقيقة للقفطان...أكره عشقها للأشياء المزيفة...للمجوهرات التي تأخذ عقلها...الرجال نيام والأطفال على جنبات الشوارع جياع...والوطن حزين يذرف دموعا على حالها...وهي لا تبالي...غارقة في عشقها وشعرها...أكره صوتها الخافت الذي يكاد لا يصلح لشيء، إلا للصراخ أثناء المخاض أو العويل إن غاب عنها الحبيب...أو الزغاريد إذا جاءها النصيب...أكره الخلاخل والأساور التي تقيد بها أطرافها...كما اكره السواد الذي يرسم حدودا لعينيها...حتى لا ترى النور من ستأتي بعدها... أكرهها...وأكره كرهها للحرية والانطلاق ولكل من حاول إضاءة الشموع من حولها...أكره كرهها لنفسها وانتظارها بجوار الموقد طوال النهار...انتظار من يعلن أنها ليست الأهم لديه...بل هي واحدة من بين نسائه الأربع...أكره جهلها للمسافة التي تفصلها عن الحياة...وأكره موقفها الغير واضح أمام قضيتها...وإنابة الجلاد مقررا لمصيرها بدلا عنها...أكره هذا الخنوع الواضح للعيان...والتراجع المستمر نحو الوراء...وهذا التناقض الذي يبدو لا يفارقها...وهذا التمثل المرتبط بكيانها...واللغو الذي يلي دائما ذكرها... يا "ناقصة العقل والدين " ألا تكفيك هذه الإهانة ؟...كيف تقبلين بباقات الورود الملغومة عوض الحقوق المشروعة؟...في يوم ليس ككل الأيام...أريد له أن يكون عالميا...تسمعين فيه صوتك وتعطي له درسا في الإنسانية...من الخطأ أن تعتقدي أن الرجل السوي يحتاج لامرأة ضعيفة...والعيب كل العيب أن تجعلي من شعرك وخصرك وأحمر شفاهك أهم شيء لديه...ومن الحذاء والفساتين...من الحناء والعطر كل اهتمامك...وتختزلي كل قضاياك في الخبز والبحث عن اللذة...تجلب لك الحظ الوافر تستعبدين به امرأة ثانية...وطاقما مرصعا بالأحجار الكريمة تحملينه وشاحا فوق صدرك احتفاء بتملكه لك، بل احتفاء بذكرى اغتيالك...بذلك تكونين خارج دوائر التاريخ ألف ميلا...جوازا أصفرا تفتخرين به للمرور نحو شيء اسمه "التميز" وأنت تعلمين جيدا أنك لا تستحقينه ولو ثانية... كيف تقبلين بالصفوف الأمامية...وبالمقاعد والمناصب السامية حتى ولو كان ذلك تمييزا إيجابيا؟...وأنت تعلمين أيتها المتعلمة، أن التميز يستحق منك التضحية؟...كيف تعبثين بوجودك وهو أغلى ما تملكينه ؟...تعيدين إنتاج الأنماط والأغلال وأنت سعيدة... ألم تسأمي بعد من اجترار حكايات شهرزاد...ومن لعب دور الضحية...من ارتداء زي الحشمة والوقار...أو الارتماء في أحضان الجنس والإثارة...تمططين بذلك صهوة المذلة احتقارا؟ ... أتعتقدين أن التأرجح بين العالمين سيجعلك في أحسن حال؟...وارتماؤك في الصفوف الأمامية، سوف تضمنين السعادة للإنسان ؟...لا سيدتي، السعادة لمن يستحقها...إنها فقدت معناها يوم قبلت بالإقصاء...ما لي أراك في كل مرة تقدمين قربانا للفحولة؟...سواء كنت أمية أو وزيرة...في الصفوف الأمامية أو في مؤخرة الحظيرة...فأنت وجهان لعملة واحدة...غباؤك سال له حبر نزار...وأحزن ذرية...هدى ونوال وقاسم أمين...لورا وسارة، فيدا ورويا...شادي صدر آن وصوفيا...سيمون فرونسواز وأليس...جيسي وماركريت، كاميلي وايما...كيف تقبلين أن تكوني الهامش وأنت المركز؟...وأن تكوني النصف وأنت الكل؟...اسألي الجينات...اسألي التاريخ الذي أهين بسببك...اسألي الأرض التي توقفت عن الدوران احتجاجا... كيف تقبلين أن تكوني مجرد رقم في المعادلة ؟ كيف تقبلين أن تكوني أما ضعيفة...أختا خنوعة...وزوجة خائفة...زميلة تكتفي بتأثيث الفضاء وتحضير القهوة والشاي؟...والرئيسة تبدو بالمظهر فقط، فهي لا سلطة حقيقية لديها...وجودها لا معنى له، إلا بوجود الرجال يحومون حولها؟ ... ألم تستوعبي بعد أن الذل لا يلد رجالا...ولا يبني أوطانا ؟...وأن الجبن يجعل من العقول صخورا ومن القلوب قبورا...ألم تستوعبي بعد أن الرحم سئم منك...وان الوطن محتاج إلى ذكاء نسائه؟...ألم تفهمي بعد أن الازدهار عجز عن تحقيقه من تضنينه الأقوى ؟...هذه فرصتك إذن فقودي السفينة؟...لا تجعلي نفسك رهينة...فأنت أكبر بكثير من حجم المبيضين...شمري...انهضي...قومي بأعظم انتفاضة... اضمني لنفسك الخلود...قومي بأعظم ثورة...كوني ملهمة وعانقي الوجود...أعيدي للكون بهائه...أعيدي للحياة معناها...انزعي عنك الخنوع...وانتزعي منه الحقوق وجواز المرور...كوني أنت...ولا تكوني غير أنت...فأنت الحياة التي لا نعيشها مرتين...اعلمي أن ''من اختار الذل والانحناء، يموت كل يوم ضعافا'' و "المتسلط يعمر طويلا ما دام الجبان يسمح له بذلك"...هذه حكمة لك من شعب المايا بمناسبة اليوم العالمي للمرأة...فتذكريها جيدا...(يتبع).