يمتاز الصينيون عن بقية الشعوب بعادات دأبوا عليها لسنوات عديدة، فجعلت طريقتهم في الحياة صحية وسليمة، بل وربما هي سر من أسرار طول العمر في الصين. في هذا المقال نتحدث لقراء جريدة هسبريس عن عادة شرب الماء الساخن، إحدى العادات الجميلة التي يمتاز بها الشعب الصيني العظيم. شرب الماء الدافئ قد تستغرب عند حلولك ضيفا لدى أحد الصينيين ببيته أو بإدارة معينة إذ تَطلُب تزويدك بكأس من الماء فيجلُب لك كأسا من الماء الساخن (الدافئ)، فتعتقد أنه أساء فهمك. وهذه قد تكون أول مفارقة غريبة قد تواجهها في الصين، لكن الحقيقة أن الصينين يقومون بشرب الماء الدافئ في جميع الأوقات، وطوال أيام السنة... وعند سُؤالك أي صيني عن السبب الحقيقي وراء هذه العادة فلن تجد جوابا علميا، سوى أنه مفيد للصحة، أما عند مقاربة الموضوع من الجانب الطبي فستجد أن جل الأطباء ينصحون بعدم شرب الماء البارد وشرب الماء الدافئ، وخاصة بعد الأكل، ويفسرون ذلك بعدة دوافع، من أهمها أن الأنزيمات الهاضمة عبارة عن بروتينات تحتاج إلى درجة حرارة تعادل درجة حرارة الجسم حتى تؤدي دورها، والماء البارد والمشروبات الغازية يعيقان عملها. كما أن شرب الماء البارد بعد الوجبات الدسمة يساعد على تجميد الدهون، عكس الماء الدافئ الذي يصفي الطعام منها. والماء البارد حسب الصينيين مضر بالصحة، وحتى الماء الذي تكون درجة حرارته أقل من درجة حرارة الغرفة؛ وأما الساخن فمفيد لجسم الإنسان. وترجع بِدايات هذه العادة إلى عام 1949، عندما شجعت الحكومة الصينية الشعب على شرب الماء المُغلَّى ليتم قتل البكتيريا الضارة التي عادة ما تنتقل بالماء الملوث. كما جاء في الطب الصيني القديم أن الماء الساخن يساعد الجسم في الصباح على تحسين الهضم والدورة الدموية والتخلص من السموم وتخفيف آلام العضلات... ويبدو أن هذه العادة ستستمر مع الأجيال القادمة في الصين، نظراً لتمسك الصينيين بها، إذ يتم تقديم الماء الساخن في الجلسات التشريعية في البلاد، وأيضاً لكبار المسؤولين في قاعة المؤتمرات وغيرها. وتتم اليوم إضافة شرائح الليمون الحامض إلى الماء الدافئ، كطريقة جديدة وصحية أكثر، أصبحت كذلك من أهم العادات الغذائية في الصين؛ ما يساهم في الوقاية من الإصابة بمرض السمنة، كما ينشط عملية حرق الدهون. وفي الأثر الإسلامي أيضا تأكيد على أهمية شرب الماء الدافئ، فقد جاء عن الإمام جعفر الصادق أنه قال: "الماء المُغلَّى ينفع من كل شيء ولا يضر من شيء". وهذه العادة منتشرة أيضا في بعض الدول الأسيوية، كاليابان وكوريا، بينما الغرب، والعرب خاصة، مازالوا للأسف يُفضلون شُرب الماء البارد أكثر. *طالب دكتوراة في الإعلاميات بالصين