بات تطور التقنيات الحديثة يوجه العالم نحو إنشاء ما يمكن تسميته "المدن الذكية"، التي تعتمد بشكل أساسي على التقنيات الحديثة ووسائل الاتصال من أجل الاستفادة من جل الخدمات الأساسية. وفي هذا الإطار قال محمد نجيب الواليدي، الأستاذ بجامعة محمد الخامس بالرباط، إن تطور نظام الحياة بات يفرض هذا التوجه. الواليدي، وضمن مداخلة في ندوة حملت عنوان "المدن الذكية: أية خدمات لأي استعمال؟" قال: "لدينا عدد من التحديات التي نواجهها، خاصة البيئية منها، إضافة إلى أزمات اجتماعية متعددة..كل هذه عوامل تدفعنا إلى إيجاد وسائل لتأهيل المدن". واعتبر المتحدث ذاته أن إنشاء مدن مبتكرة يعد تحديا وطنيا، قائلا: "لا بد من إنشاء مدن ذكية تجعلنا نفكر في وسائل التكنولوجيا الحديثة، خاصة في ما يتعلق بالحكامة ووسائل النقل، والطاقة، والتعليم، والتطبيب". وفي هذا الصدد قدم ادريس فضلي، المستشار في مجال المدن الذكية، ومؤسس "servas"، الشركة المختصة في تقديم الخدمات المرتبطة بالتقنيات الحديثة وتقنيات الاتصال، مثالا على التزود بالماء والكهرباء "الذكيين"، بضغطة زر، وبنفس مفهوم الهاتف النقال. وقال فضلي: "يتم تجهيز المنازل بموزعات ماء وكهرباء، تزودنا بما نريده، ويمكن التحكم فيها عن طريق مكالمة هاتفية أو رسالة نصية"، مشيرا إلى أن "هذه الخدمات تعتمد بالأساس على وجود مراكز للاستقبال تستقبل مكالمات الزبون، وبعدها تبعث بإشارة من أجل تزويد الزبون بما يريد، وكل هذا يتم في لمح البصر"، وفق تعبيره. وأوضح المتحدث ذاته أن تقنية التزويد ب"الماء الذكي" تمكن من مراقبة وتشخيص المشاكل، وأيضا القيام بأعمال الصيانة عن بعد؛ ناهيك عن أنها تساهم في مراقبة جودة الماء الموزع على المستهلكين. وتحدث فضلي عن تقنية للإضاءة الذكية ليس فقط في منازل المواطنين، بل أيضا في الشارع العام، بحيث "تتم الإضاءة فقط في الأوقات التي تكون هنالك حاجة لذلك، وأيضا بالحدة اللازمة، وهو ما يمكن من اقتصاد الطاقة بنسبة تتراوح ما بين 29 و50 بالمائة"، على حد قوله. وأكد المتحدث أن الأمر يتعلق بمشروع يمكن تنفيذه على المدى البعيد، مستدلا بأمثلة كل من إيطاليا التي تتوفر حاليا على 36 مليون عداد مثبتة من هذا النوع، فيما ألمانيا تتوفر على 47.9 مليون عداد. من جانبها تحدثت مريم الشيخي، المختصة في تطوير المبيعات بشركة eOne للمنتجات المتجددة، عن أهمية الاستعانة بالطاقة الشمسية في الإنارة العمومية، وأيضا بالاعتماد على الحركة المستديمة. وأوضحت الشيخي أن الطاقات المتجددة تعد عاملا مهما في تطوير المدن وخفض تأثير التغييرات المناخية، وبالتالي لا بد من الاستعانة بها في إنشاء مدن متجددة. إنشاء مدن ذكية يتطلب تكوينا متواصلا؛ وهو ما تحدث عنه لورنزو باساريني، المدير العام لمؤسسة التكوين "klabs" في مجال التقنيات الحديثة، والتي تعمل مع عدد من الشركات المتخصصة، وتتوفر على فروع في عدة مدن عبر العالم، من بينها الرباط. وفي هذا الإطار قال باساريني: "كل يوم نستعمل الهاتف النقال والكومبيوتر، لكن ما علينا معرفته هو ما الذي يحدث خلف هذا الهاتف أو الكمبيوتر"، مشددا على أهمية التكوين في هذه المجالات التي يرتبط بها مستقبل مدن العالم. وألقى باساريني الضوء على مشروع "هاينا" الأكاديمي التابع لهواوي، قائلا إنه "مشروع يمكن الجامعات والمدارس من الاستفادة من تكوين طلابها، بحيث الطلاب الحاصلون على شهادات من هواوي تساعدهم على إتمام دراستهم في مجال التقنيات الحديثة"، ومضيفا أنه "يتم حاليا البحث عن مواهب وطلاب جدد قادرين على العمل في مجال التقنيات الحديثة من كل أنحاء العالم".