يمكنُ من خلال متابعتنا لتفاعلات الشباب المغربي مع مناسبة ''عيد الحب'' وقياس رأيه حيال الاحتفال بهذه المناسبة، سيما عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أن يتبين لنا أن غالبية التفاعلات، من كلا الجنسين، تكون إما سلوكيات ساخرة أو تهكمية تنتقصُ وتزدري مفهوم ''عيد الحب'' والتعابير المرافقة له، مع اتسام هذه السلوكيات بالعنف الرمزي أحياناً أو تشي بالإرهاق والضغط النفسي لدى صاحبها. وهو ما قد يوحي بأن مفهوم "الحب" في وعينا الجَمعي يَحملُ تمثلات غير سليمة وقهرية تجعل رؤية الآخر محتفلا بالحب مدعاة للاحتقار أو انذارا بالفراغ العاطفي لدى "الذات" تماما كما نحتقر سلوكيات "الحب" في مجتمعنا على غرار مسك الأيدي وتبادل القبل والتعبير عن المشاعر الجياشة... هذه السلوكيات تستوجب وقفةً بحثية في "التراث النفسي" لدى المجتمع المغربي، الذي خاصمَ الشخصية المغربية مع الجانب العاطفي والتعبير عن العواطف الرقيقة كالحب والشفقة والتضامن الانساني... في الوقت الذي لا تجدُ فيه الشخصية المغربية حرجاً في التعبير عن الغضب والعصبية والسخط ورفع الصوت وكيل الشتائم. "التراث النفسي" ذاته الذي أبدع مصطلحات "التعناب" و "الكليميني" و "خاصك تكون راجل اشمن حب" و"عنداك المسخوطة تيقي في الرجالة والحب" بالاضافة إلى ربط "الحب" ببراغماتية الجنس والاستغلال المادي والمتعة فقط، خيرُ تمظهر لدرجة الكبت والحرمان العاطفي الذي يعانيه مجتمعنا. رأيي المتواضع هذا، لا يعني رأي داعم لمناسبة "عيد الحب" بقدر ما هو تساؤل وحيرة فيما اذا كان كل أولئك الذين يختبؤون خلف أعذار دينية مناسباتية أو يلبسون فجأة جلباب الهوية ومحاربة التشبه بالغرب أو يتخذون مواقف كاريكاتورية تنتقص من الاحتفال بالحب، يعانون من ضغوط قهرية حيال عاطفة "الحب" تجعلهم يشحذون أسلحتهم وعباراتهم القدحية أو التهكمية على أقل تقدير لمواجهة ونفي "الآخر" المحتفل ب "الحب" في الوقت الذي كان بامكانهم "عدم الاهتمام" أو "المرور مر الكرام" ؟ [email protected]