غداة اتخاذ المغرب قرار الشروع في تحرير سعر صرْف الدرهم المغربي تدريجيا، حذّرت منظمة "أنفاس الديمقراطية" من تداعيات هذه الخطوة على جيوب المغاربة؛ ذلك أنّ نظام الصرف العائم يرهن ارتفاع أو انخفاض سعر العملة بقانون العرض والطلب في أسواق الُعملات، "أي أننا سنضع القدرة الشرائية للمغاربة في أيدي السوق"، حسب وثيقة صادرة عن المنظمة. وكانَ الملك محمد السادس على أعطى موافقته، أواخر شتنبر الماضي، للشروع في التحرير التدريجي لسعر صَرْف الدرهم المغربي. وقال العاهل المغربي، في رسالة موجهة إلى محافظي الأبناك المركزية، إنّ الهدف من تحرير سعر صرف العملة الوطنية والانتقال نحو نظام صرْف أكثر مرونة هو "تعزيز تنافسية اقتصادنا وقدرته على مواجهة الصدمات الخارجية". ووسط مخاوفِ عدد من المراقبين من تداعيات خطوة تعويم الدرهم المغربي، والتي سيُشرع في أجرأتها بداية من النصف الثاني من السنة الجارية، على القدرة الشرائية للمغاربة وعلى الاقتصاد المغربي، مُعتبرين هذا القرار خضوعا لإملاءات المؤسسات المالية الدولية، كان عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، قدْ أكّد أنَّ المؤسسة التي يُديرها ستراقبُ كيفية تعاطي السوق مع قرار تحرير سعر صرف العملة الوطنية. من جانبها، تردُّ حركة "أنفاس الديمقراطية" على تطمينات والي بنك المغرب، بالقول إنّ مخاطر المضاربات بخصوص عملة وطنية "هي عُملة رائجة"، مُوردة في هذا الإطار نموذجي العملتين الوطنيتين لروسيا وأوكرانيا، واللتين قالت إنهما تعرضتا لخسارة بحوالي 48 في المائة و42 في المائة على التوالي. كما أشارت الهيئة الحقوقية اليسارية إلى أن عملتي اليونان وإسبانيا طالتهما المضاربات إبّان الأزمة التي عرفتها منطقة اليورو في 2010 و2011. وأبرزت المنظمة الحقوقية أنَّ المواطنين يلجؤون، في حالات المضاربة بالعملة الوطنية، إلى الادخار بعملات أجنبية "متينة"، من أجل الحفاظ على قدرتهم الشرائية، مستحضرة في هذا السياق نماذج مصر ولبنان وتركيا وروسيا.. مشيرة إلى أنَّ انهيار احتياطات الدولة من العملة الصعبة يُفرز نتائج وخيمة، مثل الخصاص، عدم القدرة على الاستيراد. وفي هذا الإطار، أوردت "أنفاس الديمقراطية" أنّ المغربَ يستورد، على سبيل المثال، نصف حاجياته من الحبوب، مُبرزة "أن المغرب لا يتوفر على احتياطات كبيرة من الصرف وقد يخسر في أيام الاحتياطات التي حازها في سنوات". وتابعت المنظمة ذاتها أنّ الوسيلة القصوى لإنقاذ قيمة العملة، في هذه الحالة، هي العودة الميكانيكية إلى نظام صرف ثابت؛ "وهو ما سيعتبر كخسارة وطنية كبيرة توحي أنّ أحلامنا تتجاوز قدرتنا". وإذا كان بنك المغرب قد أكّد أن للمغرب الاشتراطات لإدخال مرونة الصرف، فإنّ حركة "أنفاس الديمقراطية" تتساءل "كسف سيعمل بنك المغرب من أجل تجنيب العملة الوطنية مخاطرَ حركات المضاربات؟"، وترى أنَّ المرور إلى صرف عائم بأقل المخاطر يستوجب أن يكون الاقتصاد قويا بما فيه الكفاية وأن يكون ثقله قادرا على تحمل مخاطر المضاربة. وحذّرت المنظمة الحقوقية من تبعات تعويم العملة الوطنية على نتائج النموّ وعلى الانتاج الاقتصادي وعلى المبادلات التجارية، بالنظر إلى الخصائص الهيكلية للاقتصاد المغربي، المرتبط، أساسا، بالإنتاج الفلاحي وتصدير الفوسفاط، والسياحة، وتحويلات مغاربة الخارج.. مشيرة إلى أنَّ تعويم العملة "سينتج تقلبات موسمية كبيرة".