حذر الاقتصادي نجيب أقصبي من التأثيرات السلبية لاستمرار غياب الحكومة على الاقتصاد الوطني، بسبب التجميد الاضطراري للاستثمارات العمومية البالغة قيمتها 180 مليار درهم، وتوقف تسديد مستحقات المقاولات التي تنجز المشاريع التي حصلت عليها في إطار الصفقات العمومية، إلى جانب غياب رؤية واضحة على المستويين الاقتصادي والضريبي، وتأثير ذلك على استثمارات القطاع الخاص. ودعا الخبير إلى "ضرورة اعتماد اقتصاد وطني منتج، تضامني ومختلط، يزاوج بين المجهودات الاستثمارية للقطاعين العمومي والخاص للخروج من الأزمة ووقف النزيف الذي يعاني منه الاقتصاد الوطني منذ سنوات"، معتبرا أن الدولة مطالبة باتخاذ مجموعة من الاجراءات تمر عبر إعادة النظر في اتفاقيات التبادل الحر مع العديد من الدول الأجنبية والتجمعات الاقتصادية الإقليمية. أقصبي أكد، خلال اللقاء الذي نظمه الحزب الاشتراكي الموحد حول السياسات الاقتصادية والاجتماعية بالمغرب، مساء اليوم السبت، أن الدولة مطالبة أيضا بإعادة النظر في النفقات الضريبية المقدرة بنحو 32 مليار درهم على شكل امتيازات، والتي قال عنها إنها "امتيازات لا تخدم سوى مصالح فئة قليلة في النسيج الاقتصادي المحلي، معدودة على رؤوس الأصابع". وأضاف أقصبي، خلال هذا اللقاء، أنه "عوض مواصلة العمل بنظام الامتيازات الضريبية، فإن المنطق يستدعي اتباع إصلاح ضريبي يأخذ بعين الاعتبار خصوصيات المقاولات الصغيرة والأجراء"، ودعا إلى القطع مع اقتصاد الريع الذي يعرقل الاقلاع الاقتصادي للمغرب منذ ستينيات القرن الماضي. وفي معرض تشخيصه لسلبيات مواصلة العمل بنظام اقتصاد الريع، قال الخبير الاقتصادي: "المغرب رفع شعار العمل بنظام اقتصاد السوق لكن الواقع هو غير ذلك، بسبب هيمنة ممارسات اقتصاد الريع الذي ساهم في خلق طبقة تستفيد منه من خلال ارتباطها بأصحاب القرار السياسي، مما جعل محرك الاقتصاد هو الريع وليس المنافسة والشفافية، حيث إن السلطة ظلت تعطي امتيازات لفائدة طبقة معينة، ما خلق علاقة وطيدة بين هذه السلطة وعملائها في الاقتصاد إلى درجة أن الريع ظل ولازال عائقا حقيقيا أمام التطور الاقتصادي". وانتقد أقصبي سوء توظيف موارد المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، معتبرا أنه بعد مرور عشر سنوات على انطلاقها لم تحقق النتائج المرجوة؛ حيث إن 12 مليون مغربي مازالوا يرزحون تحت براثن الفقر.