البرلمانيين المتغيبين عن أشغال مجلس النواب يقدمون مبررات غيابهم ويؤكدون حضورهم    حماس تعلن استعدادها لوقف إطلاق النار في غزة وتدعو ترامب للضغط على إسرائيل    محكمة فرنسية تأمر بالإفراج عن الناشط اللبناني المؤيد للفلسطينيين جورج عبد الله بعد 40 عاما من السجن    نشرة إنذارية.. زخات مطرية وثلوج ورياح عاصفية بعدد من أقاليم المملكة    مكتب الصرف يطلق خلية خاصة لمراقبة أرباح المؤثرين على الإنترنت    لوديي يشيد بتطور الصناعة الدفاعية ويبرز جهود القمرين "محمد السادس أ وب"    جثة عالقة بشباك صيد بسواحل الحسيمة    "السودان يا غالي" يفتتح مهرجان الدوحة    مهرجان الفيلم بمراكش يكشف عن قائمة الأسماء المشاركة في برنامج "حوارات"        هذه اسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    اقتراب آخر أجل لاستفادة المقاولات من الإعفاء الجزئي من مستحقات التأخير والتحصيل والغرامات لصالح CNSS    قتلى في حريق بدار للمسنين في إسبانيا    المركز 76 عالميًا.. مؤشر إتقان اللغة الإنجليزية يصنف المغرب ضمن خانة "الدول الضعيفة"    جلالة الملك يهنئ الرئيس الفلسطيني بمناسبة العيد الوطني لبلاده و جدد دعم المغرب الثابت لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة    كارثة غذائية..وجبات ماكدونالدز تسبب حالات تسمم غذائي في 14 ولاية أمريكية    الطبيب معتز يقدم نصائحا لتخليص طلفك من التبول الليلي    "خطير".. هل صحيح تم خفض رسوم استيراد العسل لصالح أحد البرلمانيين؟    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    التوقيت والقنوات الناقلة لمواجهة الأسود والغابون    وكالة الأدوية الأوروبية توافق على علاج ضد ألزهايمر بعد أشهر من منعه    مدينة بنسليمان تحتضن الدورة 12 للمهرجان الوطني الوتار    بمعسكر بنسليمان.. الوداد يواصل استعداداته لمواجهة الرجاء في الديربي    ارتفاع كبير في الإصابات بالحصبة حول العالم في 2023    رصاصة تقتل مُخترق حاجز أمني بكلميمة    ترامب يواصل تعييناته المثيرة للجدل مع ترشيح مشكك في اللقاحات وزيرا للصحة    الأحمر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على الجزء الأول من مشروع قانون المالية 2025    وليد الركراكي: مواجهة المغرب والغابون ستكون هجومية ومفتوحة    نفق طنجة-طريفة .. هذه تفاصيل خطة ربط افريقيا واوروبا عبر مضيق جبل طارق    رئيس الكونفدرالية المغربية: الحكومة تهمش المقاولات الصغيرة وتضاعف أعباءها الضريبية        الأردن تخصص استقبالا رائعا لطواف المسيرة الخضراء للدراجات النارية    فيضانات إسبانيا.. طبقا للتعليمات الملكية المغرب يعبئ جهازا لوجستيا مهما تضامنا مع الشعب الإسباني    تصريح صادم لمبابي: ريال مدريد أهم من المنتخب        حرب إسرائيل على حزب الله كبدت لبنان 5 مليارات دولار من الخسائر الاقتصادية    أسعار النفط تتراجع وتتجه لخسارة أسبوعية    النيابة العامة وتطبيق القانون    وفاة الأميرة اليابانية يوريكو عن عمر 101 عاما    محكمة استئناف أمريكية تعلق الإجراءات ضد ترامب في قضية حجب وثائق سرية    "الأمم المتحدة" و"هيومن رايتس ووتش": إسرائيل ارتكبت جرائم حرب ضد الإنسانية وجرائم تطهير عرقي    جدعون ليفي يكتب: مع تسلم ترامب ووزرائه الحكم ستحصل إسرائيل على إذن بالقتل والتطهير والترحيل    اكادير تحتضن كأس محمد السادس الدولية للجيت سكي    عامل إقليم الجديدة يزور جماعة أزمور للاطلاع على الملفات العالقة    مثل الهواتف والتلفزيونات.. المقلاة الهوائية "جاسوس" بالمنزل    حوالي 5 مليون مغربي مصابون بالسكري أو في مرحلة ما قبل الإصابة    الإعلان عن العروض المنتقاة للمشاركة في المسابقة الرسمية للمهرجان الوطني للمسرح    تمديد آجال إيداع ملفات الترشيح للاستفادة من دعم الجولات المسرحية    حفل توزيع جوائز صنّاع الترفيه "JOY AWARDS" يستعد للإحتفاء بنجوم السينماوالموسيقى والرياضة من قلب الرياض    أكاديمية المملكة تفكر في تحسين "الترجمة الآلية" بالخبرات البشرية والتقنية    الناقد المغربي عبدالله الشيخ يفوز بجائزة الشارقة للبحث النقدي التشكيلي    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    جرافات الهدم تطال مقابر أسرة محمد علي باشا في مصر القديمة    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علي الريسوني: الوثيقة الوحيدة التي لا قدح فيها هي القرآن الكريم
نشر في هسبريس يوم 28 - 06 - 2011

في تعليق له على الوثيقة الدستورية، قال الشيخ علي الريسوني إنه من غير المعقول أن نعتقد أن الوثيقة الدستورية جامعة مانعة خالية من العيب، فالكتاب الوحيد الذي لا قدح ولا عيب فيه هو القرآن الكريم، وكل الوثائق التي يضعها البشر سواء الأدبية أوالفكرية أوالعلمية خاضعة للمراجعة والتنقيح، وعليه لا يمكن أن نقول أن هذا الدستور من ألفه ويائه كامل غير ناقص.
وأضاف الريسوني في ذات الحوار الذي خص به "هسبريس " أن الدساتير المغربية كسائر الدساتير العالمية، تنمو وتكتمل وتتراكم وتتطور حسب حاجة الإنسان، وحسب الظروف السياسية المحلية والإقليمية والعالمية.
وعن التعدد اللغوي والروافد الثقافية التي أقرها مشروع الدستور قال " المغرب الآن أضحى روضة غناء، فيه زهور وورود متعددة، وهذا التعدد نستفيد منه الثراء والغنى، ليس بتعدد تضاد، وإنما هو تعاون الوفرة، فكأنه فسيفساء تضفي جمالا باهرا على لوحة تسمى المغرب، والخطوة التي خطاها المغرب تعتبر خطوة جيدة، متجهة إلى الطريق الصحيح والسليم، وقد جنبت المغرب الدم والخسارة البشرية الفادحة.
عرف الشيخ العلامة علي بن أحمد الريسوني بصلته الوثيقة بالعلم وأهله وطلابه، واعتنائه بالتراث الأندلسي والإسلامي ، وظل خطيبا للجمعة في مسجده المجاور لبيته أزيد من 34 سنة، بيته وخزانته مفتوحتان أمام الطلاب والباحثين داخل المغرب وخارجه، ناضل من أجل الثقافة الأندلسية وأهلها، رجل مخضرم بكل المقاييس فقد عاش مرحلة الاستعمار وبعدها، وهو اليوم يشارك العرب والمسلمين، نفيرهم وتطلعهم نحو الديمقراطية والتحرر... نستعرض معه في هذا الحوار واقع العالم العربي عامة والمغربي خاصة، ونجول في خبايا الدساتير الماضية التي عاصرها، مع وقفة حول مشروع الدستور الحالى وموقفه منه.
بداية الشيخ الريسوني هل لكم أن تعرفوا القارئ الكريم بشخصكم :
نعم مرحبا، هو العبد الفقير إلى الله علي بن أحمد بن الأمين الريسوني، ولد بمدينة شفشاون يوم الاثنين 6 ربيع الثاني 1362 موافق ل 12 أبريل 1943 حيث تربيت ولله الحمد تربية دينية قرآنية طيبة منذ طفولتي على يد والدي، مولاي أحمد الريسوني نقيب الأشراف الريسونيين بالمغرب، المتوفى سنة 1976 ووالدتي السيدة الطاهرة، الزهرة بنت العلامة الكبير مولاي الصادق الريسوني.
منذ أن عهدت على نفسي وأنا أدعو إلى الإسلام، وكنت ولا زلت خطيبا للجمعة منذ 34 سنة بشفشاون، ورئيس جمعية الدعوة الإسلامية بالمغرب، وباحث أيضا في التراث الأندلسي والعلاقات المغربية الإسبانية، أرشيفي العلمي والتاريخي يحتوي على آلاف الوثائق والمستندات التاريخية، كما أشارك أيضا في عدة أنشطة دعوية واجتماعية وثقافية داخل المغرب وخارجه، أدعوا إلى الإسلام الوسطي المعتدل، المستند إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، من دون غلو ولا تفريط، جامعا بين الحداثة والأصالة، في حدود ما تسمع به الشريعة الغراء.
الشيخ الريسوني ونحن في لحظة تاريخية استثنائية في التاريخ العربي المعاصر كيف تنظرون لهذا الحراك العربي الجماهيري ؟
نعم، لما كنت في إسبانيا وفي بدايات الثورة المصرية وواقعة الجمل قديما، أجري معي حوار تلفزي في قناة إسبانية، وفي أكبر صحيفة إسبانية في " إبيسا" التصريح الذي قلته آنذاك، أن ماحدث في سقوط جدار برلين أواخر الثمانينات، كان ذلك إيذانا بأن الديمقراطية ستنتشر في أوروبا الشرقية، وأن موجة رفض الديكتاتورية والأنظمة الشمولية لن يقف في بلد معين، بل سينتشر في الأماكن الأخرى، وقلت بهاته الدرجة سيقع مثلها في البلاد العربية انطلاقا من القاهرة التي كانت ولا تزال تسمى قلب العروبة النابض، والحمد لله لم يخب ظني، وأنا اليوم أعيش هاته اللحظة التاريخية الاستثنائية. لكن هاته الموجة إما أن تمر بعقلانية وتوافق ونظام وتبصر، وإما أن تمر بطريقة هوجاء وعاصفة رعدية واضطرابات، وفوضى تأتي على الأخضر واليابس، ويؤدي فيها الشعب ضرائب كبيرة. ما نراه الآن أن البلاد العربية التي يحدث فيها ما يحدث الآن، هي عبارة عن حركة مع الأسف الشديد نتج عنها عدم استجابة الحكام، فكانت هاته الأنظمة سببا في المآسي التي شاهدناها ولا نزال في الشاشات.
المغرب هو أيضا أخذ نصيبه في هاته الاحتجاجات ولا تزال مستمرة لحد الآن ؟
الحمد لله لحد الآن الوضع في المغرب طيب، والملك استجاب ولبى النداء، وتعامل بعقلانية وروح وطنية وتبصر عال، ذلك أنه أعلن عن انطلاق الإصلاح منه دون أن تجبره قوة، وكان جادا في كلامه، وألقى خطاب 9 مارس الشهير، فانطلق الإصلاح، وجاءت الاستجابة من مختلف شرائح المجتمع التي هي في غالبها حسنة وإيجابية، وقع توافق على مشروع الدستور من الغالبية الساحقة.
لكن لا ننسى أن هناك رافضين للدستور؟
نعم، لا بد أن يكون هناك استثناء، لأن الديمقراطية التي لا يوجد بها استثناء ليست ديمقراطية، فالعلامة الآن على أن الحراك بالمغرب هو حراك ديمقراطي، هو هاته الاستثناءات، نعم هناك أقلية رفضت الدستور ومن حقها رفضه أو مقاطعته. وعليه فالخطوة التي خطاها المغرب تعتبر خطوة جيدة، متجهة إلى الطريق الصحيح والسليم، وجنبت المغرب الدم والخسارة البشرية الفادحة، فالحمد لله مرت الأمور بخير، نظرا لعقل ورشد الملك والطبقة السياسية بعمومها وشرائح المجتمع المدني الذين توافقوا على هذا المشروع وأقدموا عليه، وفيه من الخير الكثير ذلك أنه بمجمله لبّى كثيرا من مطالب الناس. لا يمكن أن نقول أنه جامع مانع خال من العيب، فالكتاب الوحيد الذي لا قدح ولا عيب فيه هو القرآن الكريم، فجميع الوثائق التي يضعها البشر سواء الأدبية والفكرية والعلمية خاضعة للمراجعة والتنقيح، وعليه لا يمكن أن نقول أن هذا الدستور من ألفه ويائه كامل غير ناقص.
أنتم ممن عاش التاريخ الدستوري بالمغرب، حدثنا عن ذلك ؟
تعود بي الذاكرة لسنة 1972، وكانت عندنا ما يسمى بالقناة الأولى، كانت آنئذ بالأسود والأبيض، فوجئت وأنا في هاته المدينة الصغيرة ( يقصد شفشاون ) أن التلفزة لم تختر من يسمى بأهل العلم إلا ثلاثة نفر آنذاك، حيث نودي عليَّ، والفقيه محمد السفياني، والحاج محمد الحضري، لنناقش مشروع الدستور لسنة 1972، وركزت على الجانب الديني في مشروع الدستور آنذاك، حيث أنه حفظ للمغرب هويته و مرجعيته الدينية، فقلت أنه لا بأس بهذا الدستور آنذاك. حضرت هذا الدستور وحضرت ما جاء بعده، وأقول لك أن الدساتير المغربية كسائر الدساتير العالمية، تنمو وتكتمل وتتراكم وتتطور حسب حاجة الإنسان، وحسب الظروف السياسية المحلية والإقليمية والعالمية، فالدستور الحالي ليس هو دستور الحسن الثاني، الدستور الحالى هو دستور جاء في عهد ملك شاب، له نفس جديد يريد لهذا المغرب أن يكون مغربا جديدا، فأجيال اليوم ليست هي أجيال الأمس، نحن عشنا مرحلة الاستعمار، وجاء الاستقلال، ثم جاءت حالة الاستثناء سنة 1965، واستمرت إلى سنة 1972، ثم لحق ذلك محاولات الانقلاب، وعشنا العهد الأوفقيري الأول والثاني، والعهد البصري، عشنا هذا التاريخ كله وعشنا معه تطور الدساتير، لذلك أقول أن الدستور الجديد المطروح للاستفتاء، بالمقارنة مع جميع الدساتير السالفة، نجده يضمن كثيرا من الحقوق والمكتسبات التي لم تكن قبلا. أما أن يكون هناك دستور يضمن رضا جميع الطبقات فمستحيل إيجاد ذاك.
لكن هناك من يرفض هاته المقارنة أصلا ، على اعتبار أن الدستور الحالى لا يستجيب لشعارت المرحلة والحراك الشعبي العارم ؟
الأصوات التي ترتفع، تندد أو تستنكر أو ترفض، من حقها فعل ذلك والتعبير عنه، لكن بطريقة مهذبة، فليس هناك قانون يلزم الناس أن يشاركوا بالإجبار، الذي يشارك ينبغي أن يشارك بقلبه لا عن طريق الإرهاب ولا الإغراء، فقط ينبغي أن يكون هناك احترام وأدب، فلغة الاعتدال والتعقل هي التي ينبغي التحدث بها في هاته اللحظة التاريخية، فهؤلاء الناس الذين يرفضون لهم نظرتهم ولهم قناعاتهم وتوجهاتهم، وأنا شخصيا أقول أنه دستور جيد ولست الآن في مجال المجادلة مع أحد.
أنتم كأحد علماء المغرب، كيف ترون وضعكم داخل مشروع الدستور ؟
الدستور الحالى لبى كثيرا من المطالب والحمد لله، لكن ذلك لا يمنع أن نقول أن هناك نقصا في بعض الجوانب، فقد كنا نحلم بإنشاء مجلس أعلى لمسألة التصوف السني، لكن مع الأسف الشديد لم يتم التنصيص على هذا الأمر، كنا نتمنى أيضا أن يؤسس مجلس سامي للأشراف وآل البيت، لأن آل البيت كما في علمكم جزء يدخل في العقيدة والأدب الإسلامي.
ألا يكفي أن يمثل الملك أشراف آل البيت ؟؟
لا،لا، الملك ممثل للأشراف، وللطرق الصوفية، وللعلماء، ومع ذلك أنشأ مجلسا للعلماء، لكن المجلس الذي يمثل آل البيت ويمثل الصوفية لم يكن في هذا الدستور ما يشير إليه، وأنا أقصد هنا التصوف السني لا البدعي الخرافي، التصوف الذي لا ينسجم مع الشريعة والعقيدة لا نقول به بتاتا.
معنى هذا أن هناك تصوفا بدعيا في المغرب ؟
التصوف البدعي موجود في العالم كله، كما أن العقيدة المنحرفة موجودة في العالم كله، فذلك مرتبط بمستوى الفهم والعلم والعقل والدراسة والمعرفة.. ولذلك قلت لك أننا كنا نتمنى أن يكون هذا الدستور القادم ينص في بند من أبوابه على إنشاء مجلس أو هيئة تضم الأشراف المنتمين إلى الرسول من بنته فاطمة الزهراء رضي الله عنها، هذا للأسف لم يكن والصوفية كذلك ، اللهم إلا إذا أدخلت هاته المقترحات داخل المجلس العلمي الأعلى.
ألا ترى معي أن ما تحقق للعلماء لم يكن نتيجة وعي العلماء، وإنما هو ثمرة للحراك الجماهيري، غنم العلماء منه دون تعب- إلا ما ندر- فقد كانو مغيبين تماما؟
العلماء عندنا طوائف وأصناف، منهم العالم الجريء، ومنهم العالم غير الجريء، والجريئ وغير الجريء أصناف، وهناك عالم له شرط جماهيري، وهناك من ليس له ذلك، وهناك عالم متقوقع معتزل منزو، وهناك عالم يجمع بين العلم الشرعي والإنساني، فلا نستطيع التعميم في هذا المجال.
مشروع الدستور الحالى استجاب لندائكم الذي أطلقتموه بخصوص المكون الأندلسي؟
أحسنت، أحسنت، بارك الله فيك، هذا النداء أطلقته ولله الحمد من منطقة كتالونيا في إقليم برشلونة، حيث دعيت لدورة لتأطير الأئمة، آنذاك أطلقت النداء، وقد كتبنا وصرّحنا ودعونا، فاستجيب لنا ولله الحمد، حيث تم دسترة الرافد الأندلسي كمكون من مكونات الهوية المغربية فهذا شيء جميل، كما أن الإخوان الإسبانيين دعوا إلى هذا أيضا، فالمسألة الأندلسية جسر يمر عبره المسلمون من الغرب إلى المغرب. فإعادة الاعتبار في الدستور المغربي للرافد الأندلسي هو في الحقيقة فتح لنافذة كبيرة لدخول المغرب للنادي الأوروبي، ذلك أن التنصيص على الرافد الحساني والأمازيغي هذا كله لا يخرج عن القارة الإفريقية، والتنصيص على الرافد العربي لا يخرج عن البعد الآسيوي، أين بعدنا الأوروبي إذا لم يكن هناك تنصيص على الرافد الأندلسي؟ إذاً لا يمكن أن يكون هناك استحضار للبعد الأوروبي إلا عبر التنصيص عن الرافد الأندلسي، وهو ماتم ولله الحمد في مشروع الدستور الحالي. ولتعلم أن الدستور الإسباني الحالي الساري المفعول ينص على أن سبتة ومليلية جزء من التراب الإسباني، فقط مدينتان اختيرتا لينصص عليهما في الدستور الإسباني، في حين أن مدريد وبرشلونة لم تدسترا ؟؟ مع هذا أن إسبانيا واضعة قدمها في المغرب، فكان من لطف الله أن المغرب وضع جزءا من قلبه وهواه وشوقه في الأندلس.
هناك عدد كبير من السكان المورسكيين والأندلسيين المغاربة يجهلون تاريخهم خاصة الموجودون في القرى شمال المغرب ؟
يجب إنشاء معهد ملكي للثقافة الأندلسية.
تقصد على غرار المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ، وهو أيضا كان من بين مقترحاتكم ؟
أنت رجل تتتبع الأخبار جيدا، أنت رجل كبر عقلك، فهنيئا لك بمستواك في التفكير.. هذا الأمر مع الأسف لم يستجب له ولم ينص عليه الدستور، لكننا سنطالب بإحداثه، سنطالب بكل ما أوتينا من حضور في الساحة، بإحداث معهد ملكي للثقافة الأندلسية، لأنه سيؤسس للتطبيق الفعلي لدسترة الرافد الأندلسي.
نعم، مشروع الدستور الحالي: عربية، أمازيغية، حسانية، أندلسية، عبرية.. كيف تنظرون لهذا ؟؟
(يضحك) هذا غنى الزهور في الحقل المغربي، المغرب الآن روضة غناء فيه زهور وورود متعددة، وهذا التعدد نستفيد منه الثراء والغنى، ليس بتعدد تضاد، وإنما هو تعاون الوفرة، فهو فسيفساء تضفي جمالا باهرا على لوحة تسمى المغرب، كل عنصر من هاته العناصر إلا ويكمل العناصر الأخرى ويثري الذات والهوية المغربية.
المغرب دولة إسلامية، ما تعليقكم ؟ بعد أن كانت هناك مطالب بالدولة المدنية ؟
الله يحفظ، هذا لطف كبير من الله تعالى، ( يضحك، ثم يسترسل ) أقول لك قبل الإعلان عن مسودة الدستور بأيام قليلة اعترتني حالة من الجذب إن صح التعبير، كأن كائنا من السماء تخطفني، حدث لي اضطراب شديد وخوف، لماذا كان هذا الأمر، لأن التنصيص لا قدر الله على هذا الأمر، سيفضي ذلك إلى الفوضى، لماذا لأن التنصيص يقتضي التفعيل، وتفعيل هاته الحرية المطلقة في الميدان والعمل والشارع والحياة العامة، يقتضي ذلك أيضا أن الرجل له أن يفطر نهارا علنا، وله أن يحمل الصليب، وأن يأكل الخنزير، وسيكثر المتنصرون والمتهودون، والملاحدة المتبرؤون من دينهم، هؤلاء سيطالبون بإحداث قوانين تحميهم لممارسة عقائدهم الدينية، والأغلبية الإسلامية عندئذ سيمس شعورها، وسيكون هناك هيجان وفلتان في الشارع، ومؤسسة إمارة المؤمنين كانت ستفقد جزءا من معناها. فنحن نعظم الإسلام تعظيمهم للديمقراطية. فهؤلاء الذين ينادون بإلغاء التنصيص على الدولة الإسلامية، تجدهم لا يحركون ساكنا عندما يخالف أسيادهم في الغرب الديمقراطية التي يتبجحون بها، فكلما تعلق الأمر بالإسلام تجدهم يتبجحون ويستأسدون، وإذا كان الأمر يتعلق بأسيادهم رأيتهم ينكمشون كالقطط الوديعة والهررة اللطيفة.. المغرب بلد مسلم 99 في المائة، كيف لا يتم التنصيص على إسلامية الدولة ؟؟ الأقليات إذا اعتنقت أمرا آخر من حقها ذلك ولها أن تفعل ما تشاء، دون أن تمس الشعور والنظام العام. فبقدر جرم إظهار العورة أمام الناس، بقدر جرم البوح بالكفر، بل إظهار عورة الكفر أخطر من إظهار سوأة الجسد. فلله الحمد أبعد الله المغرب عن هاته الفتنة بدرئ دسترة حرية المعتقد. الكافر أصلا لا كلام عليه، لكن أن يكون مغربيا وعرفناه مسلما أصلا وله اسم مسلم وأبواه مسلمان ثم يتحدانا ويفطر أمامنا، ويدوس على كرامتنا هذا أمر لن يقبله المغاربة.
معنى هذا أنه ليس في الأمر انتصارا للإسلاميين، فالقضية قضية المغاربة أجمعين..
الإسلاميون يا سيدي جزء من المغاربة، والحركة الإسلامية السياسية جزء من المغرب، المغرب شعب مسلم، يصومون رمضان و الملايين منهم ذهبوا إلى الحج والملايين يتمنون ذلك، إذا ذبحوا ذبحوا بالطريقة الإسلامية، وإذا ماتو شيعوا بالطريقة الإسلامية، فلا مجال هنا للمراوغة.. فاليساري والاشتراكي مسلم أصلا، فقط هناك شرذمة قليلة تتمرد على الدين وتستفز الشعور، والحمد لله الدستور حمى المغرب من هاته الفتنة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.