لم يتمالك حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، نفسه وبكى أكثر من مرة حين إلقائه لخطاب أمام أعضاء المجلس الوطني للحزب في دروة استثنائية دُعي إليها لمناقشة وضعية الحزب، بعد الضغوط الأخيرة التي عاش على إيقاعها إثر تصريحات شباط الأخيرة حول موريتانيا، واتهامه بالوقوف حجر عثرة أمام تشكيل الحكومة. شباط استهلّ كلمته بتلاوة الآية القرآنية: (إنَّا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر، ويُتمّ نعمته عليك، ويهديك صراطا مستقيما، وينصرك الله نصرا عزيزا)، وأتبعها بترديد عبارة (الله أكبر)، قبل أن ينتقل إلى الحديث عن الضغوط التي يواجهها حزب "الميزان"، والتي ربطها بقراره المشاركة في حكومة بنكيران المرتقبة. وأبدى الأمين العام لحزب الاستقلال "صموده" إزاء ما وصفه ب"حوادث الطريق"، موضحا أن "حزبنا يتعرّض لهجومات حادة؛ لكننا هنا صامدون، ولن نلتفت إلى حوادث الطريق هذه، لأننا نعرف أن طريق الكرامة والعزة والديمقراطية غير مفروش بالورود"، مؤكدا استمرار تشبثه في التحالف مع حزب العدالة والتنمية في الحكومة المقبلة. ودعا شباط أعضاء المجلس الوطني لحزبه إلى الخروج، في دورته الاستثنائية المنعقدة اليوم السبت بالمركز العام لحزب الاستقلال بالرباط، إلى الخروج ب"قرار كبير"، يتعلق بتجديد التأكيد على المشاركة في الحكومة، "مع التشبث بكرامة حزبنا"، حسب تعبيره، مشيرا إلى أنّ لجنة كُلِّفت بمهمّة التفاوض مع رئيس الحكومة المعيّن، تتشكل من محمد السوسي وحمدي ولد الرشيد وبوعمر تغوان. وفيما لا يُعرف القرار الذي سيتخذه رئيس الحكومة المعيّن بشأن التمسك بحزب للاستقلال من عدمه، أعلن حميد شباط عن دعمه المطلق لبنكيران، سواء انضمّ حزبه إلى الحكومة أم لا، قائلا: "الحزب اختار أن يكون في الحكومة بإرادته.. وإن اقتضت الظروف ولم نشارك في الحكومة، فسوف نكون إلى جانب السيد بنكيران عند مطالبة البرلمان لثقته وعرض البرنامج الحكومي"، مبرزا: "أقول لمن يهمهم الأمر أنا تهمّني مشاركة الحزب في الحكومة وليس مشاركتي فيها. وأعلن، بصفة رسمية، أنني لن أدخل الحكومة المقبلة.. ومن يتحجّج باسمي كمعتقل لتشكيل الحكومة، فعليهم أن يُسرعوا لتيسير مهمّة تشكيلها. ولهذا، يجب قطع الطريق أمام المتربصين بحزب الاستقلال". زعيم الاستقلاليين اعتبر قرار مشاركة حزبه في الحكومة المقبلة "قرارا سياسيا"، وقال في هذا السياق: "المجلس الوطني في دورته الأخيرة قرر المشاركة في الحكومة. وأريد أن أؤكّد، من جديد، أننا لا نتعامل مع المشاركة بمنطق الاشتراك؛ بل هو قرار سياسي، لأننا مقتنعون بأن ظروف البلاد تقتضي الانكباب على عدد من الملفات التي تشكل انتظارات الشعب المغربي". وهاجم شباط حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي عارض مشاركته في الحكومة، وإن لم يذكره بالاسم، إذ اكتفى بالقول: "قرار مشاركتنا في الحكومة استُهدف بشكل غريب. ونحن نسجل بارتياح كبير التفاعل الإيجابي للسيد عبد الإله بنكيران مع قرار مشاركتنا مع إخواننا في الحزب الفائز"، أضاف: "في المقابل، نستغرب حجم التحامل من لدن أخرى". وأردف أمين عام حزب "الميزان" منتقدا خصومه: "كنّا ننتظر، بالرغم من طول مدة المشاورات، تقديم مبررات الاعتراض المرفوع.. وفجأة يقولون إن الأمين العام للحزب هو من يقف حجر عثرة أمام المشاركة. وبغض النظر عن سلامة هذه الأقوال من الناحية السياسية وظروفها وسياقها، أؤكد أن الحزب عندما قرر المشاركة قام بذلك بروح عالية بعيدا عن منطق المحاصصة، والغنيمة". شباط قال مخاطبا أعضاء المجلس الوطني لحزبه: "لا أقدم تنازلات لأحد؛ لكنّني أشعر بثقل المسؤولية وأعي جيدا المرحلة التي نعيشها، وأعي مهامي كقائد للحزب. لهذا، يجب أن تكون مشاركتنا في الحكومة عاكسة للروح التي يتميز بها حزب الاستقلال"، مضيفا: "لا يجب أن نعطي الفرصة لمن يقول إننا نحن المعرقلون؛ بل يجب السير في الطريق بما يحفظ كرامة الحزب وكرامتنا جميعا".