قال فؤاد بوعلي، أستاذ اللسانيات بجامعة محمد الأول بوجدة، إن معجم الدراجة الذي أصدره نور الدين عيوش لا علاقة له باللغة العامية؛ بل "اللغة العيوشية، التي يقف خلفها مشروع فرنكفوني ضخم يحاول تقزيم اللغة العربية في الشارع والإعلام والآن في التعليم". وشدد بوعلي، ضمن كلمته خلال ندوة نظمها مركز هسبريس للدراسات والأبحاث حول موضوع اللغة الدارجة بين البحث الأكاديمي وبين الطرح الإيديولوجي، مساء اليوم الخميس بالرباط، على ضرورة تجاوز المقاربة العلمية في مناقشة المعجم المثير للجدل إلى الحديث عن الجهات التي تقف خلفه "لكون الأمر يتجاوز المعجم، الذي يعد فقط أحد مخرجات مشروع كبير"، وفق تعبيره، مؤكدا أن الدعوة إلى "التلهيج وتدريج التعليم ليست بريئة بل تحمل أهدافا إيديولوجية". واتهم أستاذ اللسانيات نور الدين عيوش، الذي أشرف على إخراج معجم اللغة الدارجة، بخدمة أجندة معينة تقوم بدعمه داخل المغرب، لم يكشف عنها، مؤكدا أن عيوش مطالب بالكشف عنها وتحديدها أمام الجميع. وأثار المتدخل ذاته، خلال الندوة التي نظمت بمقر جريدة هسبريس الإلكترونية، إشكالية إقحام المعجم، الذي أثار جدلا واسعا بشأن المصطلحات المتضمنة فيه، والتي اعتبرها بوعلي كلمات "لاأخلاقية" وأخرى مستوردة من اللغة الفرنسية، منبها إلى السياق الذي خرج فيه "المعجم العيوشي" إلى أرض الواقع، تزامنا مع نقاش مجانية التعليم. "لغة التعليم بالمغرب يجب أن تحافظ على النسق العالم، أي اللغة العالمة التي كتبت بها البحوث والمعارف والتاريخ"، يقول الخبير في اللسانيات، الذي أكد على ضرورة الحفاظ على التراتبية اللغوية وعدم المزج بينها، في إشارة إلى إقحام اللغة الدراجة في التعليم، مضيفا أن وقوع اختلال بين اللغتين سيسفر عن "انتحار لغوي". وقال المتحدث ذاته إن "هذا التقسيم قائم في جميع البلدان بين اللغة العالمة وبين لغة التواصل اليومي، الحاملة للأحلام والآمال"، مضيفا أن التمييز بينهما لا ينم عن نظرة تحقيرية بل يتعلق الأمر بتمييز وظيفي مشروع يؤسس لسياسة لغوية معينة، على حد تعبيره. وحول غياب مجهودات موازية لمعجم عيوش في الاشتغال على اللغة العربية، أقرّ بوعلي، خلال المناسبة ذاتها، بالمجهودات المبذولة في مجال التعريب والترجمة والتي يشرف عليها باحثون وأكاديميون بمعهد التعريب بالرباط، رابطا عدم خروجها وتعميما إلى غياب القرار السياسي بالبلاد.