بقدر ما يستبشر المغاربة خيرا خلال التساقطات المطرية الأخيرة التي شهدتها عدد من المناطق بقدر ما باتوا يتخوفون من حدوث سيول وفيضانات تأخذ في طريقها الأخضر واليابس، خاصة أن عددا كبيرا من المدن والقرى المغربية ناشئة على ضفاف الوديان والأنهار. العيون والسمارة واليوسفية وآسفي وشيشاوة مدن عرفت جميعها سيولا مائية بفعل زخات مطرية قوية وعاصفية، تسببت في سقوط عدد من الغرقى ونفوق رؤوس من الماشية وجرفت مياه وديانها الطينية أجسادا ما زال البحث جاريا عنها من لدن السلطات المحلية والوقاية المدنية والأهالي دون جدوى. كما عزلت السيول مناطق بأكملها، وقطعت طرقا، وهدمت قناطر، وسببت خسائر في الممتلكات. علي شرود، المتخصص في جيودينامية الأرض والبيئة بجامعة مولاي إسماعيل في الراشيدية، اعتبر أن الفيضانات تصنف من الكوارث الموسمية، وتُعرَّف بكونها تزايدا للمياه المتدفقة وارتفاعا لمنسوب المياه في مجراها المائي بسبب الأمطار القوية في وقت زمني وجيز؛ وهو ما يسبب انجرافا للطبقات الترابية، وتتدفق المياه خارج المجرى. وأكد شرود، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن الفيضانات يمكن أن تكون بطيئة أو سريعة ومفاجئة حسب ظروف الطبيعة، موضحا أن الخطر يأتي من السيول الموحلة التي تنجم عن مرور مياه بدفق قوي فوق أراض فلاحية أو سطح طيني كما هو الحال بدكالة وهضاب الفوسفاط؛ وهو ما يشكل خطرا متزايدا على المباني والجسور وغيرها. ودعا الباحث، الذي يقود فريقا علميا لإنقاذ الواحات، إلى الحاجة الملحة إلى وضع خرائط توضح المناطق الخطرة بالمغرب وتسلط عليها الأضواء من أجل إنشاء بنية تحتية قوية وتَعَهُّدها، مشددا على ضرورة إنشاء السدود وتشجير جنباتها بالإضافة إلى صيانة الجسور والمنشآت وتوسيع المجاري وإنشاء قنوات لتصريف مياه السيول، في وقت لا يمكن فيه تغيير طبيعة التربة أو التحكم في العواصف الرعدية. من جهته، أفاد الحسين يوعابد، مسؤول التواصل بالمديرية الوطنية للأرصاد الجوية، بأن القاسم المشترك للتساقطات المطرية الأخيرة هو كونها أخذت طابع زخات رعدية محلية تنتج عنها تساقطات مطرية خلال فترة قصيرة، موضحا أن اقتراب منخفض جوي جنوب إسبانيا مقرون بآخر فوق جزر الكناري أعطى تساقطات مطرية همت بالأساس المناطق الشمالية والوسطى ومناطق الحوز وشيشاوة وغيرها. وتوقع يوعابد، ضمن تصريح لجريدة هسبريس، أن تساقطات ضعيفة ستهم اللوكوس والريف والشمال الغربي والواجهة المتوسطية خلال يومي الخميس والجمعة، مقرونة بانخفاض نسبي لدرجات الحرارة، مشيرا إلى أن الحرارة عادت إلى معدلها الموسمي الطبيعي خلال فصل الخريف.