تزايدت التخوفات من تكرار سيناريو الفيضانات التي شهدتها عدد من مناطق الجنوب الشرقي شهر نونبر من السنة المنصرمة وما تلاها من تداعيات، في ظل تنبؤات بتساقطات مطرية قوية قد تفوق 150 مليمترا بالريف والشرق غدا الثلاثاء، وبنيات تحتية هشة لا تستطيع تحمل هذه الكمية الكبيرة من الأمطار، ما قد يؤدي إلى اختناق مجاري الصرف الصحي وعجزها عن تمرير مياه الأمطار الغزيرة. أستاذ الجيولوجيا بمدينة الراشيدية، الدكتور علي شرود، لم يُخف تخوفاته من تكرار فيضانات السنة المنصرمة، علما أن تنبؤات الأرصاد الجوية تتوقع تجاوز التساقطات المطرية 150 مليمترا خلال 24 ساعة، موضحا أن هذه التساقطات تأتي بعد مرحلة جفاف، حيث تكون سلبية على المناطق الجنوبية أكثر من الشمالية، لكون المناطق الجنوبية غير معتادة على هذه الكمية الكبيرة من الأمطار، من جهة، وبسبب انجراف التربة والتعرية وضعف الغطاء النباتي، من جهة أخرى. الأستاذ الجامعي بكلية العلوم والتقنيات بجامعة المولى إسماعيل بالراشيدية أبرز أن التساقطات المطرية التي تشهدها البلاد تكون نفسها جنوبا وشمالا، إلا أن الاختلاف الذي يجعلها تؤثر بشكل سلبي على المناطق الجنوبية والجنوبية الشرقية يتمحور حول المناخ القاحل والجاف لهذه الأخيرة وطبيعة التربة الطينية "الأرجيلية" التي لا تسمح للمياه بالتسرب إلى الفرشات المائية، وترسب الأوحال التي ترفع من مستوى المياه بروافد وادي "زيز" و"درعة". في حين تساهم التربة الرملية في المناطق الشمالية والشرقية بنفاذ المياه من السطح وتغذية الفرشات المائية. وأشار الدكتور شرود إلى أن الغطاء النباتي يساهم بدوره في التقليل من انعكاسات التساقطات المطرية القوية، حيث لا يظهر تأثير كبير للتساقطات على مناطق الريف والأطلس المتوسط والشمال بسبب الغابات الممتدة والغطاء النباتي المتنوع والسهول المزروعة، في حين إن المناطق الجنوبية تفتقر إلى هذا الغطاء النباتي، ما يؤدي إلى انجراف التربة وتعريتها ويتسبب في خسائر وخيمة، زيادة على الاختلافات المتباينة بين البنيات التحتية بين مناطق الشمال والجنوب. ولفت المتحدث إلى ما أسماه "المربع الأسود بالمغرب"، الذي يمتد بين بوميّة وإدزر وخنيفرة ومريرت، والذي يهم حوضا كبيرا من 80 كيلومترا طولا و30 كيلومترا عرضا، وهو منطقة مأهولة بالسكان ومشيدة على تربة حمراء، ما يجعله أكثر عرضة للفيضانات خاصة مع جريان واد "سرو" عبر المنطقة بكاملها. من جهته، أفاد رئيس مصلحة التواصل بمديرية الأرصاد الجوية، الحسين يوعابد، بأن التساقطات المطرية المرتقبة الثلاثاء، التي قد تتجاوز 150 ميليمترا خلال 24 ساعة، تختلف عن تلك التي تسببت في فيضانات السنة الماضية، التي سجلت أزيد من 200 ميليمتر في يومين، الأمر الذي زاد من حدة حمولة الوديان، مؤكدا أن الأرصاد الجوية الوطنية تبقى في حالة إنذار ويقظة بالرغم من كل التوقعات. وأبرز يوعابد، في تصريح لجريدة هسبريس، أن كل التساقطات التي تتجاوز 80 ميليمترا في 24 ساعة تكون خطيرة على العموم، ما يجعل خلية اليقظة على أهبة الاستعداد وفي تتبع مستمر، موضحا أن المديرية قامت بإرسال نشرة إنذارية إلى جميع الجهات المعنية بالمملكة، خاصة الوقاية المدنية ووزارة الداخلية والدرك الملكي، إلى جانب المصالح الإدارية المكلفة بالنقل والصيد البحري وغيرها. يوعابد أفاد بأن نهاية الأسبوع الماضي والليلة الفائتة عرفتا تساقطات مهمة بالسواحل الأطلسية، بلغت 74 ميليمترا في الصويرة و18 ميليمترا بالبيضاء والشاون، و17 بمدينة تازة، و16 بالحسيمة، في حين تم تسجيل 9 ميليمترات بالرباط ، و7 بمكناس، و6 بالناظور، و5 بالعرائش، متوقعا أن تهم أمطار قوية جهة سوس الشياظمة وعبدة، ومدن أكادير وآسفي وتارودانت واشتوكة أيت باها، قد تتجاوز 40 ميليمترا خلال 24 ساعة، مضيفا أن بعض المناطق كالحسيمة والناظور والدريوش والسعيدية ووجدة وبركان، إلى جانب الواجهة المتوسطية، ستعرف يوم الثلاثاء أمطارا قوية تتجاوز 80 ميليمترا، وقد تصل إلى 150 ميليمترا.