استطاع الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، أن يكسب التحدي الذي رفعه عندما أعلن، قبل أيام من الانتخابات التشريعية التي جرت أول أمس الجمعة، عزمه مغادرة المشهد الحزبي والسياسي إذا لم يحصل تنظيمه السياسي على المرتبة الأولى. وباحتلال العدالة والتنمية للمرتبة الأولى، ب125 مقعدا نيابيا برلمانيا، يكون بنكيران قد رفع كم مقاعد حزبه مقارنة مع انتخابات 2011 ب16 مقعدا، ليعلن أن حياته السياسية مازالت مستمرة؛ وذلك بعد تمضيته تجربة حكومية استمرت لخمس سنوات. وتعد قيادة حزب الأصالة والمعاصرة، بزعامة أمينه العام إلياس العماري، أكبر القيادات الحزبية الفائزة في الانتخابات التشريعية الثانية لما بعد دستور 2011، إذ استطاع التنظيم أن يزيد عدد مقاعده ب55 مقعدا، ليتسلق الترتيب من المرتبة الرابعة في الانتخابات السابقة إلى الثانية ضمن الانتخابات الأخيرة. في مقابل ذلك، تراجعت أحزاب سياسية بشكل كبير، وحققت قياداتها فشلا ملفتا للانتباه في ضمان حضورها القوي بالغرفة الأولى من المؤسسة التشريعية، وهو ما سجله حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي تراجعت حصته ب19 مقعدا مقارنة مع الانتخابات السابقة، وأيضا حزب التجمع الوطني للأحرار بناقص 15 مقعدا، ثم حزب الاستقلال بناقص 14 مقعدا. من جهة ثانية، سجل حزب التقدم والاشتراكية تراجعا ملحوظا، مقارنة مع انتخابات 2011، إذ فقد 6 مقاعد برلمانية، في حين فقدت الحركة الشعبية 5 مقاعد بعد خمس سنوات من المشاركة الحكومية، وحزب الاتحاد الدستوري الذي كان في المعارضة سجل أقل الخسائر بفقدان 4 مقاعد. سعيد تمام، الباحث في العلوم السياسية والأستاذ بجامعة محمد الخامس بالرباط، سجل أن القيادات الحزبية التي فشلت في قيادة أحزابها نحو تحسين موقعها "لا يوجد أمامها أي خيار غير تقديم استقالتها"، مؤكدا أن "جميع الملاحظين يشهدون بأن العملية الانتخابية برمتها مرّت في أجواء عادية، ولم تشهد أي أعمال قد تكون غيّرت الإرادة الحقيقية للناخبين يُمكن الاستناد إليها لتبرير الفشل". وقال تمام في تصريح لهسبريس: "أستبعد إقدام أي من هؤلاء على الاستقالة كفعل ديمقراطي عاد جداً، لأن القيادي الحزبي المغربي اعتاد تعليق فشله على طرف آخر؛ قد يكون السلطة أو المال أو الدين"، مبرزا أن "هذا الفاعل لن يتجرأ على سلك الطرق التي يتيحها القانون للطعن في ذلك، لأنه في قرارة نفسه يدري بأنه هو من يتحمّل مسؤولية فشله وفشل حزبه". من جهة أخرى، أبزر الباحث ذاته أن "قادة أبرز الأحزاب التي انتكَست في هذه الانتخابات لم يترشحوا، باستثناء الأمين العام لحزب الاستقلال الذي، رغم فوزه بمقعد برلماني في فاس، إلا أنه قاد حزبه نحو تقهقُرِ انتخابي غير مسبوق عبر تاريخ الحزب"، مشيرا إلى أن "عدم ترشحهم لا تفسير له إلا أنهم لم يملكوا الجرأة لاختبار وزنهم الانتخابي والسياسي في صناديق الاقتراع". وأعلن تمام، في هذا السياق، أن "هؤلاء القادة سيتحججون لتبرير عدم قيامهم على الأقل بنقد ذاتي لفشلهم بأنهم لم يترشحوا"، مشددا على أنهم "لن يتركوا مقصورة القيادة إلا حين فقدانهم حق الترشح لولاية أخرى، أو حدوث انفجار داخلي يقوده الغاضبون".