بصم عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، على أسلوب جديد في التواصل السياسي في عز الحملة الانتخابية، بعد أن أجهش بالبكاء في تجمعات خطابية عدة، كان آخرها التجمع الذي حضره بمدينة تارودانت يوم الأحد، لتنتشر صوره على نطاق واسع على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية. بنكيران سبق وأن بصم على الفعل نفسه خلال لقاءات حضرها كرئيس للحكومة، كما وقع خلال حديثه عن وضعية المعاقين بالبرلمان، أو خلال حضوره لقاء بمناسبة فاتح ماي المنصرم؛ حيث بدا متأثرا بالمكانة التي يخصه بها أنصاره، بحسب ما قال في ذلك الوقت. إلا أن الظرفية السياسية الحالية التي تعرف انطلاق الحملة الانتخابية لما قبل موعد السابع من أكتوبر المقبل، جعلت التسابق السياسي يبلغ ذروته لاستمالة أكبر عدد من الناخبين، ويتنافس في ذلك السياسيون لتنظيم أكبر قدر ممكن من المهرجانات الخطابية في ربوع المملكة، واستغلال كل وسائل الإعلام لتيسير عملية التواصل السياسي. وإذا كانت الخطابات الحماسية للسياسيين تحاول تقديم البرامج الانتخابية في أفضل قالب، وتفتح جبهة الانتقادات يمينا ويسارا حول الأوضاع الحالية، مع تقديم وعود بأنها ستتحسن مستقبلا حالما يصل الحزب إلى تسيير الشأن العام، فإن التواصل غير اللفظي يحتل مكانته في هذه الحملة الانتخابية كذلك، خاصة مع حرص العديد من الزعماء السياسيين على التقاط صور مع الفئات الهشة بالمناطق الشعبية. إلا أن مشاهد بكاء بنكيران المتتالية في التجمعات الانتخابية الأخيرة، كانت من بين أبرز مظاهر الحملة الانتخابية التي تطرح أسئلة عدة حول الدوافع التي جعلت زعيم "المصباح" يذرف الدموع. مهدي عامري، باحث في الإعلام والاتصال، يرى أن "بكاء السياسيين" ليس بالصدفة أو بالطبيعي والعفوي مائة بالمائة، "فالأمر يدخل بالأساس في آليات التواصل غير اللفظي الذي يعد من بين اللبنات المهمة والأساسية للتأثير على الجماهير"، بحسب تعبيره. كما أن بكاء السياسيين ليس بالأمر النادر، يضيف المتحدث نفسه الذي وصفه "بفن البكاء"، مردفا أن بكاء بنكيران وإن كان الله من يعلم بالنوايا "لكن أعتقد أن هذا البكاء يتم توظيفه في أوقات معينة لأسباب خاصة، ويمكن اعتماده كجزء من الإستراتيجية التواصلية رغم أنها بالمعنى العصري لا يتم تطبيقها من طرف الزعماء السياسيين"، وفق قوله. الأستاذ بالمعهد العالي للإعلام والاتصال اعتبر أن اللجوء إلى البكاء "السياسي" ليس نادر الحدوث، بل وظفه العديد من الزعماء السياسيين قبل بنكيران، سواء في المغرب أو خارجه، ما يدخل بالأساس في التواصل غير اللفظي الذي أصبح يعتمد كذلك على الصور الرائجة في مواقع التواصل الاجتماعي لجلب أكثر قدر من المتابعات.