بعد ثلاث سنوات وشهرين على قرار وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية إغلاقها لدور القرآن التابعة لجمعية الدعوة إلى القرآن والسنة في مراكش، أعلن نشطاء سلفيون موالون للشيخ محمد المغراوي، رئيس الجمعية، خبر إعادة فتح جميع الدور التي كانت مغلقة في وجه روادها. هذا القرار المفاجئ خلّف انقساما في أوساط أتباع المغراوي حول الخلفيات التي تقف وراءه، خاصة أنه تزامن مع فترة حملة الانتخابات التشريعية؛ بين من قال إنها "صفقة" عقدها المغراوي مع حزب الأصالة والمعاصرة، وبين من أرجعها إلى تدخل ملكي مباشر، فيما لم يجد بعضهم حرجا في التحالف مع "البام". أما نفر منهم فدافعوا عن القرار دون أن يعلنوا عن حيثيات تنفيذه. وحسب مصادر مقربة من المغراوي، فقد جرى فعلاً فتح جميع دور القرآن بمراكش، حيث باشر طلبة الجمعية وأتباع المغراوي في تنظيف وتهيئة دار القرآن الرئيسية، الموجودة في منطقة "الرويدات" قرب شارع مولاي عبد الله (طريق آسفي)، فيما أوردت المصادر ذاتها لهسبريس أن الداعية المغراوي زار بنفسه المقر ذاته وجرى استقباله بالتمر والحليب. وراجت بقوة على مواقع التواصل الاجتماعي وعدد من الصفحات الإلكترونية أخبار تقول إن حزب الأصالة والمعاصرة تدخل أمام السلطات المحلية بمراكش من أجل فتح دور القرآن مقابل تصويت السلفيين لصالح مرشحي حزب "الجرار" في اقتراع 07 أكتوبر المقبل؛ غير أن عددا من مقربي المغرواي نفوا الخبر، واعتبروا النبأ "مغرضا" و"غير صحيح". وبث النشطاء أنفسهم تدوينات على موقع 'فسيبوك" والصفحات الرسمية التابعة لدور القرآن، كما كتب "المحجوب بلفقيه": "الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.. يسر الله فتح جميع دور القرآن المغلقة في مدينة مراكش، وأسأل الله أن يجزي خيرا كل من أسهم في هذا القرار المبارك". كما أورد "مولاي عمر الصاعد" بالقول: "خبر تأكد يا إخوان.. تم فتح دور القرآن بصفة رسمية ولله الحمد.. وذلك بعد الذهاب إلى عين المكان، للتأكد من صحة المعلومات". وفي الوقت الذي تحفظ مسؤولون في حزب الأصالة والمعاصرة، على الإجابة عن سؤال هسبريس حول حقيقة ما يروج من دعم المغراوي ل"التراكتور" مقابل ضغطه لفتح دور القرآن، أصدر مقرب من الداعية السلفي بياناً توضيحيا يقول فيه: "هاتفت الشيخ المغراوي شخصيا ونقلت له (..) ما كتبته الصحافة حول دعمه لحزب اﻷصالة والمعاصرة.. فأجابني الشيخ حفظه الله ورعاه بأن هذا افتراء وكذب وأنه لا توجد له ضيعة أصلا لا بنواحي أوريكة ولا غيرها..". أما "أبو ياسر أل خليفة"، فقال: "لنسلم بصدق إشاعة تحالف الشيخ المغراوي مع حزب "البام" هل هذا يخرجه من الملة يا أهل الحزبية المقيتة؟". وكتب ناشط سلفي آخر: "الشيخ المغراوي عالم جليل.. فضله كبير على فئة كبيرة من المجتمع المراكشي والمغربي ويأتي بعض الصبيان لم يتجاوزوا سن الرشد ويقذفوه بالتآمر مع حزب "البام" من أجل فتح دور القرآن مقابل التصويت على البام". وأتاحت مساحة الصمت التي اختارها المغرواي مناسبة لحمّاد القباج، رفيق المغراوي السابق والمنسق الوطني السابق لتنسيقيات دور القرآن بالمغرب، ليضع على صفحته بموقع "فيسبوك" سؤال: "من يقف وراء التلاعب بملف دور القرآن؟"، متهما جهات، لم يسمها، بأنها تقوم باستغلال السلطة "للقفز على القانون؛ وبدل أن يكون فتح دور القرآن بشكل قانوني ونزيه.. إذا به يتم بشكل عشوائي فوضوي وبمنطق انتخاباوي". وقال القباج إن من وصفها "الجهات" التي وقفت وراء منعه من الترشح للانتخابات "هي نفسها الجهة التي أمرت بفتح دار القرآن وهي الجهة التي نظمت مسيرة البيضاء"، موردا: "من المفارقات أن الدرس الذي دعوت فيه على اليهود الصهاينة وجعل سببا لمصادرة حقي في الترشح.. ألقيته في دار القرآن"، ليتساءل: "فمن هي هذه الجهة التي تعبث بدولة المؤسسات والقانون؟ وتتلاعب بالسلطة بهذا الشكل السمج؟؟". وسبق للشيخ المغراوي أن أصدر، خلال الانتخابات المحلية والجماعية الأخيرة للعام 2015، بيانا أورد فيه دعمه "للفاعلين السياسيين النزيهين والصادقين في خدمة ديننا ووطننا"، مضيفا: "ندعو للتصويت على الأصلح منهم تحقيقا لما أمكن من المصالح وتقليلا للشر"، ليتابع: "نرى أن هذا التصويت من الشهادة التي ينبغي أداؤها ما دامت الانتخابات تمر في جو تغلب عليه النزاهة والشفافية".