غاب أحد أشهر قوسَيْ شاطئ الكزيرة بسيدي إفني إلى الأبد، بعد أن كان يرسم أجمل اللوحات الطبيعية عند مغيب كل شمس؛ ذلك أن القوس الأصغر، كما يسميه سكان المنطقة، انهار زوال أمس الجمعة بعد أن تساقطت أجزاء منه شهر مارس المنصرم. وعن أسباب انهيار القوس الطبيعي الشهير والمصنف تراثا طبيعيا عالميا، أفاد علي شرود، أستاذ متخصص في جيودينامية الأرض والبيئة بكلية العلوم بالراشيدية، بأن أمواج المد والجزر هي السبب الرئيسي في انهيار القوس، خاصة أن الطبقات الرسوبية التي تكون المعلمة الطبيعية تتكون من "رمال متماسكة"، موضحا أنها صخرة سهلة الحث والنحت. وخلص الأستاذ الجامعي، ضمن حديث جمعه بجريدة هسبريس الإلكترونية، إلى أن الأمواج هي من كونت ونحتت القوس الشهير، وهي نفسها من قامت بإزالته، موضحا أن المكان كان عبارة عن مغارة نحتتها الأمواج لتغدو بعد آلاف السنين قوسا انهار أمس الجمعة، مؤكدا أن الأمر يتعلق بتوازن طبيعي تحدثه الأمواج لا يمكن وقفه. وأوضح شرود أن فالقين اثنين كانا ظاهرين بالقوس من جهة البحر، أحدها شكل درجة ميلان ب70 درجة نحو الغرب وآخر ب20 درجة نحو الشرق، معتبرا أن الفوالق لطالما شكلت مناطق ضعف وهشاشة، زد عليها الحث والنحت الذي تسببه أمواج المد والجزر التي تتكرر 4 مرات كل 25 ساعة. العربي بوضاض، الأستاذ الباحث في التراث بجامعة مولاي إسماعيل بمكناس، اعتبر أن انهيار القوس خسارة كبيرة للتراث الطبيعي المغربي، مشيرا إلى أن المغرب فقد معلمة طبيعية قل نظيرها، لافتا إلى أن الشاطئ المصنف تراثا عالميا غدا معروفا على الصعيد العالمي كما اكتسب شهرة دولية. وأوضح الباحث في التراث وجيولوجيا الزمن الرابع، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن المغرب يزخر بعدد من المواقع الطبيعية التراثية التي يجب الاعتناء بها وتثمينها والمحافظة عليها، فبالإضافة إلى قوسي لكزيرة الذي انهار أحدهما، ذكر الأستاذ الجامعي شلالات إيموزار على سبيل المثال، مشيرا إلى أن أبحاثا علمية ودراسات تقنية تجرى بهذه المناطق ولا يتم استغلالها للحفاظ على مثل هذه المآثر، على حد قوله. من جهته، اعتبر عبد الله بوشطارت، الإعلامي والفاعل الجمعوي بسيدي إفني، أن المنطقة فقدت معلمة ذات جمالية كبيرة، كانت تجلب السياح من خارج أرض الوطن لزيارتها ولو لساعات معدودة، في وقت تعيش فيه المنطقة على وقع بنية تحتية هشة، في ظل انعدام طريق معبد إلى الشاطئ. بوشطارت أكد، في تصريحه لجريدة هسبريس، أن انهيار القوس خلّف حالة من الحزن لدى سكان سيدي إفني الذين يقدسون الأرض والطبيعة، مشيرا إلى أن هذا الحدث خلق نقاشا ذا أبعاد تنموية واقتصادية وسياسية بين فاعلي المنطقة وشبابها ومتعلقة بالاعتناء بالقوس المتبقي والعمل على الزيادة في شهرته.