لامس يونس موستف، الباحث في العلوم السياسية، ما سماه "تحول السلطة" في الانتخابات المغربية، ضمن دراسة له ضمها كتاب صدر حديثا عن مركز تكامل للدراسات والأبحاث، معتبرا أن الانتخابات بشكل عام تحيل إلى أربعة أمور: السلطة، والاختيار، والتدبير، والتقويم. ويشرح موستف أن السلطة الفعلية للشعب تغيب لتعود في لحظة الانتخاب، لكونها لحظة استعادة السلطة المقررة للشعب في الأنظمة الديمقراطية، أو ما يعبر عنه ب "قوة المواطن في دولة ديمقراطية"، وأما الاختيار فيمارسه الشعب الذي يختار من يمثله، ويفترض أن الأحزاب السياسية قادرة على اختيار من يحسن تمثيلها. وأما التدبير في الانتخابات، وفق الباحث السياسي، فيكون من خلال تصريف القرارات والاختيارات السياسية وطنيا ومحليا، وأما التقويم فيعني به موستف أن لحظة الانتخابات تفيد الرجوع إلى الشعب لتحديد مستوى الرضا عن القرارات المتخذة وتقييمها، مما ينتج عنه تقويم الأحزاب إما بالتصويت لها أو لغيرها. وفي محور تضمنته دراسة الباحث المغربي حول الخطاب السياسي المؤطر لانتخابات 4 شتنبر الماضي، تطرق موستف إلى نموذج خطابات عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، خلال الانتخابات المحلية السابقة، موردا أن تحليل الخطاب السياسي لبنكيران يدل على طبيعة الصراع والرهانات المطروحة. وأفادت الدراسة ذاتها بأن "هذه الخطابات، التي قيل إنها شكلت دعامة أساسية لفوز حزب العدالة والتنمية بالعديد من المقاعد، اتسمت من الناحية الشكلية بزيارة مدن على مستوى ست جهات، فيما حصل الحزب على المرتبة الأولى في ثماني مدن من المدن التسع التي زارها بالبلاد. وأكمل الباحث ذاته بأن الخطب الجماهيرية للأمين العام لحزب العدالة والتنمية احتاجت ل 413.51 دقيقة في عشرة لقاءات، أي بمعدل 41 دقيقة تقريبا في اللقاء، مبينا أنه "بتتبع مضمون خطابات بنكيران في مختلف التجمعات أثناء الحملة الانتخابية، نجد أنها حافظت على بنية واحدة". ويشرح موستف قوله بأن خطب بنكيران ركزت على موضوعات معينة لم يخل تجمع من الحديث عنها، حيث تتمثل المواضيع الثابتة في خطاباته في الصراع الحزبي؛ بدءا بالتطور التاريخي للحزب، ووصولا إلى محاولة إضعاف الحزب وحله، في إشارة إلى حزب الأصالة والمعاصرة. وتركز خطابات بنكيران الانتخابية، وفق المصدر ذاته، على القرارات المتخذة على المستوى الوطني التي همت صندوق المقاصة، والتوظيف المباشر، والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، ومنح الطلبة، دون أن ينسى الحديث عن "الرأسمال الرمزي للحزب، بالإحالة الدائمة إلى قيم "النزاهة" و"الاستقامة" و"الصلاح". وتبعا للباحث، فإن بنكيران اعتمد في تصريف خطابه على العديد من الركائز؛ أولاها الوظيفة التعبيرية، إذ امتازت بدمج العربية الفصحى بالعامية المغربية التي طغت على خطبه، مستعينا بالأمثال الشعبية المغربية، أو الأبيات الشعرية مثل أشعار أحمد مطر، أو خطابات بعض الرؤساء، مثل ريغن. واستحضرت خطابات بنكيران، وفق موستف، بعض المعطيات التاريخية عن بعض المدن، من قبيل مدينة سلا باعتبار أنها أول مدينة حقق فيها بنكيران نجاحا ماليا وسياسيا، أو ما يربطه بها من وشائج، كما حصل في تطوان علاقاته الشخصية والدعوية مع الأمين بوخبزة مثلا، أو الانفعال العاطفي، مثل البكاء كما حدث في لقاء أزيلال. وعرج الباحث إلى ما تتضمنه خطابات بنكيران الانتخابية، مثل التفاعلية الرمزية، من خلال استحضار المشترك الشعبي ك"النية"، و"البركة"، و"المعقول"، و"التوكل على الله"؛ وكلها مفاهيم تقول الدراسة إنها توحي بنوع من "الطهرانية"، علاوة على سرد العديد من الأحكام الأخلاقية. وذهب موستف إلى أن حزب العدالة والتنمية حاول الابتعاد عن السجالات الهَوياتية والابتعاد عن المغالبة؛ لكنه ما ابتعد عن ذلك إلا ليقع فيه. فعلى الرغم من كون بنكيران يعرض نفسه على الجمهور السياسي بصيغة مفهومة وميسرة، فإن "الجدل السياسي، من خلال طابعه المهتاج، يجعل الشعور السياسي لدى المواطن في قمته".