أصبح "الحايك الصويري"، الذي كان يعتبر اللباس التقليدي العريق الخاص بالنساء، وشكل لقرون جزء من الأزياء المميزة لمدينة الصويرة، يسير نحو الزوال. ويلاحظ أن عددا قليلا من النساء الصويريات، اليوم، يرتدين هذا اللباس التقليدي المميز، غالبيتهم من المتقدمات في السن، الحريصات كل الحرص على الحفاظ على هذا الموروث الذي يمثل أحد مكونات التراث المغربي الغني المرتبط بالزي. وبعدما كان الحايك الصويري، الذي يعتبر رمزا للحشمة والوقار، حاضرا بقوة داخل المجتمع، أصبح اليوم يعاني من التهميش ويسير بشكل تدريجي نحو الاندثار، تاركا مكانه، بسبب العولمة، للملابس المستوردة من مختلف أنحاء العالم. الحاجة أمينة، المنحدرة من هذه المدينة، والتي تعد من بين النساء القلائل ب"مدينة الرياح" اللائي لازلن يرتدين هذا اللباس التقليدي، تعتبر أن الحايك كان لباسا مفضلا لدى النساء المغربيات بالنظر إلى سهولة استعماله، مقارنة مع الألبسة المستعملة في الأعراس أو الحفلات الأخرى. وقالت المتحدثة إن خصوصية الحايك بمدينة الصويرة تتمثل في كونه، في الغالب، غطاء من الصوف طويلا جدا، يحمل خطوطا زرقاء عريضة في أطرافه، مشيرة إلى أن الحايك، المطرز بدقة، يتم حزمه تحت الذراعين ويلف الجزء الآخر منه مرتين حول الرأس. وبالنسبة للحاجة أمينة، التي يتجاوز عمرها السبعين سنة، فإن الحايك، الذي له مظهر خاص، بقي لعدة قرون لباسا نسويا بامتياز، ويؤكد ارتباط المرأة وتشبثها بهويتها وبالقيم الثقافية والحضارية العريقة، مبرزة أن الحايك كان غير منفصل عن الطابع المحافظ للمجتمع الصويري. غير أنها أعربت عن أسفها لكون الحايك، الذي يعتبر عنصرا من الثقافة المحلية، أصبح اليوم جزء من حقبة تاريخية مضت، حيث أضحى شبه غائب من المشهد الصويري، تاركا مكانه لأزياء أخرى، في غياب لأي محاولات لتثمين هذا الزي التقليدي الأصيل وإحيائه من جديد ، خاصة عبر إيلاء قطاع الصناعة التقليدية اهتماما أكبر به من أجل التعريف به لدى الأجيال الصاعدة. أما السيدة زينب، وهي من ساكنة مدينة الصويرة وفاعلة جمعوية، فترى أن الحايك افتقد اليوم بشكل كبير بالمدن الكبرى، ولا يرى إلا لماما، بمدن كشفشاون والصويرة، حيث لازال يقاوم أنماط الألبسة المعاصرة. ولاحظت أن هذا الزي العتيق اندثر بسبب الأزياء المستوردة من الدول الغربية أو الشرق الأوسط، وترك مكانه أيضا للجلباب المغربي الخاص بالنساء، الذي استطاع مواكبة التحولات التي عرفها المجتمع، وأصبح حاضرا بشكل يومي ضمن الألبسة الأساسية ولكن بطراز ونمط جديد. واعتبرت في المقابل أن ارتداء اللباس المعاصر يشكل دليلا على التحول الذي عرفه المجتمع الصويري على الخصوص والمغربي على العموم وانفتاحه على الثقافات الأخرى. ورغم أنه أصبح من القليل جدا مشاهدة نساء يرتدين الحايك بشوارع مدينة الصويرة، إلا أن هذا الزي التقليدي العريق الذي كان مصدر إلهام لعدد من الشعراء والفنانين التشكيليين والفوتوغرافيين، يبقى دوما حاضرا في ذاكرة أهل هذه المدينة وموضع تقدير واحترام. * و.م.ع