تقترب "الحرب" بين رجال السلطة المحلية والباعة المتجولين في الأسواق والساحات العمومية وأمام المساجد من نهايتها بعد الخطاب الملكي الذي تناول ضرورة معالجة الظاهرة بما يتماشي وضمان حقوق هذه الفئة، واحترام المجال المشترك والملك العمومي. وبينت "الحرب" المستمرة بشكل جلي إصرار الباعة الجائلين على عرض بضاعتهم بالملك العام، رغم ما يتعرضون له من مضايقات ومصادرة لسلعهم، ما يعني أن المشكل يفرض مقاربة جديدة تأخذ بعين الاعتبار الانتماء الوطني للباعة، وحقهم في العيش الكريم، مع احترامهم حق الآخر في الأمن والسكينة. وفرضت الظاهرة نفسها خلال السنوات الأخيرة على تفكير أصحاب القرار، بسبب إقدام الباعة على احتلال الملك العمومي وعرقلة السير والجولان، ما يؤدي إلى عدة مشاكل، أهمها إزعاج السكان، ومنع دخول سيارات الإسعاف إلى أزقة بعينها. في هذا السياق، وتنزيلا لما جاء في الخطاب الملكي بخصوص الباعة الجائلين، بادر المجلس الجماعي لمدينة مراكش إلى "عصرنة وتحديث ممارسة تجارة القرب للباعة الجائلين، لضمان السلامة والصحة والسكينة لرواد فضاءات القرب المعنية، وضمان الصيانة والنظافة والحراسة". "بمناسبة عيد العرش تم الاطلاع على نماذج من العربات ستستعمل من طرف الباعة المذكورين، بعد أن قامت لجنة متخصصة بتحديد المواقع العمومية التي يمكن أن تكون موضوع رخص احتلال مؤقت للملك العمومي، من أجل إحداث فضاءات لاستقبال الباعة الجائلين"، يقول محمد العربي بلقايد، رئيس المجلس الجماعي للمدينة الحمراء، لهسبريس. وأوضح المسؤول المذكور أن "الباعة المتجولين يتوزعون بمدينة مراكش على فئتين، الأولى تضم باعة سوق الشارع، ويشكلون 25 في المائة من العدد الإجمالي للباعة الجائلين، ويتمركزون في 30 موقعا؛ والثانية تهم باعة السوق الدائم، ويشكلون 75 في المائة، ويتمركزون في 37 موقعا". وأورد المتحدث ذاته أن "لجنة بالمجلس ستقوم بمنح رخص الاحتلال المؤقت للملك العمومي، وتنظيم حملات توعية ودورات تكوينية لفائدة الباعة الجائلين، ووضع دفاتر التحملات الخاصة باستعمال واستغلال التجهيزات الممنوحة لهم". "كما ستشرف الهيئة المشار إليها على اختيار التجهيزات الكفيلة بعصرنة القطاع، والتنسيق بين الفاعلين والمتدخلين في تنظيم ممارسة التجارة بالتجوال، وتحديد المخالفات والعقوبات، وإعداد التقارير عن مدى التقدم في تنفيذ المشاريع التنظيمية والصعوبات المطروحة"، يضيف مسؤول الشأن المحلي بعاصمة النخيل. يذكر أن عدد المستفيدين من العملية سيصل إلى3637 بائعا، يزاولون 38 نوعا من الأنشطة التجارية ب 67 موقعا، أكثرها في حي المحاميد والداوديات وباب الدباغ، وضمنهم 2127 بائعا يمارسون أنشطة متعلقة بالحاجيات التجارية اليومية، ويمثلون بذلك 56.8 في المائة من مجموع الباعة الجائلين بمدينة مراكش.