بعد تعديل نسخته الأولى مرتين، مازال مشروع قانون الوصول إلى المعلومات متعثرا في البرلمان، إذ لم تتمكن اللجنة المختصة بمناقشته من برمجة جلسة المصادقة عليه؛ ويُعزى ذلك حسب مصادر إعلامية إلى عدم موافقة بعض القطاعات على بعض التعديلات التي تقدمت بها فرق الأغلبية والمعارضة على المشروع. ولا يحظى مشروع قانون الوصول إلى المعلومات في الصيغة التي قُدم بها إلى البرلمان بترحيب من طرف المنظمات الحقوقية والإعلامية والهيئات المشتغلة في مجال الشفافية.. محمد العوني، رئيس منظمة حرية الإعلام والتعبير (حاتم)، قال في تصريح لهسبريس: "إذا كان القانون سيخرج بالصيغة المعروض بها أمام البرلمان فمن الأحسن ألّا يخرج". وتعتبر هذه الهيئات أن مشروع قانون الوصول إلى المعلومات في "صيغته الثالثة" لا ينسجم مع الفصل 27 من الدستور فحسب، بل جاء مُتراجعا حتى عن النسخة الأولى التي أعدّت سنة 2013. وقال العوني في هذا السياق: "هذه الصيغة تكريس وضع سيّئا كان قائما في مجال الوصول إلى المعلومات، وسلوكات يريدون أن يجعلوها ثقافة عامّة للتعتيم وحجب المعلومات وتغييب الشفافية". وينص الفصل 27 من الدستور على أنّ "للمواطنات والمواطنين حق الحصول على المعلومات، الموجودة في حوزة الإدارة العمومية، والمؤسسات المنتخبة، والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام". وحسب منظور الفصل ذاته فإنه "لا يمكن تقييد الحق في المعلومة إلا بمقتضى القانون، بهدف حماية كل ما يتعلق بالدفاع الوطني، وحماية أمن الدولة الداخلي والخارجي، والحياة الخاصة للأفراد، وكذا الوقاية من المس بالحريات والحقوق الأساسية المنصوص عليها في هذا الدستور، وحماية مصادر المعلومات والمجالات التي يحددها القانون بدقة". العوني عبر عن خيبة أمله في مشروع القانون الحالي، وقال إنه جاء ليعاقب طالب الحصول على المعلومات، وليس تشجيعه، وهو ما يتناقض مع الفصل 27 من الدستور، مضيفا: "إذا خرج القانون بالصيغة التي أعدّ بها مشروعه فإنه سيكون فضيحة حقوقية دولية للمغرب". وانتقد رئيس منظمة حرية الإعلام والتعبير (حاتم) النظرة "التقليدية" التي طبعت إعداد مشروع قانون الوصول إلى المعلومات، قائلا: "المسؤولون المتخوفون من انتشار المعلومة لديهم نظرة تقليدية إلى العمل الإداري والأمن المعلوماتي، وهم غير واعين باللحظة التي نعيشها، ويعيشون في عصر قديم". وأضاف العوني أنّ تسييج المعلومات بقوانين تعيق حصول المواطنين المغاربة عليها لن يمنع من انتشارها، مضيفا: "نحن في عصر المعلومة بامتياز، وتداولها بدون قيود، ومهما كانت العراقيل فإن الباحثين ومنجزي التقارير يستطيعون العثور على المعلومات المحجوبة عنهم من طرف الإدارة المغربية في الخارج".