على هامش مبادرة "مؤسسة المشروع " .. الحوار بدل الاحتراب قبل الحديث عن مبادرة مؤسسة المشروع باستدعاء الأمين العام لحزب العدالة والتنمية لأمسية فكرية رمضانية لابد من التذكير ببعض المنطلقات المبدئية التي غالبا ما يتم القفزعليها كلما كانت الأجواء متشنجة, أو صدمة حدث ما قوية على النفوس وصعبة الاستيعاب له بسهولة : أ : إن الحوار بين مختلف مكونات الحقل السياسي على اختلاف مواقعها ومواقفها ومرجعياتها هو السلوك الديمقراطي والحضاري المطلوب نهجه من طرف الجميع من أجل تدبير سلمي عقلاني ,لا انفعالي وعاطفي للاختلاف القائم بين تلك المكونات التي تؤطر الفضاء العمومي سياسيا وإيديولوجيا, من مواقع مختلفة .. ب : إن الاحتراب, في زمن تصالح المغرب مع ماضيه, وفي ظرفية إقليمية ودولية أكدت كوارثها وأهوالها على حتمية الحوار والتوافق كشرط لازم لأي بناء ديمقراطي سليم, لا معنى له اليوم, خاصة في الظرفية المغربية الخصوصية حيث التطلع إلى تعزيز المكتسبات الديمقراطية من خلال تفعيل تشاركي ديمقراطي لدستور 2011 ج: إن الفعل السياسي , والحزبي بخاصة, يظل مرتجل الخطى ,وفاقدا للبوصلة بدون قيامه على أساس ثقافي فكري متين, وكل محاولة سياسوية لتوظيف الثقافي ( مثقفون وكتاب ومؤسسات ثقافية ..) لهدف سياسي محدود الأفق, أي في "تكتيك" معين في لحظة سياسية معينة ( انتخابية مثلا), هي إساءة بالغة للفعلين معا... انطلاقا من هذه البديهيات _ المبدئيات , أسجل هن الملاحظات التالية : 1_إن قرار استدعاء السيد عبد الإله بنكيران لهذه الأمسية الفكرية ,هو في نهاية التحليل قرار سياسي مائة بالمائة, رغم صدوره عن مؤسسة ثقافية تنعت بالمستقلة. وشخصيا لم يفاجئني هذا القرار: فوضعية حزب الإتحاد الاشتراكي بعدانتخابات4 شتنبر, وانشقاق تيار واسع عنه, وتفكك صف تحالفاته السابقة ..الخ, جعل " رؤوسا" من قيادته تخطط لهدف قريب, ومشروع على كل حال ,هو حيازة موقع مشرف في خريطة ما بعد7 انتخابات أكتوبر, ولم لا في الحكومة المنبثقة عنها ولو كانت بقيادة البيجيدي؟؟ وعليه, فقد تكون هذه المبادرة مقدمة لعلاقة سياسية جديدة بين الحزبين, بعد سنوات من" التطاحن الكلامي" و " المشاعر السلبية" التي يصعب تجاوزها بعقد مثل هذا اللقاء, إني أتفهم جيدا كل ردود الفعل القوية المناهضة لهذه المبادرة, رغم اختلافي مع أسلوبها المؤسف, ومع بعض حيثياتها المشدودة إلى ماضي لم تعد هناك جدوى سياسية لاستدعاء أحداثه في الحاضر, لأن ذلك لن يشكل سوى عائقا إضافيا لانتقالنا الديمقراطي المعطل منذ سنوات . 2 _ إن قيادة الإتحاد الاشتراكي مطالبة بالوضوح مع مناضلي وأطر الحزب بخصوص التحالفات , وبخصوص الأفق القريب والمنظور لخطها السياسي بكل ما يقتضيه ذلك من مجهود" بيداغوجي" وإقناعي وشفاف, خاصة إذا كانت "رؤوسها"( أي القيادة) تنوي وضع يدها في يد البيجيدي بعد الانتخابات وتحقيق حلم بنكيران برؤية الإتحاد إلى جنبه في الحكومة المنبثقة عن نتائج انتخابات 7 أكتوبرالمقبل. 3 _ وأختم هذه الإشارات الوجيزة بالتأكيد على أن الحوار, (بدل الإحتراب ),بين اليسار وبين الإسلاميين مطلوب بإلحاح ,وأكثر من أي وقت مضى , و لذلك لابد من العمل الجاد والصادق والهادف على توفير فضاءاته المستقلة فعلا عن أي حساب سياسوي أو براغماتي فج . وإذا كان حزب ما يسعى لتليين أو تحسين علاقته بحزب آخر فله الحق الكامل في ذلك ولكن بمنطق السياسة لا "بلبوس الثقافة " .