لا يجد المدخنون الصائمون مانعا من تدخين السيجارة أو الشيشة بعيد رفع آذان المغرب إيذانا بحلول وقت تناول الإفطار، وكثيرون منهم لا يستسيغون إلا طعم الدخان كأول ما يبدؤون به إفطارهم بعد ساعات طويلة ومتواصلة من الصيام. ولعل التوقف عن التدخين لساعات عديدة يوميا خلال شهر الصيام، اختبار حقيقي لهؤلاء المدخنين، خصوصا أن منهم من وصل درجة مرتفعة من الإدمان على مادة النيكوتين المسببة للإدمان على السجائر، والتي تصل المخ في أقل من عشر ثوان. ويعد الامتناع عن الأكل والشرب خلال شهر رمضان لعدة ساعات في اليوم وتغيير الإنسان لعادات جهازه الهضمي، دليلا على قدرة الإنسان على التحكم في رغباته وسلوكياته الروتينية تصل إلى الحد من عاداته غير الصحية والتوقف عن ممارستها. الطبيبة هدى الوليل، اختصاصية أمراض الجهاز التنفسي، تعتبر أن المدمن على التدخين بأنواعه يعاني من العصبية والتوتر والحرمان أكثر مما يعاني من الشعور بالجوع أو العطش، "ليلجأ هذا الشخص مباشرة بعد وقت الإفطار إلى تدخين السجائر، ما يؤدي إلى دخول كمية مفاجئة من النيكوتين إلى الرئة، وبالتالي مرورها إلى مختلف أعضاء الجسم عن طريق مجرى الدم". وأوضحت الطبيبة المختصة، ضمن حديث جمعها بجريدة هسبريس الإلكترونية، أن النيكوتين يتسبب في ارتفاع دقات القلب وتقلص في عضلاته ويرفع من مستوى ضغط الدم، مشيرة إلى تسببه، كذلك، في ارتفاع وتيرة الجهاز التنفسي ونقص في عمق عملية التنفس، ما يؤثر على نقل الأوكسجين من الرئة إلى مجرى الدم، فضلا عن تقلص الأوعية الدموية وارتفاع معدل السكر في الدم وارتفاع إفراز بعض الهرمونات كهرمون الكورتيزون. مقابل ذلك، أبرزت المتحدثة أنه وبعد 20 دقيقة فقط على الإقلاع عن التدخين، ترجع دقات القلب إلى وتيرتها الطبيعية، ويتخلص الجسم من نصف كمية أول أكسيد الكربون بعد 8 ساعات، أما بعد 24 ساعة فيتخلص الجسم من كل كمية أول أكسيد الكربون، وتبدأ الرئتان في التخلص من شوائب دخان السجائر ليصبح الجسم خال من مادة النيكوتين، وتبدأ حاسة التذوق بالتحسن عقب 48 ساعة. وأفادت الوليل بأنه بعد 72 ساعة، تبدأ شعيبات القصبة الهوائية في الاسترخاء وتتحسن عملية التنفس، مؤكدة أن المكاسب الصحية لقرار التوقف عن التدخين لا تتوقف عند هذا الحد، بل مع الاستمرار في عدم التدخين، ينخفض احتمال الإصابة بأزمات قلبية بنسبة 50 بالمائة منذ السنة الأولى، دون نسيان تلاشي احتمال الإصابة بمختلف السرطانات الناتجة عن المواد المسرطنة الموجودة في السجائر. "الوعي وإدراك الأضرار والمكاسب، وخلق حافز حقيقي داخلي مع طلب الدعم من المحيط الخاص وتفادي الجلوس بصحبة مدخنين خلال فترة الإقلاع، وخلق وتطوير عادات ايجابية صحية وممتعة كالرياضة أو الهوايات، مع تغذية متوازنة وصحية، كل هذه النصائح ساعدت في الواقع العديد من الراغبين في الإقلاع عن التدخين"، تختم الاختصاصية في أمراض الجهاز التنفسي حديثها مع هسبريس.