من غير المستبعد أن يكون إعلان الأمانة العامة لجبهة البوليساريو عن وفاة زعيمها رئيس الجمهورية الوهمية محمد عبد العزيز، عن عمر يناهز 68 سنة، إثر مرض عضال كان يتلقى العلاج منه في الولاياتالمتحدةالأمريكية، قد سبقه تحديد لخليفته الذي سيرث تركة أزيد من أربعة عقود من الصراعات حول الصحراء المغربية. ولعل من أبرز التساؤلات التي يطرحها عدد من المتتبعين للقضية، ما إذا كانت وفاة ولد عبد العزيز الذي استمر على رأس الأمانة العامة لجبهة البوليساريو طيلة 40 سنة، حيث تم تجديد "انتخابه" على رأسها العام المنصرم، بداية لنهاية جمهورية وهمية وقضية مفتعلة تجد ركائز وداعمين لها بالجزائر، خاصة وأن ولد عبد لعزيز يعد أحد مؤسسي جبهة البوليساريو الأساسيين وركيزة الجزائر لتطبيق مشاريعها بالمنطقة. البشير الدخيل، أحد مؤسسي جبهة البوليساريو، والعائد إلى أرض الوطن، كان له رأي آخر، مؤكدا أن وفاة "زعيم الجبهة" لن يكون لها أي تأثير على نهاية الانفصال، مشيرا إلى أن الحدث يأتي في سياق وضع خطير بالمنطقة، وأوضاع إنسانية وحقوقية واقتصادية متردية بمخيمات تندوف، وفي ظل عدم تداول السلط وعدم الاستجابة لطموحات الشباب، والأحداث الإرهابية بشمال إفريقيا، ما سيفرض نوعا من الراديكالية وإبراز جماعات شبابية متشددة. وأوضح الدخيل، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن الجزائر وبعد الانقلاب على الشهيد مصطفى السيد الوالي، جاءت بعبد العزيز ووضعته على رأس الجبهة وجعلته يطبق السياسات الجزائرية وروح فكرة بومدين التي تقول بجعل "الصحراويين حجرة في حذاء المغرب". وأفاد المتحدث بأن الجزائر تعلم علم اليقين أن الصحراء لا يمكن أن تنفصل، كما لا يمكن وجود دولة سادسة في المنطقة، إلا أنها تستمر في تطبيق مناوراتها بوجود البوليساريو على أراضيها، كما أنها لن لم تسمح بتداول السلطة؛ حيث تم إبعاد قياديين وعدد منهم أودع بالسجون. كما أنها ترفض تماما أن تعطي الشباب الفرصة على اعتبار أنهم يتمتعون بمستوى تعليمي ومعرفي عال، وتفضل الإبقاء على الأسماء ذاتها والأشخاص أنفسهم. وعن سمات الخليفة المفترض لعبد العزيز، أكد البشير الدخيل أن الاختيار لن يتجاوز من لهم جذور جزائرية من الذين ينحدرون من القبائل التي تتحكم فيها الجزائر، إضافة إلى ضرورة أن يكون موضع ثقة وتكون له شعبية تسمح له بلعب دور عبد العزيز والدفاع عن مصالح الجزائر، مؤكدا أن هذه الأخيرة لن تعطيهم حق الاختيار. أمّا رحال بوبريك، مدير مركز الدراسات الصحراوية بجامعة محمد الخامس، فقد سار في الاتجاه نفسه، معتبرا أن التنظيم الانفصالي قائم بعبد العزيز أو بدونه، على اعتبار أنه مرتبط بالجهاز العسكري الجزائري وجنرالاته المتحكمين في كل صغيرة وكبيرة على المستويات العسكرية والأمنية والسياسية، بالإضافة إلى تلقي قياديي الجبهة كل المؤازرة من طرف دولة الجزائر. وأبرز المتحدث، ضمن تصريحه لهسبريس، أن وفاة محمد عبد العزيز قد تغير تفاصيل صغيرة في جبهة البوليساريو وتغير اسم رئيس الجمهورية الوهمية، إلا أنها لن تغير طريقة عملها وأهدافها في العمق؛ فالجزائر وضعت ثقتها في أشخاص بعينهم، لافتا إلى أن مرض المراكشي كان معروفا واشتداد مرضه كان معلوما منذ شهور، ما سنح بفرصة ترتيب البيت الداخلي للبوليساريو وعملها على ضمان الاستمرارية منذ المؤتمر الأخير.