مفهوم الاستفتاء يقودنا إلى الحديث عن الأدبيات التي تدرس في النظرية العامة للقانون الدستوري، وهنا يجب أن نميز بين الاستفتاء الدستوري والإستفتاء السياسي،حيث يحيل الاستفتاء الدستوري إلى تدخل الشعب بكل حرية للتصويت على نص قانوني إما بالموافقة أو الرفض، في حين يقصد بالاستفتاء السياسي بتدخل الدولة واستخدام أجهزتها وإعلامها بالتأثير على المواطنين لتصويت على مشروع يعكس وجهة نظر الدولة. استفتاء سريع وادي زم يضعنا أمام جمهور عريق وقوي يناضل من أجل التصويت على مشروع يضع فريق سريع وادي زم في سكة القسم الوطني الثاني، جمهور استحق لقب ملوك الهواة، جمهور استطاع أن يزيل كل الأشواك التي زرعها المستعمر، جمهور له غيرة منقطعة النظير تجعله يحج لمساندة فريقه داخل قلاعه وخارجها وبدون تعبئة وبدون إمكانيات، جمهور له شعار مركزي بكم نثق، خلفكم نقف، معكم حتى النهاية. ليس من قبيل المبالغة القول، أنه لا يوجد جمهور في قسم الهواة أو حتى القسم الوطني الثاني مثل جمهور سريع وادي زم، جمهور قوي التنظيم دائم في متابعته، وصامد في فترات حرجة عانها منها فريق سريع وادي زم، جمهور لم يفكر بالتنازل أو التخلي عن فريقه، جمهور يتابع ويشجع فريقه خارج الملعب وإلى آخر لحظات ولعل المقابلة ما قبل الأخيرة ضد نهضة سطات خير دليل على تضامن جمهور سريع وادي زم وصبره إلى الدقائق الأخيرة من المباراة بالرغم من سوء ظروف الأحوال الجوية. وهنا أشير إلى إدريس الذي يشتغل في مصبنة لتصبين وتحديد الملابس،يشتغل إدريس أكثر اثني عشر ساعة فياليوم، ولم يحضر في مسيرات فاتح ماي للاحتجاج على انتهاك حقوق الشغيلة والمطالبة باحترام الحد الأنى للأجر كما هو مقرر في مدونة الشغل لسنة 2005، وعلى عكس عادته، إدريس ابن حي المسيرة أقنع مُشغله بضرورة التغيب لمتابعة فريقه سريع وادي زم، واحتج على قرار الجامعة لمنع جمهور سريع وادي زم لخمس مقابلات. وحال إدريس، لا يختلف عن كريم الحاصلعلى إجازة من كلية الحقوق والذي انخرط في حركة حقوقية أطلق عليها حركة بغيت حقي في الشغل، حركة سلمية تُطالب بالمساواة في مباريات التشغيل، كريم بالرغم من توفره على شهادة جامعية فإنه يشتغل مساعدا لعمه في ورشة للنجارة حتى يغطي مصاريفه اليومية، وأحيانا للسفر لمتابعة فريقه خارج الميدان. وحال كريم، يختلف عن حال المعطي الذي يشتغل مساعدا لبيع أوراق التذاكر في المحطة الطرقية، لا يهمه أن الحكومة لم تصدر مرسوما (قانونا) ينظم مهنة مساعدي بيع التذاكر ولا يهمه مطالبة المجلس البلدي بالتعجيل لبناء محطة طرقية في مدينة وادي زم، لكنه سبق وأن احتج على السلطات من أجل بناء ملعب لفريق سريع وادي زم، ويطالب أحيانا الحكم بتصويب بعض قراراته داخل المباراة وهمه الوحيد صعود فريق سريع وادي زم للقسم الثاني. وحال المعطي، يختلف عن حال عبد العزيز متقاعد في المكتب الشريف للفوسفاط ، يحب فريق سريع وادي زم كحبه لأبنائه يكرس جهدا من وقته لكتابات ولمقالات قد تشكل حافزا للفريق في الاستمرار في عطائه ، وأحيانا يُطلق مدفعيته الجريئة لكل من سولت له نفسه التطاول على ميزانية الفريق ، ولك أن تتخيل أن فريق سريع وادي زم بكل مكوناته أمثال إدريس والمعطي وكريم وعبد العزيز ، يختلفون من حيث انتماءاتهم ومن حيث إيديولوجيتهم ولكنهم أجمعوا على فكرة واحدة هي فكرة الاستفتاء على جعل فريق وادي زم في القسم الوطني الثاني في أفق أن يتطور المشروع والارتقاء بالفريق إلى القسم الوطني الأول. نجاح فكرة الاستفتاء، جاء نتيجة التقاء عوامل متقاطعة، من بينها؛ وجود مكتب مسير يشتغل ليل نهار من أجل رسم الهندسة العامة لمشروع الاستفتاء الذي يضع فريق سريع وادي زم في الريادة الكروية، والكل يعترف بالمجهودات التي بدلها المكتب المسير للفريق والأشواك التي تخطاها والمعاناة التي مر ومازال يمر منها في سبيل إنجاح مشروع رياضي يعكس تاريخ ونضال مدينة وادي زم، ويعبر عن استفاقة فريق عريق رآكم تجربة عريقة في قسم الهواة. شروط نجاح مشروع الاستفتاء ظل مُرتبطا بمدرب يتوفر على تجربة وكارزماتية قوية لقيادة الفريق، وهنا إنصافا للتاريخ الرياضي، لابد أن من شكر مدربي الفريق، سواء المدرب السابق الذي بدل مجهودات كبيرة في بداية الموسم، كما لابد من شكر المدرب الحالي الذي أنقد الفريق في لحظة حرجة ومفصلية كانت قد تجهض حلم جماهير مدينة وادي زم. إن نجاح مشروع الاستفتاء على سريع وادي زم، وحصوله على ثلاثة نقط ذهبية من صحرائنا الحبية ، يرتبط بقوة الفريق الذي يتوفر عليه سريع وادي زم، فريق بعناصر شابة تتوفر على مؤهلات عالية تجعلها قادرة على منافسة محترفي البطولة الوطنية، فريق بعناصر توفق وتجمع بين منهجيه العمل الجماعي والتقنيات الفردية، فريق يستحق بأن نحتفل به ونشجعه وندعمه في القادم من الأيام. *باحث في القانون الدستوري والعلوم السياسية